الاهتمام الدولي والعربي بالمعارضة السورية “بألوانها كافة” تراجع في العامين الاخرين، وبدا زخم هذا التراجع يتصاعد بعد فشل مؤتمر جنيف بنسختيه الاولى والثانية، وتغير الاولويات الامريكية الغربية بالتركيز على محاربة الارهاب.
المشهد السوري المعارض يبدو الآن في حالة اقرب الى الانهيار شبه الكامل، فالائتلاف الوطني السوري الذي حصل على اعتراف قبل ثلاثة سنوات من الجامعة العربية ومؤسسة القمة بأنه الممثل الشرعي للشعب السوري، والبديل للنظام، بات حاليا يعاني من الافلاس المالي والسياسي بعد انفضاض معظم داعميه عنه مثل تركيا وقطر والسعودية، حتى انه لم يدع لارسال وفد لحضور قمة شرم الشيخ العربية الاخيرة الشهر الماضي.
انشغال العرب والمملكة العربية السعودية ودول الخليج بالذات بالحرب الحالية المستعرة في اليمن، سيزيد من وضع الائتلاف السوري صعوبة وتعقيد، ولذلك بدأت بعض الجهات المعارضة من خارجه تبحث عن صيغ ومخارج لتشكيل كيان بديل، ولكن تحت المظلة المصرية هذه المرة، وهذا ما يفسر ما اعلن عنه الدكتور هيثم مناع قبل يومين في القاهرة حيث من المقرر ان يعقد مؤتمر جديد تحت عنوان المؤتمر الوطني الديمقراطي السوري الذي من المتوقع ان تشارك فيه ما يقرب من 150 شخصية من بينها السادة لؤي حسين واحمد الجربا رئيس الائتلاف السابق، الى جانب الدكتور هيثم مناع رئيس هيئة التنسيق الوطني السوري سابقا.
الذين يشرفون على تنظيم مؤتمر القاهرة القادم الذي سيعقد مطلع شهر ايار (مايو) المقبل يقولون انه سيكون مختلفا لان دائرة التمثيل فيه اوسع من المؤتمرات واللقاءات السابقة، وسيركز على الحوار مع نظام الرئيس بشار الاسد بشكل مباشر، وطرح جميع المواضيع على مائدة البحث، بما في ذلك رحيل الرئيس السوري.
الطموحات كبيرة، لكن امكانية النجاح تبدو محدودة، لان هناك فصائل سورية معارضة بدأت التشكيك في هذه الخطوة قبل ان تبدأ، وعادت الخلافات على المناصب والزعامة في الظهور ايضا، وهي خلافات ليست جديدة ولا مفاجئة لانها خيمت على المشهد السوري المعارض منذ اللحظة الاولى.
تبني القاهرة للكيان الجديد التي يأخذ موقفا مرنا تجاه النظام السوري، والدعم السعودي الخفي، وهشاشة الائتلاف الوطني ووقف الدعم المالي القطري والسعودي عنه كلها عوامل تجعل لقاء القاهرة المنتظر مختلفا بعض الشيء، ولكن معارضة النظام له تظل واردة، رغم عدم اشتراطه رحيل الرئيس السوري لاي مفاوضات مقبلة، فاذا كان النظام السوري لا يستطيع الاتفاق على معارضة “اكثر مرونة” اثناء حوار موسكو الاخير، وجاء معظم اعضاء وفدها من الداخل، فربما يكون من الصعوبة التوصل الى حوار واتفاق مع الكيان الجديد المعارض، ولكن هذا لا يعني عدم المحاولة وطرق كل الابواب لوقف سفك الدماء، وتآكل الوحدتين الجغرافية والديمغرافية لسورية.
مؤتمر القاهرة القادم في حال انعقاده ربما يكون فرصة لاعادة تقييم كل المرحلة الماضية باخطائها، واولها الاعتماد على الدعمين العربي والامريكي، حيث يغرق الطرف العربي في الحرب اليمنية، التي تبدو حفرة بلا قاع، بينما تتقارب امريكا من ايران حليفة النظام، وتوشك ان تعتمدها حليفا استراتيجيا في المنطقة.
“راي اليوم”