أثارت وثائق تداولتها وسائل إعلام عراقية، تفيد بتوافد ما يقرب من 10 آلاف شخص أفغاني، قادمين من إيران، إلى العراق عبر منفذ بدرة التابع لمحافظة واسط، أيام 24 و25 و26 و27 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، قلق العراقيين واستغرابهم، مع عدم وجود مناسبة دينية في العراق، وكون الوافدين يحملون الجنسية الأفغانية، لتزداد الشكوك بكونهم مرتزقة متجهين إلى سورية، أو أن هناك من لجأ إلى “خدماتهم” لسبب يرتبط بقمع التظاهرات، خصوصاً وأن الأفغانيين توجهوا إلى بغداد، وليس إلى النجف وإيران.
وتعليقاً على الوثائق المسربة، قالت مصادر عراقية إن “معظم القادمين يحملون الجنسية الأفغانية وليس الإيرانية، رغم عدم وجود أي مناسبة دينية كما هي العادة في مثل تلك الزيادات اللافتة، كما أن أعمار الوافدين تتراوح بين 25 و35 عاما”.
وأشارت المصادر إلى أن “الغرابة في ذلك تأتي في ظل تحذير السفارات الأجنبية لرعاياها من عدم زيارة البلاد في هذه الفترة، التي تشهد موجة احتجاجات وصدامات دموية بين القوات الأمنية ومتظاهرين، كما أن هذا العدد من الوافدين الشباب لم يتجه إلى مدينتي النجف أو كربلاء، بل إلى العاصمة بغداد”، مضيفة أن “وجهتهم غير معروفة، وقد يتوجهون إلى سورية عبر منفذ القائم الذي تم افتتاحه قبل شهرين، ويخضع فعليا لسيطرة مليشيات عراقية مرتبطة بإيران”.
ونقلت صحيفة عراقية عن المصادر ذاتها قولها إن “هذا العدد من الوافدين الأفغان جاء عبر منفذ واحد وهو بدرة الحدودي مع إيران، أما المنافذ الأخرى، وهي كثيرة، فلا نعلم ما إذا كانت تستقبل مثل هذه الأعداد، أم لا”.
وفتحت الوثائق المسربة أبواب الشكوك التي تدور بشأن القمع الذي تعرض له المحتجون في بغداد، بعد أن وردت روايات كثيرة عن مشاركة مرتزقة غير عراقيين في ضرب المتظاهرين بالرصاص الحي، وهذا ما يرجحه ناشطون عراقيون.
وقال أحد النشطاء، لـ”العربي الجديد”، إن “الحكومة العراقية والفصائل المسلحة واجهت المحتجين بشتى أنواع العنف، وقد تأكد في غير مرة وجود مسلحين غير عراقيين على خط مواجهة المحتجين”، مبيناً أن “المتظاهرين في بغداد عثروا في أكثر مرة على وثائق إيرانية في جيوب بعض القناصة وعناصر قوات فض الشغب، والدولة التي تستعين بإيرانيين لقمع العراقيين قطعا لديها الإمكانية لاستيراد غيرهم من جنسيات أخرى”.
وتواصل “العربي الجديد” مع مسؤول محلي مقرب من محافظة مدينة واسط العراقية، بشأن الأفغان الذين دخلوا المحافظة عبر منفذ بدرة، إذ إنه قال إن “الحكومة المحلية لا علاقة لها بمن يغادر البلاد أو يدخلها، وهذا من اختصاص الحكومة الاتحادية في بغداد، وهيئة المنافذ الحدودية، كذلك بالتنسيق مع وزارتي النقل والداخلية”، مؤكداً “دخول آلاف الأشخاص أفغانيي الجنسية”، إلا أنه لم يصرّح بالعدد الرسمي، وبشأن توجههم إلى بغداد، مشيرا إلى أنهم “قد يكونون من زوار مرقد الإمام الكاظم في العاصمة، أو أنهم ضمن وفود لشركة عاملة في العراق”.
في المقابل، نفى المسؤول المحلي في محافظة بغداد سعد المطلبي صحة الوثائق المنشورة، مبيناً لـ”العربي الجديد” أن “الحديث عن وصول آلاف الأفغان إلى بغداد غير صحيح، ولم نسمع بهذا الخبر إلا من خلال بعض الصفحات ووسائل الإعلام، وبالتالي لا يمكن اعتبارها مصادر حقيقية”.
وأكد المطلبي أن “الحدود العراقية مفتوحة، ولا تمكن السيطرة عليها، وهناك قادة من دول كبيرة يصلون بدون أوراق أصولية، مثل الجنرال الإيراني قاسم سليماني، وشخصيات أميركية، أما المواطنون العاديون فيتم استخدام القانون معهم، ولذلك ملف الأفغان ودخولهم إلى العراق غير صحيح، ولا يمكن تصديقه”.
إلى ذلك، أكد صلاح المحمداوي، وهو عضو نقابة العمال العراقيين، أن “النقابة تراقب دخول الأجانب عبر المنافذ الحدودية البرية وحتى المطارات، من أجل تسجيل إن كانت هناك عمالة أجنبية جديدة وفدت إلى العراق، وبالتالي ما سمعناه عن وصول آلاف الأفغانيين إلى العراق خلال الأسابيع الماضية لا يندرج ضمن خانة العمالة الأجنبية”.
وبيّن المحمداوي، لـ”العربي الجديد”، أنه “قد يكون للأفغان الوافدين أعمال أخرى يقومون بها في بغداد، وربما يأتون إلى العراق من أجل الاستجداء، فقد أصبحت مهنة الكدية رائجة في العراق، وهناك الكثير من الأجانب يأتون في سبيل هذه المهنة”.
وشهدت بغداد ومحافظات الوسط والجنوب، منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، احتجاجات شعبية واسعة، أدت إلى صدامات دموية راح ضحيتها مئات المحتجين، فضلاً عن آلاف المصابين، بسبب الفساد ونقص فرص العمل، وضعف الخدمات الأساسية.
العربي الجديد