في التاسع عشر من يناير (كانون الثاني) الماضي، اعترفت إيران بمقتل محمد علي الله دادي مع آخرين إلى جانب 5 عناصر من حزب الله اللبناني من بينهم جهاد عماد مغنية، هؤلاء قتلوا بغارة إسرائيلية حين كانوا في القنيطرة. وبالطبع، فجنرالات طهران ومعهم عناصر حزب الله كانوا في القنيطرة، على بعد عشرات الكيلومترات من إسرائيل، ولم يكونوا هناك لتفحص المنطقة قبل بدء معركة مع تل أبيب.. بل لإبادة الشعب السوري باسم الحرب على “التكفيريين” و”الدواعش” حماية لنظام الأسد ومصالح إيران في المنطقة.
وهذه الحادثة ليست الأولى، فهناك حوادث في العراق كذلك ظهر فيها فقاعة المقاومة قاسم سليماني في صور على مشارف مدينة تكريت ومدن أخرى، وبالطبع ليس للتجهيز للقيام بغزوة باسم “المقاومة” لإسرائيل، بل لعمليات إبادة طائفية باسم قتال “داعش”، وهي الحجة التي من خلالها استطاع (سوبرمان) طهران الظهور مرة في سوريا وأخرى في العراق لإنعاش النفس الطائفي، وتبرير قتل المدنيين لأجل الانتصار في الحرب “المقدسة”، كما قال عنها أكثر من مرة رئيس الوزراء العراقي السابق ونائب الرئيس الحالي نوري المالكي.
وحين يأتي الحديث عن جهود إيران في القتل والتدمير وإبادة المدنيين، يظهر لنا في الصورة بشكل مباشر حسن نصر الله، الذي يقول إن إيران لا تتدخل في اليمن، ويرى أنه كان على السعودية أن تحزم الأمر في تحرير فلسطين !؟
سيد حسن، المسافة بين القنيطرة وتل أبيب عشرات الكيلومترات فقط، والمسافة بين دمشق وتل أبيب 214 كيلومترا، ومثلها المسافة بين بيروت والعاصمة الإسرائيلية 211 كيلومترا، وصدقني لن تتأخر الرياض التي تبعد عن تل أبيب أكثر من 1476 كيلومترا في دعم أي عمل عربي إطلاقاً، لكن ما يلاحظه الجميع أن مقاومة الحزب انتقلت من مقاومة إسرائيل إلى مقاومة المدنيين وكسر إرادة الشعوب، مرة بالقتال في القنيطرة وأخرى في القصير ورفع أعلام الحزب، وكل ذلك طبعا باسم “قتال التكفيريين”! الحجة واهية، بل من المضحك أن يخرج شخص يتبع جماعة الحوثي، وهو يخزن القات، على شاشة المنار التابعة لحزب الله ويقول : “سنطرد جميع التكفيريين من عدن”!
حسناً يا سيد حسن، المسافة قريبة بينك وبين تل أبيب، ولعلك تعلم أنك أحرجت “القومجية” الذين استماتوا في الدفاع عنك سنين مضت، ولم يصدقوا حين رأوا أعلام حزبك في القصير ومحافظات ومراكز ومدن سورية أخرى.. أحرجتهم وقتلت حجة “المقاومة”.
حسن نصر الله يتحدث في خطابه المتلفز الذي أذيع يوم الجمعة الماضي عن “أوضاع المنطقة” بلغة مرتبكة، ضاع فيها المنطق، الى درجة أنه نفى ما أثبتته طهران واعترفت به؛ فهي أقرت بقتلاها في العراق وسوريا، وهو يقول إنها لا تتدخل. هل مات كل أولئك ميتة طبيعية؟ أم وهم يدافعون عن أرض فلسطين مثلاً؟ وهو يعلم أنهم ماتوا للدفاع عن نظام بشار الأسد بدوافع طائفية بحتة، ولتثبيت قدم لطهران في سوريا.
يقول نصر الله إن طهران لا تتدخل في اليمن، لكن طائرات الأسلحة التي كانت تصل للحوثيين يومياً بالتأكيد كانت مليئة بالمفرقعات والحلوى، أو ببالونات هوائية يستطيعون من خلالها تحرير فلسطين.. وخصوصاً حين يرفعون شعار “الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل” ثم يقتلون العزل ويحاولون فرض الطائفية باسم قتال التكفيريين.
يجب ان يعلم السيد حسن أن أميركا واليهود ليسوا في عدن. فنحن في عالم ثورة المعلومات والاتصال والأرشفة، ومحرك البحث “غوغل” يستطيع مساعدتك في الحصول على تصريح شامخاني الجنرال الإيراني الذي يتفاخر بأن طهران باتت على مشارف باب المندب، وأنت تقول إن إيران لا تتدخل في اليمن. أشعر بمرارة حزنك، فلا الهلال سيتم، ولا الكماشة تمّت. وعاصفة الحزم التي تقودها السعودية لإنقاذ اليمن، عصفت بأهواء الكثيرين وبددت أحلامهم، فلم يعد لهم سوى تتبع سراب طهران التي أضاعت كل شيء، وسنرى جنرالاتها يعودون إلى حجمهم الطبيعي بعد أن يموت المشروع الطائفي ويكتشف الجميع لاحقاً، أن طهران لا تدعم القضية الفلسطينية ولا إعمار فلسطين، بل تدعم الفصائل المطيعة لها، وتعلم ويعلمون أن الرياض لم تتأخر يوما عن دعم قضية فلسطين، فلا مجال للمزايدة هنا، بل عليك أن تجرب استعادة الجولان ومناوشة إسرائيل بجيش المقاومة، بدلاً من استعراض العضلات على المدنيين، ومباركة البراميل المتفجرة، ثم البكاء على حال اليمن.
اليمن في أيد أمينة، عرب يدافعون عن عرب من هجمة الفرس، هكذا يقول المنطق، لكن عمى المواقف هو ذاك الذي يدفع البعض الى أن يروا السعودية ولا يرون إيران، ويعتبرون جولات السوبرمان سليماني الفارسي على أراضي العرب انتصارا، بينما يرون أن تلبية نداء رئيس شرعي في اليمن (حرب)!.
هكذا هي “عاصفة الحزم”، أربكت حسابات ومنطق الناطقين باسم طهران.
عضوان الاحمري
الشرق الاوسط