انطلقت أعمال القمة العربية الطارئة مساء اليوم (الخميس)، في قصر الصفا بمكة المكرمة برئاسة الملك سلمان بن عبد العزيز، بتأكيد القادة العرب رفضهم التهديدات الإيرانية. وقال الأمين العام للجامعة العربية إن العراق يعارض البيان الختامي في حين أن العراق يعيد التأكيد على استنكاره لأي عمل من شأنه استهداف أمن المملكة وأمن أشقائنا في الخليج، أود التوضيح على أننا لم نشارك في صياغة البيان الختامي وأن العراق يسجل اعتراضه على البيان الختامي في صياغته الحالية”.
وكان الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز قد دعا في افتتاح القمة القادة العرب إلى اتخاذ موقف حاسم تجاه أفعال إيران التي اعتبرها “إرهابية”. وأكد خلال كلمته أن “إيران ترتكب أفعالا إرهابية بشكل مباشر أو عن طريق وكلائها لتقويض الأمن العربي”، مشيرا إلى أن عدم اتخاذ موقف حازم ورادع لمواجهة الممارسات الإرهابية الإيرانية في المنطقة جعلها تتمادى فيها.
وأبلغ الملك السعودي القمة بأن القضية الفلسطينية “تبقى قضيتنا الأولى إلى أن ينال الشعب الفلسطيني حقوقه المسلوبة وإقامة دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية وفقا للقرارات الدولية ذات الصلة والمبادرة العربية للسلام”.
من جانبه أدان الرئيس التونسي رئيس الدورة الحالية للقمة الباجي قايد السبسي -في كلمة له- استهداف المدن الآمنة في السعودية والسفن قرب المياه الإقليمية في الخليج العربي، مشيرا إلى أنه من غير المقبول أن تنجر المنطقة إلى فصول جديدة من التوتر.
أما الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي فأكد أن الهجمات التي تعرضت لها السعودية والإمارات هجمات إرهابية تستدعي الإدانة الدولية، وتمثل مناسبة لتجديد النقاش عن فعالية العمل العربي المشترك.
واعتبر السيسي أن الدول العربية لا يمكن أن تتسامح مع أي طرف إقليمي يهدد أمنها، مؤكدا أن هذه الدول لا يمكن أن تقبل بوجود قوات احتلال أجنبية على أراضي دولتين عربيتين.
أما الملك الأردني عبد الله الثاني فاعتبر أن القمة العربية الحالية تأتي والدول العربية في أمس الحاجة إلى توحيد المواقف، مجددا موقف بلاده الرافض لأي تدخل في شؤون الدول العربية ولأي تهديد لأمنها.
وأكد أن ترسيخ الاستقرار في المنطقة لا يمكن تحقيقه دون حل دائم وعادل للقضية الفلسطينية.
لكن الرئيس العراقي برهم صالح قال في كلمة له بالمناسبة إن إيران دولة جارة ويجب الحفاظ على أمنها، مشيرا إلى أن العراق سيبذل قصارى جهده لفتح باب الحوار البناء ونبذ العنف.كما استنكر صالح أي عمل عدائي موجه إلى أمن دول الخليج أو أي دولة عربية أو إسلامية، مشيرا إلى أن “أمن المملكة السعودية والإمارات ودول الخليج هو من أمن العراق”.
وقد اتسم خطاب برهم صالح في القمة العربية بالمسؤولية العالية،فهو باتفاق الرئاسات الثلاث كان ممثل العراق فيها، لكن ما آخذ على العراق اعتراضها على البيان الختامي، والمعروف أن البيان الختامي يتم اعداده من قبل وزراء خارجية الدول العربية، فكان من الأجدر على العراق أن يكون حريصًا في استخدام مصطلحاته، كأن يختار مصطلح التحفظ وهو مصطلح دبلوماسي بدلا من لفظ “الاعتراض”، وأن تحفظ لا يكون على البيان الختامي بمجمله وإنما على فقرات منه. هذا الموقف المعارض للبيان أزعج الدولة المستضيفة للقمة وهي المملكة العربية السعودية وحليفتها دولة الإمارات العربية المتحدة، فهاتين الدولتين إذا كان لديهما تصور بأن 60% من سياسة العراق تسير في المحور الإيراني، الآن وبعد معارضة العراق للبيان تيقنت تلك الدولتان بأن العراق منسجم تمامًا مع السياسة الإيرانية في المنطقة لدرجة التطابق.
فحسب المعلومات التي حصل عليها مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، فالعراق لم يكتف برفض البيان وإنما حاول في الخفاء من تشكيل تكتل عربي مساند لموقفه من البيان ولكنه فشل في ذلك والدليل على ذلك أن دول تربطها علاقات جيدة مع ايران صوتت لصالح البيان كسلطنة عمان ودولة قطر ولبنان، وهنا بدى العراق أشبه بالدولة المعزولة عن محيطها العربي الذي هو بأمس الحاجة إليه، أضف إلى ذلك أن الهدف من القمة العربية ايجاد مبرر سياسي في حال استخدام الولايات المتحدة الأمريكية القوة العسكرية ضد إيران، فالعراق هنا لم يستطع الوقوف في منتصف الطريق بين المؤيد والمعارض لذلك الاستخدام، بل اختار الوقوف ضد الاجماع العربي. ربما الموقف العراقي المعارض لبيان القمة العربية سيترتب علي عربيًا وخاصة خليجيًا الكثير من المواقف المستقبلية التي قد تنعكس بشكل سلبي على العراق.
من جهته دعا أمير دولة الكويت، صباح الأحمد الجابر الصباح، إلى تغليب الحكمة والاحتكام إلى الحوار بدلا من الصدام والمواجھة إزاء التصعيد الذي تشھده المنطقة.
جاء ذلك في كلمة ألقاھا الأمير الكويتي، منتصف ليل الخميس- الجمعة أمام القمة.
وقال الصباح: “نشعر بتخوف كبير وقلق بالغ أن يضيف التصعيد الذي تواجھه منطقتنا وتداعياته الخطيرة جرحا إلى تلك الجروح”، داعيًا إلى “احتواء ذلك التصعيد”.
وأضاف “نحن مطالبون إزاء ما نواجهه من تصعيد، بأن نبادر بالتواصل مع أطراف التصعيد لإقناعهم باللجوء إلى الحوار”.
وأشار إلى “أسباب وممارسات خاطئة (لم يحددها) وراء ذلك التصعيد تستوجب التحرك لتصحيح مسارات خاطئة في تعامل الجانب الإيراني مع الأحداث والتطورات”.
وأوضح “لقاؤنا (القمة العربية) يأتي في ظروف دقيقة ومخاطر، ويُعَبِّر(اللقاء) عن إدراك لخطورة ما نتعرض له من تصعيد وتداعيات تهدد أمننا واستقرارنا تستوجب منا تدارس السبل الكفيلة للحفاظ عليهما”.
وجدد التشديد على أن “القضية الفلسطينية هي القضية المركزية الأولى”، مشيرًا إلى أنها “تشهد تراجعا على مستوى اهتمام العالم”.
وفي كلمة ألقاها أمام القمة، جدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس، عدم مشاركة بلاده في ورشة المنامة الاقتصادية المزمع عقدها بدعوة من الإدارة الأمريكية؛ في العاصمة البحرينية المنامة، نهاية يونيو/حزيران المقبل.
وأضاف الرئيس الفلسطيني قائلا “من يريد الدفاع عن مصالح الشعب الفلسطيني يجب أن يدعم موقف الاجماع الفلسطيني”.
وشدد عباس “الرفض المطلق للمحاولات الأمريكية الهادفة لإسقاط القانون الدولي والشرعية الدولية (ما يسمى صفقة القرن)، بما في ذلك مبدأ الدولتين على حدود 1967 والقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين، واستبدال مبدأ الأرض مقابل السلام بالازدهار مقابل السلام”.
وثمن الرئيس “قرارات القمة العربية في تونس في شهر مارس/آذار 2019، وقرارات القمة العربية في الظهران في نيسان 2018 (قمة القدس)، التي أكدت رفضها قرارات الإدارة الأمريكية المتعلقة بالقدس واللاجئين والحدود والأمن والاستيطان”
وأدان الرئيس الفلسطيني التفجيرات التي طالت منشآت نفطية خليجية، وقال “لا نقبل أي تهديد للأمن العربي، وإن الأمن الفلسطيني جزء من الأمن القومي العربي”.
وفيما يلي نص البيان :
” البيان الختامي الصادر عن الدورة غير العادية لمجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة ” .
استجابة للدعوة الكريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود لأشقائه قادة الدول العربية لبحث التداعيات الخطيرة للهجوم الذي قامت به الميليشيات الحوثية الإرهابيه المدعومة من إيران على محطتي ضخ نفط بالمملكة العربية السعودية وما قامت به من اعتداء على سفن تجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة .
وإعمالا للمادة الثالثة من ملحق ميثاق جامعة الدول العربية الخاصة بالانعقاد الدوري للقمة ، عقد مجلس جامعة الدول العربية على مستوى القمة دورة غير عادية في مدينة مكة المكرمة بتاريخ 25 رمضان 1440هـ الموافق 30 مايو 2019م حيث تدارس القادة العرب تلك التطورات كافة وما تحمله من مخاطر وتداعيات على المصالح العربية العليا وقد خلصت المداولات إلى التأكيد على المواقف التالية :
1 – إدانة الأعمال التي قامت بها الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من إيران من العبور بالطائرات المسيرة على محطتين لضخ النفط داخل المملكة العربية السعودية وما قامت به من أعمال تخريبية طالت السفن التجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة .
2 – التأكيد على أن الدول العربية تسعى إلى استعادة الاستقرار الأمني في المنطقة وأن السبيل الحقيقي والوحيد لذلك إنما يتمثل في احترام جميع الدول في المنطقة لمبادئ حسن الجوار والامتناع عن استخدام القوة أو التلويح بها والتدخل في الشؤون الداخلية للدول وانتهاك سياداتها ، وأن سلوك الجمهورية الإسلامية الإيرانية في المنطقة ينافي تلك المبادئ ويقوّض مقتضيات الثقة وبالتالي يهدد الأمن والاستقرار في الأقليم تهديداً مباشراً وخطيراً مع التأكيد على أن علاقات التعاون مع الدول العربية والجمهورية الإسلامية الإيرانية يجب أن تقوم على مبدأ حسن الجوار وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول واحترام سيادتها .
3 – التأكيد على تضامن وتكاتف الدول العربية بعضها مع بعض في وجه التدخلات الإيرانية في شؤونها الداخلية سواءً بشكل مباشر أو غير مباشر بهدف زعزعة أمنها واستقرارها وتكثيف سبل التعاون والتنسيق بينها في مواجهة المخاطر التي تنتج من ذلك .
4- إدانة استمرار عمليات إطلاق الصواريخ البالستية إيرانية الصنع على المملكة العربية السعودية من الأراضي اليمنية من قبل ميليشيات الحوثي التابعة لإيران وعدّ ذلك تهديداً للأمن القومي العربي والتأكيد على حق المملكة العربية السعودية في الدفاع عن أراضيها وفق ميثاق الأمم المتحدة ومساندتها في الإجراءات التي تتخذها ضد تلك الاعتداءات في إطار الشريعة الدولية .
5 – إدانة استمرار الدعم الإيراني المتواصل لميليشيات الحوثي المناهضة للحكومة الشرعية في اليمن .
6 – استنكار وإدانة التدخلات الإيرانية المستمرة في الشؤون الداخلية لمملكة البحرين ، ومساندة الإرهاب وتدريب الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمتفجرات وإثارة النعرات الطائفية لزعزعة الأمن والنظام والاستقرار .
7 – إدانة استمرار احتلال إيران للجزر الإماراتية الثلاث المحتلة وتأييد الإجراءات والوسائل السلمية كافة التي تتخذها دولة الإمارات العربية المتحدة لاستعادة سيادتها على جزرها المحتلة .
8 – استمرار حصر القنوات الفضائية الممولة من إيران على الأقمار الصناعية العربية .
9 – تكثيف الجهود الدبلوماسية بين الدول العربية مع الدول والمنظمات الإقليمية والدولية لتسليط الضوء على ممارسات إيران التي تعرض الأمن والسلم في المنطقة للخطر ، ومطالبة المجتمع الدولي باتخاذ موقف حازم لمواجهة إيران وأنشطتها المزعزعة للاستقرار في المنطقة ، والوقوف بكل حزم وقوة ضد أي محاولات إيرانية لتهديد أمن الطاقة وحرية وسلامة المنشآت البحرية في الخليج العربي والممرات المائية الأخرى ، سواء قامت به إيران أو عبر أذرعها في المنطقة .
10 – التنديد بالتدخل الإيراني في الأزمة السورية ومايحمله ذلك من تداعيات خطيرة على مستقبل سوريا وسيادتها وأمنها واستقلالها ووحدتها الوطنية وسلامتها الإقليمية ، وأن مثل هذا التدخل لا يخدم الجهود المبذولة من أجل تسوية الأزمة السورية وفقا لمضامين جنيف واحد، والقرارات الدولية ذات الصلة ، وبخصوص القضية الفلسطينية قضية العرب المركزية أكدت القمة على تمسكها بقرارات القمة العربية 29 بالظهران ” قمة القدس ” وكذا قرارات القمة العربية الثلاثين في تونس .
وفي ختام اجتماعهم عبّر قادة العرب عن شكرهم وتقديرهم لخادم الحرمين الشريفين ولشعب المملكة العربية السعودية على حسن الاستقبال وكرم الضيافة وعلى مالمسوه من حسن تنظيم وإعداد متميز لأعمال هذه القمة .