شيد الاحتلال الإسرائيلي منذ العام 2010 مجموعة من الجدران الحدودية الهادفة إلى ضمان أمن إسرائيل وحماية حدودها من مختلف الجهات والجبهات، ويأتي تشييد هذه الجدران بعد فشل إسرائيل في تحقيق أمن سكانها رغم الاغتيالات والمجازر والحروب التي شنتها على مختلف الجبهات.
ويعكس إنشاء هذه الجدران مقاربة رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو المستندة إلى “الأمن” ونظرية “الجدار الحديدي”، التي تذهب إلى أن الاعتماد على القوة وتعزيز التفوق العسكري وعزل إسرائيل “أمنيا” عن محيطها تمثل أفضل ضمانة للحفاظ على أمنها.
وشيد ستة جدران إسرائيلية وزعت على الحدود مع مصر والأردن وسوريا ولبنان وقطاع غزة، إضافة إلى الجدار الأكبر في الضفة الغربية.
وتستعرض هذه المادة أهم الجدران الإسرائيلية:
جدار الفصل بالضفة
أكبر وأهم الجدران الإسرائيلية، بنته إسرائيل في الضفة الغربية قرب الخط الأخضر، “لمنع دخول السكان الفلسطينيين إلى إسرائيل أو المستوطنات القريبة” بدأ بناؤه في 23 يونيو/حزيران 2002، في عهد رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أرييل شارون.
يمرُّ جدار الفصل عبر أراض مأهولة وزراعية في الضفة الغربية، ويحول دون وصول الفلسطينيين إلى بعض الشوارع المحلية وبعض الحقول، كما أن مساره في المنطقة الشمالية يعزل أكثر من 5000 فلسطيني في مناطق “مغلقة” بين الخط الأخضر والجدار. وأسست السلطات الإسرائيلية شبكة من البوابات في الجدار ونظام تصاريح مرور للتحرك خلاله، وقد أثبتت تلك النظم عدم جدواها في توفير حياة عادية للسكان.
ويبلغ طوله في الضفة الغربية المحتلة 770 كيلومترا، بينها نحو 142 كيلومترا في الجزء المحيط بالقدس، والمسمى غلاف القدس، أما ارتفاع الجدار فيصل إلى ثمانية أمتار. أنجز منه 539 كيلومترا، أي نحو 70%، وهناك نحو 62 كيلومترا قيد الإنجاز تشكل 8% منه، ليبقى ضمن المخطط نحو 170 كيلومترا، أي نحو 22%.
جدار غزة
جدار إسمنتي مسلح فوق الأرض وتحتها، بدأت قوات الاحتلال الإسرائيلي بناءه في سبتمبر/أيلول 2016 على طول الحدود مع قطاع غزة، بهدف توفير الحماية للمستوطنات القريبة من الشريط الحدودي، ومواجهة خطر الأنفاق التي تحفرها المقاومة الفلسطينية، تفوق ميزانية بنائه نصف مليار دولار.
يصل طول جدار غزة الإسمنتي عشرات الكيلومترات بالمنطقة الحدودية بين إسرائيل والقطاع، ويقام بعمق كبير في باطن الأرض للحيلولة دون تسلل مقاتلي المقاومة الفلسطينية، وقد وصفه رئيس أركان الجيش الإسرائيلي غادي إيزنكوت بأنه “المشروع الأكبر في تاريخ الجيش الإسرائيلي”.
وتبلغ قيمته المالية ملياري شيكل (532 مليون دولار)، وتحدثت الصحافة العربية عن أن الكلفة قد تصل إلى مليار دولار، ويهدف أساسا إلى إقامة عائق من الإسمنت المسلح.
وكانت الصحف قد ذكرت في أغسطس/آب 2016 أن وزارة الدفاع الإسرائيلية نشرت عطاءات لأعمال حفر وبناء للجدار الجديد بطول 60 كيلومترا ليحيط بقطاع غزة كله، لكنها لم تحدد الفترة الزمنية التي سيستغرقها إقامة الجدار الذي سيمتد ارتفاعه لأمتار عدة أسفل الأرض وفوقها.
من أهم خصائص الجدار أنه يبنى على عمق كبير في باطن الأرض، ويتكون من طبقات عدة تحت الأرض وفوقها.
جدار الأردن
جدار إسرائيلي يبلغ طوله ثلاثين كيلومترا على الحدود الشرقية مع الأردن، وتبلغ كلفة تشييده 300 مليون شيكل (نحو 78 مليون دولار). وأعلن عنه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الأول من يناير/كانون الثاني 2012، حين أكد أن حكومته ستبني جدارا أمنيا على الحدود مع الأردن وعلى طول وادي عربة (واد ضيق وطويل يمتد من جنوب البحر الميت حتى البحر الأحمر).
ويهدف الجدار -حسب ما أعلنته إسرائيل- إلى حماية حدودها مع الأردن ومنع تسلل مهاجرين أفارقة إلى إسرائيل.
ويتضمن المشروع شق طرق وإقامة أبراج مراقبة ووسائل متابعة ورصد متطورة ووسائل حماية قرب مطار إيلان رامون الذي يقام بجوار منطقة تمناع، ويشارك عشرات المقاولين ومئات الشاحنات التابعة لدائرة الهندسة والبناء في وزارة الدفاع الإسرائيلية في إقامة هذا المشروع.
جدار مصر
وافقت الحكومة الإسرائيلية مطلع العام 2010 على بناء جدار على امتداد جزء من الحدود مع مصر، مع تركيب معدات مراقبة متقدمة بذريعة “منع تسلل المهاجرين غير الشرعيين والنشطاء لضمان الهوية الديمقراطية واليهودية لإسرائيل”.
وذكر موقع يديعوت أحرونوت الإلكتروني أن نتنياهو صادق على خطة لبناء جدار على طول الحدود من مدينة إيلات في خليج العقبة حتى تقاطع الحدود بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة، بتكلفة مالية تصل إلى 400 مليون دولار.
وقال نتنياهو في الاجتماع إن بناء الجدار “هو قرار استراتيجي يضمن الحفاظ على الهوية اليهودية والديمقراطية لإسرائيل”، وأضاف أن “إسرائيل لن تسمح باستخدام حدودها من أجل إغراقها بالعمال الأجانب غير القانونيين”.
وفي مطلع أغسطس/آب 2017 ذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أن سلطات الاحتلال تخطط لبناء جدار عازل أسفل الأرض على حدودها الجنوبية مع مصر، نظرا لما وصفته بعجز قوات الأمن المصرية حتى الآن عن شلّ حركة التنظيمات المسلحة في سيناء، وخشية من امتداد عملياتها إلى داخل إسرائيل.
ويشبه هذا الجدار جدارا آخر تشيده إسرائيل على حدودها مع قطاع غزة، وتقول صحيفة “يديعوت أحرونوت” إنه “تمت المصادقة في المرحلة الأولى على كيلومتر واحد فقط، بما يساعد الجيش الإسرائيلي على تحديد أي أنفاق تحفر في سيناء، ومع استمرار البناء فإن الجداد سيمتد ليصل 3 كيلومترات”.
وتهدف إسرائيل من بناء الجدار إلى “إبعاد تهديدات تنظيم الدولة الإسلامية الذي يخطط للتسلل عبر الأنفاق من خلال صحراء سيناء”. ولم يسبق لتنظيم الدولة أن نفذ هجمات ضد أهداف إسرائيلية لا في إسرائيل ولا خارجها.
جدار الجولان
جدار الجولان جدار إسرائيلي أقرت حكومة الاحتلال بناءه على حدود الهضبة التي تحتلها منذ العام 1967. وكشفت القناة الثانية أواخر يونيو/حزيران 2011 أن الجدار سيبلغ ارتفاعه ثمانية أمتار ويمتد على طول أربعة كيلومترات قرب بلدة مجدل شمس وتحديدا تل الصيحات أو تل الصراخ، وهي المنطقة التي يتبادل فيها أهالي الجولان المحتل الحديث عبر مكبرات الصوت مع أقربائهم داخل الأراضي السورية.
واتضح لاحقا أن الجدار يمتد على طول سبعين كيلومترا بمناطق حدودية مع سوريا لم تصنف في السابق بالخطرة. ويمتد الجدار من منطقة الحمة في جنوب الهضبة حتى معبر القنيطرة بشمال الجولان المحتل.
جدار لبنان
جدار حدودي إسمنتي بدأت إسرائيل بناءه في مارس/آذار 2012 بطول كيلومتر واحد تقريبا وارتفاع يصل إلى ثمانية أمتار يفصل بين بلدة كفر كلا اللبنانية ومستوطنة المطل الإسرائيلية.
وتطل بلدتا كفر كلا والمطلة إحداهما على الأخرى، ويمكن للمارة مراقبة كل ما يحصل في أراضي الجانبين اللبناني والإسرائيلي بوضوح، كما أنهما تشكلان بوابة مشتركة.
الجزيرة