د.سليم محمد الزعنون*
وصلت روسيا ومصر لاتفاق أولي يسمح للطائرات العسكرية للدولتين بتبادل استخدام المجال الجوي والقواعد الجوية ، من خلال تقديم إشعار مسبق قبل خمسة أيام، ومن المتوقع أن تصل مدة الاتفاق لـ خمس سنوات، ويمكن تجديده.
ويأتي الاتفاق في إطار تقارب المواقف بين موسكو والقاهرة ، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية والليبية ، *ويحمل الاتفاق دلالات بالنسبة لمصر ، وروسيا ، والولايات المتحدة.*
أولاً : بالنسبة لمصر.
تعتبر الخطوة امتداد لتحرك مصري بدأ عام 2013 باتجاه تعزيز العلاقات مع روسيا رداً على قرار “أوباما” بالتعليق الجزئي للمساعدات الأمريكية لمصر بعد فَض اعتصام رابعة.
وتعزز هذا الاتجاه بعد أن قامت إدارة “ترامب” بوقف بعض المساعدات لمصر تُقدر بحوالي 290 مليون $، في إطار برنامج المساعدات الأميركية.
وتسعى مصر لنسج علاقات مباشرة مع روسيا والجيش الروسي كبديل محتمل لاعتماد الجيش المصري على الأسلحة والمساعدات والمعدات والصيانة الأمريكية.
ثانياً : بالنسبة لروسيا
يعتبر الاتفاق خطوة في استراتيجية الانتشار الروسي في الشرق الأوسط، الذي تقلص مع انهيار الاتحاد السوفيتي، ونهاية الحرب الباردة، مقابل تزايد الحضور العسكري الأمريكي.
تعتمد موسكو على سياسة اختراق حلفاء الولايات المتحدة ، من خلال التعاون مع أقرب الحلفاء العرب لواشنطن .
ثالثاً : بالنسبة للولايات المتحدة.
يُشكل الاتفاق علامة على تراجع النفوذ الأمريكي الدولي، على المستوى العسكري والدبلوماسي في أرجاء العالم.
دبلوماسياً : قلصت قوتها الدبلوماسية في العالم، حيث غادر الخارجية الأمريكية منذ يناير الماضي 100 مسؤول دبلوماسي بارز .
ولم تعين الإدارة الأمريكية مبعوث لشؤون الشرق الأدنى، ولم تعين بعد مساعدا لشؤون شرق آسيا، كما لم تعين سفراء في السعودية وتركيا والأردن ومصر وقطر وكوريا الجنوبية.
عسكرياً : مازالت مستمرة في سياسة الانكفاء وعدم التدخل العسكري في الأزمات الخارجية، وفي هذا الإطار تراجعت عن الدعم العسكري للمعارضة السورية ، وعن هدف الإطاحة بالأسد.
ويُمثل ذلك إضافة إلى عوامل أخرى مؤشرات على إعادة الهيكلة في بنية النظام الدولي.
وحدة الدراسات الدولية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية