بدأت الهيئة الاتحادية الروسية للرقابة على البث والاتصالات “روسكوم نودزور” تحقيقات في أنشطة هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي ” في روسيا.
وقالت “روسكوم نودزور” في بيان الجمعة إنه يتم فحص قناة “بي بي سي وورلد نيوز” التلفزيونية والمواد التي تبثها عبر الإنترنت للتأكد من أنها تتوافق مع القوانين الروسية.
وأضافت أنها تتصرف كرد مماثل على قرار أصدرته هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية أوفكوم التي أعلنت بدورها الخميس أن هيئة الإذاعة الروسية (آر تي) خرقت قواعد النزاهة في بعض أخبارها وشؤونها الجارية.
واتهمت أوفكوم، قناة “آر تي”، بـ“عدم مراعاة الحياد اللازم” في عدة مواد بثتها في مارس وأبريل الماضيين، ومن بين ذلك تغطيتها لقضية سيرغي سكريبال وابنته يوليا.
وذكرت أن “الانتهاكات السبعة مجتمعة تمثل إخفاقا خطيرا في الامتثال لقواعد البث الخاصة بنا… أبلغنا ‘آر تي’، أننا نفكر في فرض عقوبة قانونية”.
وقد دأبت السلطات الروسية على التهديد بالمعاملة بالمثل من خلال إجراءات انتقامية ضد وسائل الإعلام البريطانية إذا تم إعاقة عمليات وكالات الأنباء التابعة للدولة لها مثل آر تي في المملكة المتحدة.
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية إن الملاحظات من المسؤولين الروس توضح أن القرار الذي اتخذته الهيئة التنظيمية الروسية، الجمعة تشير إلى أنه إجراء انتقامي.
وأعربت وزارة الخارجية الروسية عن تأييدها للتحقيق في أنشطة “بي بي سي ” في روسيا، وقالت وفقا لتصريحات المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا، إن “الوقت قد حان” لهذا الإجراء.
وقالت زاخاروفا في منشور عبر موقع فيسبوك “تدخُل الحكومة البريطانية بشكل سافر في نشاط وسائل الإعلام الروسية والترويج المغرض ضد قناة “آر تي”، ومحاولات تشويه سمعة صحافيينا، لم يترك لنا خيارا آخر إلا الردّ بالمثل”.
وأضافت “يؤسفني أن يمس ذلك بعض مراسلي ‘بي بي سي’ الذين يتسمون بالمهنية العالية ويؤدّون عملهم بضمير وحسن نية”.
من جهتها، قالت هيئة الإذاعة البريطانية “كما هو الحال في أي مكان آخر في العالم، تعمل هيئة الإذاعة البريطانية في روسيا مع الامتثال التام لقوانين البلاد ولوائحها لتقديم الأخبار والمعلومات المستقلة لجمهورها”.
ولا تنفي موسكو الحرب المعلوماتية مع الغرب عموما، لا سيما بعد حادثة تسميم العميل المزدوج السابق سيرغي سكريبال في بريطانيا، والتي تسببت بأزمة دبلوماسية بين البلدين، انتقلت إلى وسائل الإعلام الروسية وبشكل خاص شبكة “آر تي” ووكالة سبوتنيك اللتين تعتبران قوة روسيا الناعمة ومهمتهما الترويج لخطاب الكريملين والدفاع عن سياساته في الداخل والخارج.
وقال المتحدث الرسمي باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، الخميس، “دون شك، يمكن (اعتبار ذلك كعمل ردي) على الرغم من أن الكثير من التساؤلات تراكمت لدى مختلف الهيئات المختصة ظهرت بين الحين والآخر… بشأن مواد محدّدة تخصّ تغطية الأحداث المرتبطة بروسيا، وتغطية ما يحدث في سوريا وداخل روسيا”.
ورد بيسكوف على الصحافيين عما إذا كان ما يحدث هو حرب معلوماتية، وقال “في الغالب، هذه حرب. وهناك العديد من ساحات القتال، ففي الولايات المتحدة: هناك حرب بين رئيس الولايات المتحدة ووسائل الإعلام الأميركية”.
وأضاف “مع الأسف، الرئيس الفرنسي ماكرون في حالة حرب مع “آر تي”، مع وسائل إعلامنا. أليست هذه حرب أن يتم منع وسائل الإعلام من دخول القصر الرئاسي؟ دعونا نسمّي الأشياء بمسمياتها الحقيقية”.
وذكرت “آر تي” في موقعها الإلكتروني، أن الوضع مع وسائل الإعلام الروسية في الغرب أصبح في السنوات الأخيرة أكثر صعوبة. وفي نوفمبر من العام الماضي، تبنّى البرلمان الأوروبي قرارا يشير إلى الحاجة لمواجهة وسائل الإعلام الروسية، إذ تمت الإشارة إلى “سبوتنيك” و”آر تي” باعتبارهما تهديدين رئيسيين.
واتهم عدد من السياسيين الغربيين، بمن فيهم أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي وأعضاء في الكونغرس، وكذلك الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، “سبوتنيك” و“آر تي” بالتدخل في الانتخابات في الولايات المتحدة وفرنسا، لكنّ الممثلين الرسميين الروس وصفوا هذه التصريحات بأنها لا أساس لها من الصحة.
وسبق أن وصفت مارغريتا سيمونيان، رئيسة تحرير وكالة الأنباء الروسية “روسيا سيغودنيا” وقناة “آر تي”، التقرير المقترح بعدم اعتماد موظفي قناة “آر تي” ووكالة “سبوتنيك” في فرنسا بالسخيف، مشيرة إلى نفاق موقف معديه فضلا عن كامل “الأغنية الغربية” حول الديمقراطية وحرية التعبير، على حد تعبيرها.
وقالت سيمونيان بسخرية على الهواء في قناة “روسيا 24” التلفزيونية “هذا موقف نفاق، كما هو الشأن عموما في هذه الأغنية الغربية عن الديمقراطية وحرية التعبير. نفاق منذ البداية. يقولون، إننا لا شيء، نحن وزارة الدفاع، ولا نتدخل في شؤون الصحافيين، وسائل الإعلام حرة. ولكن نخبركم ألاّ تعتمدوهم في أي مكان ولا تسمحون لهم بالوصول إلى أي مكان، وأنتم هناك تصرفوا بمعرفتكم، لأننا لا نأمركم”.
وأشارت سيمونيان إلى أنه “نحن متهمون بكل الخطايا التي تحدث، وبنشر الأخبار المزيفة، وبهذا الشكل يمارسون نشر أخبار مزيفة، لأنهم يتهموننا، كما كان الحال خلال الحملة الانتخابية للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بأننا نشرنا مقالات مزيفة والتي لم نقم بها أبدا… إن جميع التحيّزات القديمة، لا سيما في هذه الوزارات والإدارات، أصبحت أقوى من أي وقت مضى، ويتم صبها في مثل هذه التقارير المضحكة والمسلية”.
وأضافت أنه بعد أن قامت وزارة العدل الأميركية بإدراج “آر تي أميركا” إلى قائمة العملاء الأجانب بموجب قانون الوكلاء الأجانب لعام 1938، تم رفض اعتماد “آر تي” في الكونغرس.