طرابلس – بعث المسؤولون الأمميون والمحليون برسائل أمل لليبيين بقرب انتهاء الأزمة التي تشهدها بلادهم منذ نحو أربع سنوات، من خلال إمكانية التوصل إلى تسوية بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر ورئيس المجلس الرئاسي فايز السراج، يتم بموجبها توحيد المؤسسات والسلطة التنفيذية تمهيدا لانتخابات رئاسية وتشريعية.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس إن هناك مؤشرات على أن قائدي ليبيا المتنافسين (خليفة حفتر وفايز السراج) قد يتوصلان لأول مرة إلى حل الخلاف بشأن السيطرة على الجيش وسط جهود للتغلب على الصراع.
وعبر الأمين العام للأمم المتحدة عن شعوره بالأمل تجاه الوضع في ليبيا رغم صعوبته، مشددا على ضرورة استغلال الفرصة السانحة الآن للمساعدة في تعزيز الحل الذي يقوده الليبيون.
وتتمثل إحدى العقبات الرئيسية في ما إذا كان حفتر بإمكانه قيادة جيش ليبي موحد تحت قيادة مدنية ستشكل جزءا من حكومة وطنية جديدة. وسبق لحفتر أن أعلن رفضه خريف العام الماضي، الانضواء تحت قائد أعلى غير منتخب من قبل الشعب الليبي، في إشارة إلى فايز السراج الذي تم تعيينه خلال مفاوضات الصخيرات رئيسا للمجلس الرئاسي.
ومنذ ذلك الحين توقفت المفاوضات التي ترعاها القاهرة لتوحيد المؤسسة العسكرية الليبية، عقب ست جولات قطع خلالها المتفاوضون أشواطا مهمة نحو الهدف.
لكن اللقاء الذي جرى في أبوظبي نهاية فبراير الماضي بين الرجلين، انتهى باتفاق على إتمام المرحلة الانتقالية وإجراء انتخابات عامة قبل نهاية العام، وهو ما يطالب به حفتر وأنصاره، في حين يرفض تيار الإسلام السياسي إجراء الانتخابات وخاصة الرئاسية.
ونجح حفتر في فرض شروطه على فايز السراج، بعدما تمكن من السيطرة خلال أقل من شهر على أكبر حقلين نفطيين في الجنوب (الشرارة والفيل) وبسط نفوذه على كامل المنطقة الجنوبية، إضافة إلى سيطرته على الموانئ النفطية وكامل المنطقة الشرقية.
وجوه محسوبة على تيار الإسلام السياسي تحشد لإفشال التسوية، من خلال ترهيب الليبيين بعودة الاستبداد وحكم العسكر
وبدوره، أعلن خليفة حفتر مساء السبت أن ليبيا ستشهد خلال الأسبوعين المقبلين انفراجة للأزمة الراهنة التي تعصف بالبلاد عبر تشكيل حكومة وحدة وطنية تنهي الانقسام الحاصل حاليا بين مؤسسات الدولة.
وجاءت تصريحات حفتر على هامش ملتقى الشباب الأول الذي نظمته القيادة العامة للجيش للاستماع لمطالب الشباب خلال المرحلة المقبلة. واعتبر مسؤولون ليبيون أن تصريحات حفتر تأتي تمهيدا لتفعيل مخرجات اتفاق أبوظبي.
وبدأت قيادات محسوبة على تيار الإسلام السياسي التحشيد لإفشال التسوية المرتقبة، من خلال ترهيب الليبيين بعودة الاستبداد وحكم العسكر، وهو ما بدده السراج في كلمته خلال حضوره لأشغال القمة العربية في دورتها الثلاثين التي عقدت الأحد بتونس.
وقال فايز السراج إن عسكرة الدولة أو الحكم الشمولي خط أحمر لا يمكن السماح به في ليبيا. وأضاف خلال الدورة الثلاثين للقمة العربية بتونس الأحد، أن الهدف من الجهود المستمرة للمجلس الرئاسي هو التوصل إلى حل سلمي للأزمة الليبية يجمع كافة الفرقاء في ليبيا.
وقال”لن نتنازل عن مبادئنا في إيجاد حلول سلمية تضمن بناء دولة مدنية لا تعد إنتاج الحكم الشمولي أو عسكرة الدولة”، مضيفا ”هذا خط أحمر لن نسمح به”.
وتابع رئيس حكومة الوفاق ”نأمل في التوصل إلى صيغة توافقية في المؤتمر المقرر انعقاده في أبريل المقبل برعاية الأمم المتحدة للخروج من الانسداد السياسي الحالي والعمل على تكوين مؤسسات وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية على قاعدة دستورية سليمة”.
وأوضح أنه من المهم اقتناع جميع الأطراف الليبية بأن الحل العسكري ليس هو الحل في ليبيا، مرجعا تفاقم الأزمة في ليبيا “إلى التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية التي شجعت بعض الأطراف على عدم الالتزام بالمسار الديمقراطي والابتعاد عن الحل السياسي السلمي”.
وكانت اللجنة الرباعية حول ليبيا أعلنت السبت في تونس عن الإعداد لمؤتمر وطني بين الفرقاء الليبيين بعد أسبوعين في مدينة غدامس الليبية.
وأعلن المبعوث الأممي إلى ليبيا، غسان سلامة، عقب اجتماع اللجنة أن الأمم المتحدة والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي “أجمعت على تبني توصيات ملتقى غدامس”، وهو ما بدا تحذيرا لمعرقلي التسوية الذين بدؤوا التحشيد لرفض المبادرة الأممية. وينتمي أغلب المعارضين إلى تيار الإسلام السياسي وخاصة أولئك المحسوبين على ما يسمى محليا بـ”تيار المفتي” نسبة للمفتي المقال الصادق الغرياني ويضم قيادات متطرفة ترفض التحاور مع الجيش وأنصاره وتصر على ترسيخ الفوضى.
وكتب سلامة تغريدة على حسابه الخاص بـ”تويتر” ليل السبت، “أخوتي الليبيون، أجمعت اليوم الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي على تبني توصيات ملتقاكم الوطني في غدامس″. وأضاف المبعوث الأممي إلى ليبيا، في تغريدته “أخوتي الليبيون لا تضيعوا هذه الفرصة ولا تقفلوا هذه النافذة لبناء دولتكم الموحدة، المدنية، السيدة، القادرة، العادلة”.
وبدوره، أعلن رئيس الاتحاد الأفريقي موسى فقي في تونس أن مؤتمرا للمصالحة الوطنية في ليبيا سيعقد في يوليو في أديس أبابا، بهدف حل الأزمة الليبية.
وقال الفقي، في تصريحات على هامش اللجلنة الرباعية، إن ندوة المصالحة الليبية “تمثل فرصة لليبيين” دون المزيد من التفاصيل، مشددا على أن “الوقت حان لكي يناقش الليبيون مصير بلدهم”.
العرب