مع حلول الذكرى السابعة والتسعين لوعد بلفور الصادر بتاريخ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 1917 والذي اتخذ اسمه نسبة لوزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور جيمس الذي ارسل رسالة إلى اللورد ليونيل وولتر دي روتشيلد، تتضمن تأييد الحكومة البريطانية لإنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين. وعلى مدى ثلاثين عاما من انتدابها، وظفت الحكومة البريطانية امكاناتها لتحقيق وعدها على أرض الواقع، وترجمته إلى حقائق سلبت الحق من اصحابه واعطته الى من لا يستحق.
بحلول يوم 15 أيار/ مايو 1948،اعلن الكيان الصهيوني عن ميلاد دولته المزعومة لتبدأ بعد هذا التاريخ اكبر مأساة انسانية مستمرة في التاريخ الحديث تمثلت بطرد الفلسطينيين اصحاب الارض ليتحولوا بعد ذلك الى شعب مهجر ولاجئ في شتى بقاع الدنيا .
ويورد بعض المؤرخين الصهاينة ومن يتعاطف معهم اسبابا؛ لتفسير إصدار إنجلترا لوعد بلفور. فهناك نظرية مفادها أن موقف بلفور هذا قد صدر عن إحساس بالشفقة وأن الوقت حان لتقوم الدول المسيحية بتعويض اليهود عما عانوه من اضطهاد بإنشاء دولة صهيونية في فلسطين . المفارقة التاريخية هنا بما يورده بعض المؤرخين بأن بلفور كان معادياً لليهود، وأنه حينما تولى رئاسة الوزارة الإنجليزية بين عامي 1903 و1905 هاجم اليهود المهاجرين إلى إنجلترا لرفضهم الاندماج مع السكان واستصدر تشريعات تحد من الهجرة اليهودية لخشيته من الشر الأكيد الذي قد يلحق ببلاده منهم.
الذكرى الــ97 لوعد بلفور
اليوم وبعد مايقرب من قرن من الزمان تأتي ذكرى وعد بلفور لتختلف عن سابقاتها؛ فقد حدث تطور مهم في الموقف البريطاني تجاه القضية الفلسطينية تمثل في قرار مجلس العموم البريطاني في الثالث عشر من شهر تشرين الاول/ أكتوبر من العام الحالي ، اذ صوت البرلمان البريطاني بأغلبية ساحقة لصالح الاعتراف بـ”دولة فلسطين”.
ودعا مجلس العموم، الحكومة البريطانية لتبني هذا الموقف رسميا، والتصويت في مجلس الأمن الدولي لصالح الاعتراف بحدود دولة فلسطين والانسحاب الإسرائيلي التام منها وفق جدول زمني محدد.
ورغم أن هذا القرار لم يأخذ طابع الإلزام إلا أنه يشكل تحولا جوهريا في الموقف البريطاني، ومؤشرا الى وجود نظرة جديدة لبريطانيا تجاه دولة الاحتلال الصهيوني.
ويرى العديد من المراقبين ان هذا القرار بعدّ ضربة قاسية للوبي الصهيوني المؤيد لإسرائيل في بريطانيا، و فشلاً ذريعاً للدبلوماسية الإسرائيلية التي سعت الى اجهاض القرار.
وهنا يقول المتابعون للشأن الفلسطيني ان أهمية القرار تأتي من تزامنه مع مساعي السلطة الفلسطينية لاستصدار قرار دولي عن مجلس الأمن في الفترة المقبلة يلزم اسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967.
تشديد الخناق على القدس
تزايدت حدة الاعتداءات الاسرائيلية في الآونة الاخيرة على المسجد الاقصى والمقدسات في مدينة القدس المحتلة ومحيطها استمرارا لسياسة التهويد التي تمارسها على المقدسات في المدينة .
صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية كشفت أن قوات الاحتلال ستطبق سياسة اعتقال ذوي الأطفال والفتية الفلسطينيين الذين يشاركون في المظاهرات ضد الاحتلال، وفرض غرامات عليهم؛ لإرغامهم على منع أبنائهم من المشاركة في هذه المظاهرات.
الصحيفة أوضحت أن جهاز المخابرات الداخلية الشاباك أوصى بأن يتم تطبيق ذات الإجراءات الأمنية القمعية المتبعة في الضفة الغربية داخل القدس المحتلة لتحقيق هذا الغرض.
وذكر موقع فلسطينيو 48 ان هذا التطور يأتي في ظل مطالبة قوى اليمين الإسرائيلي بتشديد الإجراءات القمعية ضد المقدسيين، ولاسيما في أعقاب الاحداث الاخيرة في القدس واهمها محاولة اغتيال الحاخام اليميني المتطرف يهودا جليك.
وشددت الهيئة الإسلامية المسيحية لنصرة القدس والمقدسات على وجود سياسة صهيونية خفية منهجية ذات أهداف واضحة ترمي لإحكام السيطرة الإسرائيلية على المدينة المقدسة وتهويدها وتهجير سكانها الأصليين،في إطار سياسة “التطهير العرقي” تجلى ذلك بسحب الهويات والإقامات من المقدسيين .
وعد بريطانيا هو السبب
في الذكرى الـ 97 لوعد بلفور يحمِّل الفلسطينيون بريطانيا المسؤولية التاريخية عما لحق بالشعب الفلسطيني من تشرد ومعاناة في شتى أنحاء العالم.
وتتعالى الدعوات لمنظمات حقوق الإنسان والمجتمع المدني المحلية والدولية لرفع الدعاوى القضائية لمحاسبة بريطانيا وحكومة الاحتلال والعصابات الصهيونية على الجرائم السياسية والجنائية التي ارتكبتها بحق الشعب الفلسطيني بأكمله باعتبارها جرائم حرب.
ويطالب بعضهم بريطانيا أن تكفر عن جريمتها التاريخية بأن تعتذر للشعب الفلسطيني وتقدم له كل أشكال الدعم السياسي والاقتصادي للانتصار لقضيته .
عامر العمران