بعد غياب عن الساحة الدولية في أعقاب سقوط الاتحاد السوفياتي، عادت روسيا فلاديمير بوتين إلى التدخل العسكري الذي عرفت به من أيام القياصرة إلى الحقبة السوفياتية، فما الدوافع التي جعلتها تتدخل في سوريا الآن؟
رسميا، تقول موسكو إنها تتدخل هناك لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية، لكنها في حقيقة أمرها جاءت لإنقاذ نظام بشار الأسد تدفعها لذلك ستة أسباب، بحسب تقرير لصحيفة لوجورنال دو ديمانش الفرنسية:
أولا، تعتبر روسيا نفسها حامية حمى مسيحيي الشرق، ولذلك فإن الروس ما فتئوا -في معرض تبريرهم التدخل في سوريا- يتحدثون عن التهديد الذي يواجهه مسيحيو سوريا الذين يمثلون 7-9%.
ثانيا، المصالح الروسية الاقتصادية في سوريا مهمة لكنها ليست حاسمة، صحيح أن ميناء طرطوس يوفر قاعدة بحرية هي الوحيدة لروسيا على البحر الأبيض المتوسط وبوابتها على “البحار الدافئة”، كما تمثل قاعدة اللاذقية الجوية ثاني أكبر أسطول عسكري لروسيا في المنطقة.
ومن الأمور المهمة كذلك لروسيا أن تحبط محاولات قطر لبناء خط أنابيب يمر عبر سوريا يمكن أن ينافس خط الغاز الروسي إلى أوروبا، ناهيك عن كون نظام بشار الأسد زبونا كبيرا لمبيعات الأسلحة الروسية.
ثالثا، تريد موسكو الحيلولة دون انتشار عدم الاستقرار السوري إلى بلدان على حدود روسيا، إذ يرى الكرملين أن لهيب الشرق الأوسط يمكن أن يمتد بسرعة إلى آسيا الوسطى والقوقاز، وهو ما ترى فيه تهديدا مباشرا لأمنها، وربما لهذا السبب يعتبر بوتين أن موجات الربيع العربي مثلت تهديدا لأمن بلده.
رابعا، تريد روسيا أن تقف في وجه الهيمنة الأميركية وأن تغير النظرة إليها بوصفها “قوة إقليمية”، إذ كان الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما قد أثار حفيظة الكرملين عندما وصف روسيا في عام 2014 بأنها “قوة إقليمية” تفقد نفوذها شيئا فشيئا.
وترى الباحثة الفرنسية إيزابيل فوكون في التدخل الروسي بسوريا ردا مباشرا على تصريحات أوباما، ولسان حالها يقول “نحن قوة عالمية يمكننا أن نتدخل متى ما هددت مصالحنا”.
خامسا، روسيا تخشى تغيير الأنظمة التي تدور في فلكها، ولا تريد أن يظل الغرب يبعد نفوذها في المناطق تلو المناطق، كما فعل في جورجيا وأوكرانيا وقرغيزستان وروسيا البيضاء ولبنان والعراق وليبيا.
سادسا، يرفض الروس الفكرة الغربية القائمة على “التدخل من أجل حماية” المدنيين، ويشككون في حدود “المسؤولية عن الحماية” التي هي أهم المبررات الغربية للتدخل، وترى أنها تتم وفق معايير عشوائية للغاية.
فموسكو لم تستطع أن تنسى سابقة الحرب في ليبيا، إذ اكتفت بالامتناع عن التصويت بدل اللجوء للفيتو ضد قرار إقامة منطقة حظر جوي في ليبيا، مشترطة ألا يكون ذلك بدافع قلب النظام، ورأت في إعدام معمر القذافي انتهاكا للقرار، ولذلك فهي تستخدم حق النقض الفيتو في كل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بسوريا.
المصدر : الصحافة الفرنسية