كتبت الواشنطن بوست في افتتاحيتها أن “الولايات المتحدة بحاجة إلى معاملة العنصرية البيضاء باعتبارها القاتل العالمي الحقيقي”.
وقالت الصحيفة إن إطلاق النار في المسجدين في نيوزيلندا كشف عن أوجه قصور خطيرة في كيفية مواجهة الحكومات للتطرف اليميني.
ورأت الصحيفة أن “التطرف الإسلامي” في الولايات المتحدة -حتى وإن كان قد نشأ في الداخل- يُعتبر إرهابا دوليا، والقوانين تتعامل معه على هذا الأساس. بينما يُسمى التطرف اليميني إرهابا داخليا، إن سمي إرهابا أصلا.
وقالت إن الخطوة الأولى في محاربة تطرف البيض تتمثل في فهم ذلك التطرف، لكن هذا غير ممكن الآن لأن وزارة العدل الأميركية لا تجمع المعلومات ذات الصلة بشكل موثوق.
وتابعت أنه يتعين على البيت الأبيض إعادة توزيع الموارد التي تكرَّس اليوم بشكل غير متناسب لمحاربة ما يسمى “الإرهاب الإسلامي”، حتى مع تزايد الهجمات اليمينية.
ومثلما تتطلب معالجة التطرف اليميني داخليا التنسيق بين الوكالات الحكومية الفيدرالية وحكومات الولايات والحكومات المحلية، فإن السلطات التي تواجه انتشار العنصرية البيضاء ستحتاج إلى شركاء عالميين.
وكما أن الولايات المتحدة تتشارك هي وحلفاؤها المقربون المعلومات الاستخبارية السرية عن تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة، فينبغي أن يفعلوا الشيء نفسه بالنسبة للتطرف اليميني وتحديد الروابط بين الشبكات الإرهابية، وكذلك المعلومات حول كيفية ومكان تطرف الناس ومن يقف وراء ذلك التطرف.
وعلى الرغم من أن القومية البيضاء ليست قومية تماما، إلا أن العديد من المجموعات تتمركز في الولايات المتحدة مما يجبر السلطات على إجراء توازن دستوري. ويجب أن يميز تطبيق القانون بين الكلام القانوني -حتى وإن كان مقيتا- والعنف أو التحريض على العنف.
ودوليا أيضا يجب على الحكومات أن تحرص على عدم الاصطدام بالتنظيم المشروع حتى أثناء قيامها بالتحقيق في الاتصالات الإرهابية عبر الحدود، الأمر الذي سيشكل تحديا خاصا عندما يكون لدى الأحزاب السياسية البارزة ميول قومية. وهذه خطوط يصعب رسمها. لكن معرفة مكان رسمها سيتطلب أولا معالجة العنصرية البيضاء على أنها القاتل العالمي.
وعلقت الصحيفة بأن الأيديولوجية لا تقيدها الجغرافيا، خاصة في عصر الإنترنت، لذلك ليس من المستغرب أن تكون القومية البيضاء أقل وطنية مما يوحي الاسم.
ولطالما كانت لمفاهيم التفوق العرقي جذورها في تقاليد العنصرية العابرة للحدود الوطنية، والآن تسمح المجتمعات عبر الإنترنت للجهات الفاعلة في أي دولة بأن تنقل أفكارا وأساليب من تلك الموجودة في دولة أخرى.
ومذبحة كرايست تشيرتش هي مثال على ذلك، حيث إن من ارتكبها هو أستراالي يعيش في نيوزيلندا، وكان مرتكب مذبحة النرويج (عام 2011) نرويجيا.
المصدر : الجزيرة