بغداد – يدرس رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي اتخاذ ثلاث خطوات تتضمن تحركات عسكرية ردا على الاستفتاء. وتتمثل هذه الخطوات في الدفع بقوة كبيرة لتطويق شركة نفط الشمال في كركوك، وإعادة نشر قطعات عسكرية في محيط مركز كركوك، وإرسال قوة مسلحة للسيطرة على معبر إبراهيم الخليل الحدودي في دهوك، بين تركيا وكردستان العراق.
وعمليا، يمكن للجيش العراقي وقوات الحشد الشعبي، تنفيذ الخطوتين الأوليين في أطراف كركوك وعلى حدودها، لكن الخطوة الثالثة ربما تتطلب إنزالا عسكريا، نظرا لأن بغداد لا تملك طريقا مباشرا نحو هذه المدينة التي تقع ضمن حدود إقليم كردستان.
وصوت البرلمان العراقي الاثنين على قرار يلزم رئيس الوزراء حيدر العبادي بنشر قوات في المناطق التي استولى عليها الأكراد منذ احتلال العراق عام 2003، ما يزيد من فرص الاحتكاك بين البيشمركة والقوات العراقية وميليشيا الحشد الشعبي.
وقال القيادي في منظمة بدر، صاحبة الثقل في ميليشيا الحشد، كريم النوري “وجهتنا القادمة ستكون كركوك والمناطق المتنازع عليها المحتلة من قبل عصابات مسلحة خارجة عن القانون ولا تلتزم بأوامر القائد العام للقوات المسلحة” في إشارة إلى البيشمركة.
وتضم المناطق المتنازع عليها بين الأكراد والحكومة المركزية محافظة كركوك الغنية بالنفط، ومناطق متفرقة في محافظات نينوى وديالى وصلاح الدين شمال البلاد وواسط في وسط البلاد.
إجراءات بغداد حيال أربيل
◄ تطويق شركة نفط الشمال
◄ نشر قطعات عسكرية في مركز كركوك
◄ السيطرة على معبر إبراهيم الخليل الحدودي مع تركيا
واعتبر مراقب سياسي عراقي أن الحكومة العراقية لن تجد ما ييسر لها القيام بالإجراءات التي أعلنت عنها إلا إذا بدأت تركيا وإيران في تنفيذ الإجراءات التي وعدتا بالقيام بها.
وأكد المراقب في تصريح لـ”العرب” أنه من غير حصار تركي ــ إيراني لن يكون أي إجراء عراقي نافعا، خاصة أن كل ما يمكن أن تفعله الحكومة العراقية في هذه المرحلة لن يصل إلى مستوى استعمال القوة المسلحة حتى في إطار المناطق المتنازع عليها التي سيكون الاقتراب منها بمثابة إعلان حرب على الأكراد.
وأخضع الأكراد المناطق المتنازع عليها في إطار الحرب على داعش وقد تكون كركوك هي واحدة من أهم نقاط التماس التي يعتقد المراقب أن الحكومة العراقية ستتحاشى الاقتراب منها بالرغم من لغة التصعيد التي اعتمدها البرلمانيون العراقيون في تصريحاتهم، وأنها ستضطر للانتظار إلى أن تتضح صورة الموقفين الإقليمي والدولي.
وحذر المراقب من أن التهديد باستعمال القوة يشكل مشكلة للعبادي أكثر مما يؤثر في الموقف الكردي، لافتا إلى أن الأكراد مطمئنون إلى أن اللجوء إلى القوة سيؤدي إلى نتائج إيجابية على مستوى تضامن العالم معهم ومع دعوتهم للانفصال عن دولة يغلب عليها الطابع الديني.
وتداولت وسائل إعلام محلية، تصريحات منسوبة لمصدر في مكتب العبادي، تؤكد “بدء التنسيق مع دول معنية لإيقاف التعاون مع الإقليم بخصوص المنافذ الحدودية والمطارات وتصدير النفط”.
وقال المصدر “أبلغنا تلك الدول بعدم التعامل إلا من خلال الحكومة الاتحادية وأن تلك الدول أبدت موافقتها وتم اتخاذ إجراءات فعلية بخصوص ذلك”.
وأضاف أن “توجيهات صدرت للجهات الرقابية والقضائية المختصة لمتابعة الأموال المودعة في حساب الإقليم وبعض السياسيين من واردات بيع نفط الإقليم بعيدا عن الحكومة الاتحادية”.
وتقول مصادر وثيقة الصلة بمكتب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، إن “بغداد، بالتنسيق مع طهران وأنقرة، تتجه نحو فرض حصار اقتصادي محكم على إقليم كردستان على خلفية الاستفتاء”.
ماذا بعد
وتضيف المصادر أن “بغداد أطلعت الزعماء الإيرانيين والأتراك على خططها في هذا الشأن، وتلقت الدعم بشأنها”.
وتشير إلى أن زيارة رئيس أركان الجيش العراقي الفريق أول الركن عثمان الغانمي مؤخرا إلى أنقرة، شهدت مباحثات بشأن خطط محاصرة كردستان، وجرى إبلاغ إيران بالنتائج، وأن “هذا السيناريو يحظى بموافقة أميركية بوصفه بديلا عن تدخل عسكري تنفذه تركيا وإيران، لمنع انتقال عدوى الاستقلال إلى الملايين من الأكراد من مواطني الدولتين”.
وصدرت من العواصم المجاورة للإقليم تعليقات حاسمة بشأن الاستفتاء الكردي متفقة على رفضه، ولكن إجراءات هذه الدول في التعامل مع كردستان العراق لم تتغير.
وحذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأن بلاده قد توقف الصادرات النفطية الكردية، وقال “سنرى لمن ستبيع حكومة إقليم كردستان نفطها، تركيا هي التي تسيطر على الصمام”، في إشارة إلى خط أنابيب كركوك – جيهان الذي يربط حقول النفط في شمال العراق بالموانئ النفطية في البحر المتوسط.
ولوح أردوغان باستخدام القوة إذا لزم الأمر، وقال “كما قمنا بتحرير جرابلس والراعي والباب من داعش في سوريا، وإذا ما اقتضت الضرورة فإننا لن نتوانى عن اتخاذ نفس هذه الخطوات في العراق”.
وأعلنت شركة الخطوط الجوية التركية أن رحلاتها المقررة إلى مدينة أربيل، تسير دون عقبات.
وقبل ذلك نفى وزير الجمارك والتجارة التركي بولنت توفكجي إغلاق معبر الخابور الحدودي مع العراق في اتجاه واحد، ولكن وزارة الخارجية التركية أعلنت أنها وسعت نطاق تحذير السفر بخصوص مدن العراق ليشمل دهوك وأربيل والسليمانية.
وقالت طهران إن معبري “برويز خان، وباشماخ”، بين كردستان العراق وإيران، يعملان بشكل طبيعي ولم يجر إغلاقهما كما أشيع.
وبدا أن إقبال المصوتين الأكراد على الاستفتاء ضعيف في معظم المراكز المعدة لاستقبالهم، لكن أعدادهم ازدادت مع انتصاف النهار وسط أجواء أمنية هادئة. ووفقا لمصادر “العرب” فإن نسبة الإقبال إلى حدود الخامسة مساء لم تجاوز الـ50 بالمئة في إجمالي المناطق المشمولة بالاستفتاء داخل الإقليم وخارجه.
وأدلى معظم قادة الأحزاب السياسية الكردية ومسؤولي الإقليم بأصواتهم في مناطق متفرقة، بعد تراجع الاعتراضات الداخلية الكردية إلى أدنى مستوياتها، قبل ساعات من موعد بدء الاقتراع وهو الساعة الثامنة صباحا من يوم الاثنين.
وعلى غير المتوقع لم تشهد كركوك التي تسكنها أعراق مختلطة، احتكاكات بين الأكراد والعرب والتركمان خلال ساعات الاستفتاء، باستثناء حادثة واحدة أدت إلى مقتل رجل في قوات البيشمركة الكردية، عندما دخل بعجلته إلى حي ذي أغلبية تركمانية. ولكن السلطات الأمنية في المحافظة فرضت حظرا على حركة السيارات قبل إغلاق صناديق الاقتراع بنحو ساعة واحدة.
العرب اللندنية