وساطة قطرية وراء إزالة أبوجهاد الهاشمي من العقوبات الأميركية

وساطة قطرية وراء إزالة أبوجهاد الهاشمي من العقوبات الأميركية

بغداد – كشفت مصادر أن أبوجهاد الهاشمي، الذي يوصف بأنه رئيس الوزراء الفعلي في العراق، قد قدم استقالته الشهر الماضي، نظير عدم ورود اسمه في لوائح المشمولين بالعقوبات الأميركية، وأن قطر قادت وساطة للتوصل إلى هذا التفاهم، في وقت تواصل الولايات المتحدة إصدار قوائم الشخصيات العراقية المشمولة بعقوبات وزارة الخزانة الأميركية على خلفية تورطها في قضايا فساد وانتهاك لحقوق الإنسان.

ووضعت الخزانة الأميركية أسماء قيس الخزعلي زعيم حركة عصائب أهل الحق الموالية لإيران وشقيقه ليث الخزعلي الذي يدير أنشطة تجارية واسعة، ومسؤول الأمن الداخلي في قوات الحشد الشعبي حسين فالح المعروف بـ”أبوزينب اللامي” على لائحة العقوبات، الجمعة، التي شملت أيضا رجل الأعمال السني المثير للجدل خميس الخنجر، بتهمة دفع أموال لجماعات مسلحة متورطة في قتل المتظاهرين العراقيين.

وقالت الخارجية الأميركية إن إجراءاتها مستمرة في هذا الصدد، ما يؤكد وجود قوائم جديدة قد تصدر في أي لحظة، لاسيما في ظل تصاعد القمع الذي تتورط فيه ميليشيات عراقية موالية لإيران ضد حركة الاحتجاج الشعبية التي تستمر منذ مطلع أكتوبر الماضي.

أبوجهاد الهاشمي المنصة التي يدير من خلالها الحرس الثوري عملية قمع المتظاهرين

وكشفت مصادر عليمة لـ”العرب”، أن مدير مكتب رئيس الوزراء المعروف بـ”أبوجهاد الهاشمي” أجبر على تقديم استقالته من منصبه الشهر الماضي، نظير شطب اسمه من لائحة عقوبات الخزانة الأميركية.

وعلى مدى نحو شهر كامل، خاض الهاشمي حوارات مطولة مع ممثلين عن حكومة الولايات المتحدة بوساطة قطرية، لرفع اسمه من لائحة عقوبات، شملت أيضا رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض.

ويوصف الهاشمي بأنه المنصة التي يدير من خلالها الحرس الثوري الإيراني عملية قمع المتظاهرين عبر أجهزة الحكومة العراقية الأمنية.

وتشرح المصادر بأن استقالة الهاشمي كانت شكلية أول الأمر، بعدما وقعها وسلمها لرئيس الوزراء عادل عبدالمهدي في الحادي عشر من الشهر الماضي، إذ طلب قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني الجنرال قاسم سليماني من مدير مكتب رئيس الحكومة الاستمرار في مهامه التي تتعلق بإدارة عملية قمع الاحتجاجات.

لكن مسؤولين قطريين أبلغوا عبدالمهدي لاحقا بأن الولايات المتحدة ستضع اسم الهاشمي على لائحة عقوبات جديدة، في حال لم يبتعد عن المشهد كليا، وهو ما حدث فعلا في الأسابيع اللاحقة، وفقا لمصادر مطلعة.

وتؤكد المصادر أن مسؤولين في الخارجية القطرية ما زالوا يقودون وساطة مع الولايات المتحدة لتجنب وضع اسم فالح الفياض، رئيس هيئة الحشد الشعبي، على لائحة العقوبات، مشيرة إلى أن الجهود القطرية تترجم رغبة إيرانية أبلغتها طهران إلى الدوحة عبر أرفع المستويات.

وما لم تنجح الوساطة القطرية فإن الفياض سيكون التالي على لائحة العقوبات الأميركية، ليكون أول مسؤول عراقي مستمر في الخدمة تشمله قرارات الخزانة.

وتأتي تحركات الولايات المتحدة الجديدة في إطار مساعيها للضغط على بغداد من أجل إيقاف حمام الدم الذي تورطت فيه الحكومة العراقية ضد متظاهرين سلميين يطالبون باستعادة بلدهم من قبضة النفوذ الإيراني.

وهذه أحدث عقوبات أميركية تستهدف أفرادا أو جماعات مسلحة عراقية تربطها صلات وثيقة بطهران فيما تكثف واشنطن الضغوط الاقتصادية في مسعى لاحتواء النفوذ الإيراني بالشرق الأوسط.

وقال ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى للصحافيين إن واشنطن مستعدة لفرض عقوبات جديدة على آخرين في ما يتصل بقتل محتجين إذا لم يتوقف العنف.

وأضاف شينكر “لم ننته بعد. هذه عملية متواصلة”.

ويقول مراقبون إن وصول العقوبات إلى عتبة الخزعلي واللامي، مؤشر على إمكانية شمول شخصيات أخرى، من بينها رئيس الوزراء المستقيل نفسه، بعد أن تنتهي مدة تصريف الأعمال التي كلفت حكومته بإدارتها.

كما يتوقع مراقبون أن تمتد العقوبات إلى جنرالات في الجيش العراقي تورطوا في قتل المتظاهرين، في مقدمتهم جميل الشمري، المسؤول عن مجزرة راح ضحيتها العشرات من المحتجين في مدينة الناصرية، جنوب البلاد.

ومن شأن هذه الإجراءات الأمنية، أن تعلي سقف المحاذير التي تحكم عمل الساسة والعسكريين وقادة الميليشيات المسؤولين عن إدارة العنف الدموي ضد المتظاهرين، برغم اللامبالاة الشكلية التي قوبلت بها قرارات الخزانة الأميركية.

ويقول نعيم العبودي، وهو قيادي في حركة الخزعلي ونائب في البرلمان إن “قرارات الخزانة الأميركية تعد تدخلا سافرا وطفوليا في الشأن الداخلي العراقي”، مشيرا إلى أنه “ليس من حق أي جهة سوى القضاء العراقي والجهات المختصة الداخلية في فرض العقوبات على المواطنين العراقيين”.

وأضاف “في هذه المناسبة نجدد تمسكنا بنهج مواجهة التدخلات الأجنبية والسير نحو إصلاح العملية السياسية”.

العرب