يهدد شلل الحكومة الأميركية نتيجة إغلاق جزء من الوكالات الفيديرالية بعواقب لم تكن في الحسبان، إذ يحجب الإحصاءات لأول قوة اقتصادية في العالم في وقت تبدو الأسواق شديدة التوتر ما يجعلها عرضة لأي عامل غموض.
وفي اليوم التاسع من اختبار القوة بين الرئيس الجمهوري دونالد ترامب وديموقراطيي الكونغرس حول الموازنة، سيطرأ تأخر في عمليات نشر وجمع المؤشرات والبيانات الاقتصادية.
ومع استمرار الخلاف حول الجدار الذي يعتزم ترامب بناءه على الحدود مع المكسيك لوقف الهجرة غير القانونية، أرغم آلاف موظفي الدولة على وقف العمل لنقص التمويل، ما يحول دور صدور بعض المعطيات الاقتصادية.
وحذرت المتحدثة باسم وزارة العمل سوزان بونيرت، التي تشرف على نشر هذه المؤشرات، الأسبوع الماضي من أنه «لن يتم إصدار بيانات مكتب الإحصاءات أو مكتب التحليلات الاقتصادية تحت الحظر، بسبب إغلاق الحكومة الذي ينعكس على هاتين الوكالتين».
وعند الاتصال بوكالة الإحصاءات في وزارة التجارة للاستفهام عن المسألة، يتم تلقي رسالة إلكترونية تبلغ بأنه «يتعذر الاتصال بمكتب التحليلات الاقتصادية بسبب إغلاق الحكومة (…) الموظفون غير متوافرين للرد عليكم إلى أن يتم تخصيص الأموال».
وأرجئ حتى الآن صدور مؤشر واحد هو مؤشر مبيعات المساكن الجديدة. ولكن في حال استمر الشلل الحكومي إلى ما بعد الأول من كانون الثاني (يناير) المقبل، فقد يؤثر كذلك على صدور أرقام نفقات البناء والطلبيات الصناعية، خصوصاً الميزان التجاري المتوقع نشره مبدئيا في 8 يناير، وهو ما يعتبر أكثر خطورة لاطّلاع الأسواق على الوضع في وقت تخوض إدارة الرئيس دونالد ترامب حرباً تجارية مع الصين خصوصاً. ومازال من المتوقع صدور أرقام الوظائف، المؤشر الجوهري الذي ينتظر بترقب كبير، في موعده في أول يوم جمعة من الشهر الذي يصادف الرابع من يناير المقبل، إذ ماتزال وزارة العمل تحظى بأموال تمكنها من الاستمرار في العمل. لكن بمعزل عن نشر المعطيات، فإن عملية جمعها لتحديد المؤشرات باتت في خطر جراء الشلل الحكومي. وأعربت الخبيرة الاقتصادية الشهيرة من مجموعة «غرانت ثورنتون إنترناشونال» للمحاسبة ديان سوونك، عن قلقها في تغريدة جاء فيها: «ان المأزق المالي بات يحد من توافر عناصر أساسيّة لأي سوق: البيانات الاقتصادية الفيديرالية».
وحذرت من أن ذلك «قد ينعكس على الأسواق المالية إذا ما استمر، وعلى قرارات الاحتياط الفيديرالي في شأن معدلات الفائدة عام 2019». وفي ظل التقلبات الشديدة في بورصات العالم والغموض المخيم على مستقبل الرسوم الجمركية المشددة المتبادلة بين الولايات المتحدة والصين، والسياسة النقدية التي يتبعها الاحتياط الفيديرالي، فإن إغلاق المؤسسات الفيديرالية قد يزيد من ضبابية الوضع.
وعلى الصعيد الاقتصادي، من المتوقع أن تكون الوطأة السلبية للشلل الجزئي الحكومي على النمو محدودة، على أن يكون هذا التأثير جلياً أكثر في العاصمة إذ لم يعد الموظفون الذين طاولهم الإغلاق يتقاضون رواتبهم.
وكتب خبراء الاقتصاد في مركز «أوكسفورد إيكونوميكس» في مذكرة: «إذا كان من المتوقع أن تبقى الوطأة الاقتصادية لإغلاق جزئي متواضعة، بأقل من 0.1 نقطة من نمو إجمالي الناتج الداخلي، إلا أن الوضع سيزيد من الغموض السياسي في وقت غير مناسب»، مذكرين بأن موعد بدء تقديم البيانات الضريبية حان مبدئياً.
وحضت رئيسة بلدية واشنطن موريال باوزر الرئيس ترامب على التوصل إلى تسوية تنهي الشلل، مشيرة إلى أن الموظفين الفيديراليين في العاصمة «يدفعون الثمن الأكبر» للإغلاق.
وتترتب انعكاسات غير متوقعة لوقف عمل موظفي الدولة على القطاع الخاص، وأعربت الجمعية الوطنية للوسطاء العقاريين عن مخاوفها على مبيعات المنازل في المناطق التي ترغم فيها الإدارة الأشخاص الذين اشتروا مساكن على عقد تأمين إلزامي ضد الفيضانات تحت طائلة منع الصفقة.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي في الجمعية لورانس يان: «كلما طال الإغلاق، تراجع عدد المساكن التي سيتم بيعها وتباطأ النمو الاقتصادي أكثر».
الحياة