تزامن صعود اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر قبل خمسة أعوام مع صعود الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي أصبح رغم فارق السن “قدوة ملهمة” لحفتر يسير على خطاه، ويتبنى لغته، وتجاوزت العلاقة الإلهام و “توارد خواطر العسكر” إلى التحالف المعلن.
جاء السيسي إلى السلطة عبر انقلاب عسكري على الرئيس محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر، فألهم حفتر الذي قاد محاولة انقلاب في 14 فبراير/شباط 2014 على المؤتمر الوطني العام.
السيسي رفض وصف ما قام به بالانقلاب العسكري، كذلك رفض حفتر وصف ما قام به بـ “الانقلاب العسكري”، زاعما أن ما قام به جاء “استجابة لمطلب شعبي لإيقاف تمديد عمل المؤتمر الوطني”.
لا يخفي حفتر إعجابه بالسيسي، فقد سبق أن صرح لمجلة “جون أفريك” الفرنسية واصفا طبيعة العلاقة بينهما قائلا “مواقفنا تقترب في الواقع، ووضع بلاده عندما وصل إلى السلطة مشابه لموقف ليبيا، وعدونا الكبير، الإخوان المسلمون، يهددون بلداننا وجيراننا الأفارقة والأوروبيين على حد سواء”.
المصدر الإقليمي لـ “رز” السيسي المشتهى السعودية والإمارات، وهي كذلك لحفتر الذي ينشد المزيد رغم سيطرته على حقول النفط الليبية الرئيسية، حيث زار السعودية قبل أسبوع من إطلاق حملته على العاصمة طرابلس للقاء الملك سلمان بن عبد العزيز، أعقب ذلك تباهي الإعلام السعودي علنا بالدعم الذي تقدمه المملكة لحفتر.
وبعد عشرة أيام من إطلاق تلك الحملة وعلى الطريقة العسكرية في “إعطاء التمام” توجه حفتر إلى القاهرة في زيارة “بطعم الاستدعاء” للقاء السيسي أمس الأحد، وهو اليوم الذي كان مقررا أن ينطلق فيه “الملتقى الوطني الليبي” في مدينة غدامس الليبية، لكنه لم ينعقد.
التصعيد الذي قام به حفتر بحملته على طرابلس استهدف إجهاض مساعي الحوار للتوصل إلى صيغة سلمية لضمان أمن واستقرار البلاد، الأمر الذي أحبط المبعوث الأممي غسان سلامة.
غرد سلامة حزينا أمس “كان اليوم يوم ملتقاكم في غدامس تخطون فيه معا معالم سبيل نحو دولة موحدة، قادرة، منصفة، مدنية، ديمقراطية”. مشيرا إلى أن “الدم” لطخ هذه المسيرة التي كانت قد رسمتها البعثة، وأن “الرياح راحت في مناحٍ أخرى لم تكن السفن تشتهيها”.
وبالتزامن مع تعبير سلامة عن إحباطه أعلنت الرئاسة المصرية عقب لقاء السيسي وحفتر بقصر الاتحادية دعم مصر لحملة حفتر التي اعتبرتها “جهودا لمكافحة الإرهاب والمليشيات المتطرفة، لتحقيق الأمن والاستقرار للمواطن الليبي في جميع الأراضي الليبية”.
كما باركت تلك الحملة العسكرية التي يشنها حفتر واعتبرتها مقدمة تسمح “بإرساء قواعد الدولة المدنية المستقرة ذات السيادة، والبدء في إعادة إعمار ليبيا، كذلك النهوض بها في كل المجالات، تلبية لطموحات الشعب الليبي العظيم”، وخلا بيان الرئاسة من الحديث عن حقن الدماء والكوارث الإنسانية التي تكتنف المشهد.
يرى حفتر في لقائه بالسيسي دعما أميركيا غير مباشر، خصوصا أن لقاءهما جاء بعد أيام قليلة من زيارة السيسي لواشنطن ولقائه بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في البيت الأبيض الذي تجاهل ملف الانتهاكات الحقوقية والإنسانية للسيسي واعتبره “رئيسا عظيما يقوم بعمل عظيم”، في مكافحة الإرهاب.
وضع طرابلس لم يحسم بعد ويأمل حفتر أن يحقق لقاؤه بالسيسي دعما لمسعاه للحصول على غطاء إقليمي ودولي للسيطرة على العاصمة الليبية في ظل مقاومة عنيفة من قوات حكومة “الوفاق الوطني” المعترف بها دوليا.
وقد سبق لحفتر أن حصل على دعم عسكري من مصر لحسم معركته التي بدأها عام 2014 بمدينة بنغازي، وكذلك المعركة التي شنتها قواته العام الماضي على مدينة درنة تحت لافتة “مكافحة الإرهاب”، كما أعلن حفتر العام الماضي أن مصر والإمارات كانتا من بين دول ساعدته في معركة بنغازي.
ويأمل حفتر هذه الأيام في الحصول على مزيد من الدعم السياسي والعسكري لقواته حتى يتمكن من تحقيق اختراق عسكري يغير الموازين ميدانيا على الأرض، ويرى أن السيسي وبقية الحلفاء لن يبخلوا بذلك بعد مضي 12 يوما على حملته العسكرية على طرابلس.
المصدر : الجزيرة