من بين ثلاثة سيناريوهات مطروحة للاتفاق بين الحكومة الاتحادية في بغداد، وحكومة إقليم كردستان العراق في أربيل، تم اختيار واحد منها بشكل مبدئي خلال اجتماعات ولقاءات عقدت في الأيام الماضية بالعاصمة بغداد بين مسؤولين من كلا الطرفين.
وحسب مسؤول في حكومة بغداد لـ”العربي الجديد” يقضي الاتفاق المرتقب بأن يسلم الإقليم 250 ألف برميل نفط يومياً إلى بغداد تقوم هي بتصديره عبر أنبوب النفط العراقي المتجه إلى ميناء جيهان التركي، مقابل منح الإقليم حصته الكاملة، بما فيها الرواتب، من الموازنة المالية للعراق.
وأكد المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه، أن الأسبوع المقبل سيشهد زيارة وفد من كردستان إلى بغداد لاستكمال المفاوضات. وتابع: “قد يكون ذلك حاسما للاتفاق في حال المضي في إرسال الموازنة للعام المقبل إلى البرلمان العراقي لإقرارها وفيها حصة الإقليم 12.67%، وهو ما ترفضه بطبيعة الحال قوى سياسية في البرلمان يتوقع أن تطعن به، على اعتبار أن الموازنة الممنوحة للإقليم أكثر من القيمة المقدّرة، إذ يتم احتساب الموازنة وحصة كل محافظة عراقية بحسب التعداد السكاني والواقع المعيشي فيها”.
ويوم السبت الماضي، زار وفد كردي رفيع المستوى بغداد، وضم الوفد وزيري مالية إقليم كردستان آوات شيخ جناب، ووزير الإقليم أوميد صباح، ورئيس ديوان الإقليم امانج رحيم، والتقى الوفد برئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي ومسؤولين آخرين.
مسؤولان حكوميان في بغداد تحدثا لـ”العربي الجديد”، أحدهما عبر الهاتف، قالا إن الاجتماعات ناقشت ثلاثة خيارات للتوصل إلى اتفاق، الأول هو تسليم الإقليم 250 ألف برميل من النفط يومياً إلى شركة تصدير النفط العراقية “سومو”، ثم تقوم هي ببيعه عبر السوق العالمية وتسلم عائداته.
والمقترح الثاني، حسب المسؤولين، اللذين رفضا ذكر اسميهما، هو أن يبيع الإقليم الكمية ذاتها ويسلم عائداتها لبغداد، والمقترح الثالث أن يقوم الإقليم ببيع نفطه وتسلم عائدات ذلك البيع وتقوم بغداد باستقطاع عائدات الكمية المتفق عليها وإرسال بقية الأموال من حصة الإقليم من الموازنة الاتحادية إلى الإقليم.
وأكد أحد المسؤولين أنه تم الاستقرار على الخيار الأول بشكل مبدئي، لافتا إلى أن الاتفاق سيطبق، في حال تم التوقيع عليه، في الأول من العام المقبل.
وكشف أن الحوارات الآن تبحث ضمانات تطبيق الاتفاق وعدم تعثره مثل الاتفاق السابق الذي اضطر بغداد إلى استقطاع ما باعه الإقليم من النفط ولم يسدده في عام 2019.
ويبلغ عدد سكان الإقليم نحو 5 ملايين نسمة وهو ما يستند إليه المعارضون لهذه النسبة، إذ يؤكدون أن بغداد يبلغ عدد سكانها 9 ملايين ولا تحصل على ربع ما يحصل عليه الإقليم وكذلك نينوى التي يبلغ عدد سكانها نحو 4 ملايين نسمة.
ووصف نائب رئيس وزراء إقليم كردستان، قوباد طالباني، في مؤتمر صحافي الأسبوع الجاري، المفاوضات بين الطرفين في بغداد بأنها جدية ومهمة، قائلا “نتمنى أن نتوصل إلى نتائج مرضية لكل الأطراف”
من جهته، قال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني، أحمد الصفار، في حديث لـ”العربي الجديد”، إن وفد الإقليم أتى إلى بغداد لغرض الاتفاق على حصة الإقليم وأيضاً للمشاركة في تنظيم مشروع موازنة 2020 للحكومة الاتحادية بسبب وجود مشاكل في الموازنة السابقة نتيجة لعدم قدرة حكومة كردستان على الالتزام بتسليم الكمية المتفق عليها في مشروع الموازنة.
وأضاف أن الوفد جاء إلى بغداد لإعلان التزام أربيل ابتداء من أول العام المقبل بتسليم الكمية المتفق عليها، مقابل حصول الإقليم على حصته من الموازنة كاملة، وسيتفق على أن تكون النسبة بين 12.7% و14% من إجمالي الموازنة.
وحسب الباحث في الشأن الكردي، علي ناجي، لـ”العربي الجديد” فإن “هناك اتفاقا بشكل شبه نهائي على أن يعطي الإقليم 250 ألف برميل يومياً لحساب حكومة بغداد التي تقوم بدورها بدفع ما يقرب تريليون دينار عراقي كرواتب ومستحقات الإقليم شهرياً”، مشيرا إلى ملف ثانٍ يناقشه الطرفان، وهو ملف تعديل الدستور.
وفي المقابل، استبعد عضو البرلمان العراقي، أحمد الجبوري، التزام كردستان بأي اتفاق مع بغداد، مؤكدا في حديث لـ”العربي الجديد” أن هذه ليست المرة الأولى التي يجرى فيها الحوار بهذا الشأن ولن تكون الأخيرة.
وتابع: “إبرة تخدير لا أكثر، ولا أعتقد أن الإقليم سيستجيب لطلبات الحكومة المركزية، خصوصاً أنه في الموازنة الماضية كان الإقليم يصدر أكثر من 500 ألف برميل يومياً، ونحن ضمّنا الموازنة بنداً يقضي بتسليم الإقليم 250 برميلاً يومياً، إلا أنه لم يسلم شيئاً حتى يومنا هذا”.
وقال الجبوري: “بخصوص الموازنة فهي لا تزال في أروقة مجلس الوزراء ولم تصل حتى هذه اللحظة إلى مجلس النواب وخاصةً اللجنة المالية”.
العربي الجديد