القمة العربية تعيد الدفء إلى العلاقات التونسية الإماراتية

القمة العربية تعيد الدفء إلى العلاقات التونسية الإماراتية

تونس – لا تخفي أوساط سياسية تونسية تفاؤلها بالنتائج التي حققتها مشاركة الرئيس الباجي قائد السبسي في القمة العربية، خاصة استعادة علاقات تونس الإيجابية مع دول مثل مصر والإمارات، وهي علاقات تأثرت بحسابات حزبية داخلية أثرت على المصالح التونسية الدبلوماسية والاقتصادية.

ولفتت الأوساط إلى اللقاء الذي جمع الرئيس التونسي في مدينة الظهران السعودية بالشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، وبحضور الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير شؤون الرئاسة في دولة الإمارات.

وأبدى الرئيس التونسي خلال اللقاء إصراره على إعطاء الدفع اللازم للعلاقات، وقد وجه دعوة مفتوحة للشخصيات الإماراتية التي قابلها لزيارة تونس. وأكد التزام بلاده وحرصها على أن تكون علاقاتها جيدة مع كافة الدول العربية، منوها بما يجمع تونس والإمارات من التزام مشترك بخدمة المصلحة الثنائية والدفاع عن القضايا العربية العادلة.

وتوقعت أوساط حكومية في تصريح لـ”العرب” أن تحصل حركية جديدة على مستوى العلاقات السياسية والاقتصادية مع الإمارات خلال الفترة القادمة، خاصة عودة المستثمرين ورجال الأعمال، وإنهاء مشاريع كبرى كانت الإمارات بدأت بتنفيذها في السنوات التي سبقت 2011 مثل مشروع سما دبي الذي كان حلا مهما من بين الحلول المطروحة لأزمة البطالة في البلاد.

وفي 2017، عاد الحديث بقوة عن أن مشروع سما دبي سيستأنف نشاطه، وهو المشروع الذي أطلق في 2007 وحمل رهانات كبيرة في تونس، وكان متوقعا أن تصل الاستثمارات فيه إلى 25 مليار دولار، لبناء مدينة جديدة لحوالي 250 ألف ساكن على ضفاف بحيرة تونس الجنوبية.

واعتبر عبدالله العبيدي، وهو دبلوماسي سابق وخبير في العلاقات الدولية، في تصريح لـ”العرب”، أن لقاء السبسي بالشيخ محمد بن راشد من شأنه أن يعيد الحيوية للتعاون بين البلدين ويفتح أمامهما باب الشراكة في مجالات عدة، متوقعا أن تتدخل الإمارات لإنعاش مناخ الاستثمار في تونس.

ويرى منجي الحرباوي، القيادي في نداء تونس، في تصريح لـ”العرب”، أن اللقاء التونسي الإماراتي مؤشر لتطور العلاقات التي ستكون أفضل مما كانت عليه في السابق. كما يشير إلى أن الدبلوماسية التونسية ناجحة لأنها اتبعت مواقف رصينة في العديد من الملفات.

ويقول محللون إن تونس التي تعيش وضعا اقتصاديا صعبا تحتاج إلى أن تستعيد أسلوبها القديم في إدارة الأزمات مع أشقائها، وهو أسلوب يقوم على الحوار الهادئ، والبحث عن تجاوز التفاصيل الصغيرة، مشيرين إلى أن الدولة غير الأحزاب، وأن الثورة لا تعني أبدا الانسياق وراء مواقف الأحزاب والشخصيات السياسية فللدولة مصالحها وللأحزاب مصالحها وحساباتها.

ويشير المحللون إلى أن علاقة تونس بدول الخليج ظلت تاريخيا متميزة سواء من حيث تمركز استثمارات خليجية في البلاد أو من خلال فتح الباب أمام العمالة التونسية بشكل واسع، لافتين إلى أن هناك من سعى لدفع تونس إلى الانخراط في لعبة المحاور والاستقطاب الإقليمي، لكن السبسي بخبرته الطويلة نجح في تصويب الدبلوماسية التونسية وإعادة الحرارة إلى العلاقة مع الإمارات على وجه الخصوص.

ولا تخفي أوساط سياسية التقت بها “العرب” قناعتها بأن من حق الدول أن تكيف استثماراتها على ضوء مصالحها، وأنه من المنطقي ألا تقبل أي دولة أن تضخ أموالها في بيئة معادية أو متحاملة عليها.

وتلفت إلى أن مشاركة حركة النهضة الإسلامية في الحكومة أربكت العلاقات الخارجية لتونس ولم تجلب لها أي مزايا، بل على العكس فإن الدول التي تقف وراء الحركة مثل قطر وتركيا اكتفت بإطلاق الوعود، وساهمت بشكل مباشر في تعميق الأزمة الاقتصادية والسياسية في البلاد، بأن بنت حاجزا بين تونس ودول خليجية تحتل مواقع أولى في قائمة المستثمرين على أرضها، فضلا عن تحويل تونس إلى سوق استهلاكية للسلع التركية والإخلال بالميزان التجاري بشكل غير مسبوق.

ونجحت تونس والإمارات في أن تتجاوزا نهاية 2017، محاولة لدق إسفين عملت على استثمار موقف إماراتي تم اتخاذه لاعتبارات أمنية لإرباك العلاقات الثنائية عبر تأويل مناف للحقيقة وافتعال للإشاعات.

وكانت الإمارات قالت نهاية ديسمبر الماضي إن بحوزتها معلومات أمنية تفيد بإمكانية قيام تونسيات أو نساء حاملات لجوازات سفر تونسية بتنفيذ عمليات إرهابية، وتم وقف الرحلات المشتركة إلى ما بعد بداية العام الجديد وزوال المخاوف الأمنية.

العرب