السليمانية (العراق)- أخفق رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي في نيل موافقة البرلمان على كل أعضاء الحكومة كي يبدأ في مواجهة الدمار الذي خلفته سنوات الحرب والفساد المتفشي في كل مكان.
واصطدم عبدالمهدي مبكرا بأول عقبة في طريقه تمثلت في السياسات الحزبية التي يسعى لكبحها. وفي جلسة عاصفة الأربعاء، رفض أعضاء البرلمان ترشيحات رئيسية للحكومة، واتهموا بعض المرشحين بارتباطهم بصدام حسين.
وانتهت الجلسة بعد منتصف ليل الخميس بأداء عبدالمهدي اليمين الدستورية رئيسا للوزراء لكن بجزء فقط من أعضاء الحكومة مما يطيل أمد المشاحنات المستمرة بين الكتل السياسية منذ الانتخابات غير الحاسمة التي جرت في مايو. ولم يجر بعد حسم المرشحين لوزارتي الدفاع والداخلية، وست وزارات أخرى.
ويعانى العراق الغني بالنفط من عقود تحت حكم صدام حسين وكذلك عقوبات الأمم المتحدة والغزو الأميركي والحرب الأهلية التي أعقبته ثم الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية التي أعلنت الحكومة العراقية انتصارها فيها العام الماضي. ويتفشى الفساد وتعاني البلاد من سوء حالة الخدمات الأساسية خاصة الكهرباء والمياه.
وربما تكون أصعب مهمة تواجه رئيس الوزراء هي المنافسة بين الكتلتين الرئيسيتين في الانتخابات الأخيرة وهما تحالف “الفتح” المدعوم من إيران، وكتلة “سائرون” التي يقودها رجل الدين مقتدى الصدر.
خلافات سياسية
وقال عبدالمهدي للصحافيين الخميس إن خلافات سياسية تقف حائلا أمام الموافقة على حكومته لكنه أوضح أن إقرار جزء من الحكومة كان أفضل من تفويت الموعد النهائي الدستوري الذي يحل في الثاني من نوفمبر.
وقالت هدى سجاد عضو ائتلاف النصر الذي يتزعمه رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي إن عبدالمهدي واجه ضغطا هائلا من زعماء الأحزاب مشيرة إلى أنه أذعن إليها. وجاء تحالف النصر في المركز الثالث بالانتخابات.
وأضافت هدى سجاد أن اختيار الوزراء قوض وعود عبدالمهدي بتعيين حكومة من تكنوقراط مستقلين وهو مطلب رئيسي لتحالف سائرون بقيادة الصدر.
ووافق البرلمان على برنامج حكومة عبدالمهدي الذي يهدف إلى إصلاح مؤسسات البلاد، ووضع الفصائل المسلحة شبه المستقلة تحت سيطرة الدولة، وزيادة كفاءة قطاع النفط في ثاني أكبر منتج للخام بمنظمة أوبك. لكن الشخصيات المرشحة كانت النقطة الشائكة.
وانسحب عدد من نواب البرلمان قبل التصويت على المرشح لوزارة الدفاع فيصل الجربا. ووزع النواب صورة للجربا وهو يبتسم إلى جوار صدام حسين الذي أطيح به في الغزو الأميركي للعراق عام 2003.
وواجه مرشح عبدالمهدي لمنصب وزير الاتصالات اتهامات بتأييده لصدام وذلك وفقا لوثيقة جرى تسريبها خلال الجلسة. وزعمت بعض الأحزاب أن الشخصيات الأخرى المرشحة متورطة في أنشطة فساد.
وقال صباح الساعدي عضو كتلة سائرون إن رئيس الوزراء طرح مرشحين لا يناسبون المنصب. وبنت سائرون حملتها على وعود بمكافحة الفساد وهو ما جذب الكثير من العراقيين الفقراء الذين انهكتهم الصراعات والبطالة.
رفض مشترك
وحث الصدر نواب البرلمان في تغريدة على تويتر بعدم الموافقة على مرشحين يرونهم حزبيين أو طائفيين. ويشعر سياسيون مقربون من فصائل شيعية مسلحة مرتبطة بإيران بأن لهم الحق في المشاركة بالحكومة المقبلة نظرا للدور الكبير الذي لعبوه مع القوات العراقية في هزيمة تنظيم الدولة الإسلامية العام الماضي.
وقال نائب على صلة بفصائل عصائب أهل الحق “إن رفض فالح الفياض كوزير للداخلية غير مبرر. لقد قاد الحشد الشعبي في هزيمة داعش وهذه أقل مكافأة له”. وأضاف “وفي المقابل اعترضنا على مرشحيهم” في إشارة إلى مرشحي قائمتي سائرون والنصر.
وقال ريناد منصور الباحث في تشاتام هاوس في لندن “من الصعب أن نرى ما سيحدث إذا جرى استبعاد الترشيحات التي تطالب بها الأحزاب السياسية الكبرى”. وأوضح منصور أن رئيس الوزراء والرئيس العراقي الجديد برهم صالح “سيواجهون ضغوطا كبيرة – لقد رأينا ذلك في عملية التعيين”.
وسيصوت البرلمان مجددا في السادس من نوفمبر على باقي أعضاء حكومة عبدالمهدي المؤلفة من 22 عضوا. ويرأس عبدالمهدي حاليا 14 وزيرا، وقد قال الخميس إن الأسماء الباقية ستعلن قريبا.
ورحبت الولايات المتحدة بتشكيل الحكومة الجديدة، وقال مكتب رئيس الوزراء إن وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو اتصل بعبدالمهدي لتهنئته. وقال دبلوماسي غربي في بغداد إن عبدالمهدي حقق انتصارات في تعيينات رئيسية منها وزير النفط ثامر غضبان، ووزير المالية فؤاد حسين.
العرب