شذى خليل*
تشهد أسواق النفط عاصفة من تقلب الأسعار ، وعدم استقرار أسعار النفط نتيجة العرض والطلب ، وبالتزامن مع ارتفاع حدة الضغوط الأميركية لخفض الأسعار ، بينما تناقش “منظمة الدول المصدرة للبترول” (أوبك) وشركاؤها خفض المعروض منعاً لهبوط الأسعار مجدداً.
ويزيد من فوضى التوقعات ، ضعف القدرة على تحديد انعكاس العقوبات الأميركية النفطية التي طالت إيران على الإمدادات ، خصوصاً مع منح واشنطن ثماني دول إعفاءات مؤقتة من الالتزام بالعقوبات ، وهي كما اكدها وزير الخارجية الأميركي “مايك بومبيو” إن الولايات المتحدة منحت ثماني دول إعفاءات من العقوبات النفطية على إيران تسمح لها بمواصلة شراء الخام من ايران ، وهى الصين والهند واليونان وإيطاليا وتايوان واليابان وتركيا وكوريا الجنوبية ، وهن من كبار زبائن إيران العضو بمنظمة أوبك.
إذ شهدت الأسعار ارتفاعا ليوم الرابع عشر من نوفمبر الحالي ، بعد هبوط كبير تجاوز الـ(7 %) في الثالث عشر من الشهر الحالي ، فقد ارتفع سعر البرميل في التعاملات بالعقود الآجلة لخام برنت (65) سنتا ، مسجلاً عند التسوية (66.12) دولارا ، كما ارتفع سعره في العقود الآجلة للخام الأميركي الخفيف (56) سنتا ، مسجلاً (56.25) دولارا.
وتراجع سعر خام برنت (17.5 %) منذ منتصف أكتوبر تشرين الأول الماضي ، بفعل المخاوف من تخمة المعروض وتباطؤ الطلب ليفقد أكثر من (25 %) من قيمته ، وهذا يعد أحد أكبر الانخفاضات منذ انهيار سعر النفط في عام (2014) إذ وصلت الأسعار إلى أعلى مستوياتها في أربع سنوات في أكتوبر تشرين الأول ، مع ارتفاعها فوق (86) دولاراً.
بدوره برر الأمين العام لـ”أوبك” محمد باركيندو ، هذه التقلبات بأنها ناتجة عن القلق قبيل اجتماع أعضاء المنظمة المقبل في السادس من ديسمبر المقبل ، فيما أكدت مصادر مطلعة أن “أوبك” وشركاءها يناقشون مقترحاً لخفض إنتاج النفط بما يصل إلى (1.4) مليون برميل يومياً في (2019) لتفادي تخمة معروض قد تُضعف الأسعار ، وذلك بعد أشهر فقط من زيادته.
ومن المتوقع ان تجتمع المنظمة في السادس من ديسمبر كانون الأول المقبل ، ليبين سياسة الإنتاج لعام (2019) وأكدت المصادر إلى أن خفض المعروض ، كان أحد الخيارات التي ناقشها وزراء طاقة السعودية وروسيا غير العضو في “أوبك” ودول أخرى خلال اجتماع في أبوظبي الاخير.
وشرح أحد المصادر ، اعتقاده بأن خفضا قدره (1.4) مليون برميل يوميا سيكون معقولا ، فيما سيكون من الضروري إشراك إيران وروسيا في الخطة الجديدة ، إذ ان إيران لا تريد هدفاً لإنتاجها ضمن اتفاق جديد ، نظراً لتراجع صادراتها من جراء العقوبات الأميركية .
واتفقت أوبك في يونيو حزيران الماضي مع روسيا ومنتجين آخرين من خارج المنظمة ، على تعزيز المعروض بعدما ضغط الرئيس الأميركي دونالد ترمب لخفض الأسعار ، عن طريق التراجع عن خفوضات الإنتاج التي بدأ العمل بها في يناير كانون الثاني 2017.
من جانبها أكدت روسيا ، على أخذ أسعار النفط للمدى الطويل في الحسبان ، عند اتخاذ أي قرار من جانب الدول المنتجة للخام ، وأنه لا يوجد ما يبرر أخذ إجراء استثنائي لكبح تراجع الأسعار ، وأن متوسط أسعار النفط بلغ نحو (70) دولاراً للبرميل هذا العام ، ومن غير الملائم لأطراف السوق أن تستجيب لأية تقلبات استثنائية .
وقال مستشار الأمن القومي الأميركي ، جون بولتون ، إن واشنطن تنوي تعزيز العقوبات على إيران ، و”نعتزم أن نعتصرهم بشدة”.
أما وكالة الطاقة الدولية ، فقد اكدت أن إمدادات النفط العالمية ستتجاوز الطلب على مدى ألفين وتسعة عشر ، فيما ستطغى زيادة “بلا هوادة” في الإنتاج على نمو الاستهلاك ، الذي يواجه خطراً من تباطؤ الاقتصاد.
وتوقعت الوكالة ، ان نمو الطلب العالمي لعامي (2018-2019) من دون تغيير عن الشهر الماضي عند (1.3) مليون برميل يومياً و (1.4) مليون برميل يومياً على الترتيب ، لكنها خفضت توقعاتها لنمو الطلب من خارج دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ، وهي المحرك الرئيسي لزيادة الاستهلاك العالمي للنفط .
وأضافت الوكالة ، إنه “بينما يقلص تباطؤ النمو الاقتصادي في بعض الدول توقعات الطلب على النفط ، فإن مراجعة كبيرة بالخفض لتقييمنا للسعر أمر داعم”.
وزادت الوكالة توقعاتها لنمو إنتاج النفط من خارج منظمة البلدان المصدرة للبترول ، إلى (2.4) مليون برميل يومياً هذا العام ، و (1.9) مليون برميل يومياً في العام المقبل.
وخفضت الوكالة توقعاتها للطلب على نفط “أوبك” بمقدار (300) ألف برميل يومياً إلى (31.3) مليون برميل يومياً في (2019) .
النفط “الصخري” يهدد أسعار النفط:
توقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية ، ان النفط “الصخري” يهدد أسعار النفط ، إذ ان الإنتاج الأميركي من سبعة أحواض رئيسية للنفط الصخري ، سيكون في مستوى قياسيا مرتفعا عند (7.94) ملايين برميل يوميا في ديسمبر كانون الأول ، وحسب قراءة وكالة الطاقة الدولية لأسواق الطاقة حتى عام (2040) فإن النفط الصخري سيعود إلى إغراق السوق مرة أخرى خلال العقد المقبل ، وترى الوكالة أن إنتاج الخامات الصخرية في أميركا ستتضاعف من مستوياتها الحالية إلى (9.2) ملايين برميل يومياً بحلول عام (2025) وستمثل زيادة إنتاج النفط الأميركي “التقليدي والصخري” نسبة (75 %) من إجمالي زيادة الإنتاج العالمي من النفط .
وحدة الدراسات الاقتصادي
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية