يبدو أن العراق تحول إلى مصدر إمداد وخادما لمصالح الدول الأجنبية، وفق ما أفاد به الكاتب سيمون واتكينز، في مقال نشره موقع “أويل برايس” الأميركي.
الكاتب قال إن الصين وروسيا استغلتا فرصة عدم رغبة الولايات المتحدة في الانخراط في جميع الأعمال العسكرية بالشرق الأوسط، لتعزيز طموحاتهما في المنطقة.
وأضاف أنه بالنسبة لروسيا، يوفر الشرق الأوسط محورا عسكريا رئيسيا يساعد على التأثير على الغرب والشرق على حد السواء، كما يمكن استخدامه لالتقاط ومراقبة التدفق الهائل للنفط والغاز في كلا الاتجاهين.
أما بالنسبة للصين، فيعتبر الشرق الأوسط -خاصة إيران والعراق- نقطة انطلاق لا يمكن الاستغناء عنها في مشروعها “حزام واحد، طريق واحد”.
وتحدث الكاتب عن منح وزارة النفط العراقية عقدا بقيمة 121 مليون دولار أميركي “لشركة الهندسة البترولية والبناء الصينية” غير المعروفة، لتحسين المنشآت المستخدمة لاستخراج الغاز وإنتاج النفط الخام في حقل غرب القرنة شمال غرب المركز النفطي الرئيسي للبصرة.
واستعرض الكاتب عاملين أساسين، يتمثل الأول منهما في أن شركة الهندسة البترولية والبناء الصينية تابعة لشركة البترول الوطنية الصينية التي تمثل الوكيل السياسي الرئيسي للصين في قطاع النفط والغاز، أما العامل الثاني فيتمثل في مشروع لاحتجاز الغاز سيشمل تطوير احتياطي النفط في حقل “غرب القرنة 1”.
احتياطي العراق
وأورد الكاتب أن المستوى الحالي لاحتياطي النفط في حقل “غرب القرنة 1” أقل بقليل من تسعة مليارات برميل. في المقابل، يشكل الموقع جزءا أساسيا من خزان غرب القرنة الشامل الضخم الذي لا يقل عن 43 مليار برميل من احتياطي النفط الخام.
وأفاد مصدر بارز في صناعة النفط والغاز لموقع “أويل برايس” أنه بالنسبة للصين، دائما ما يتعلق الأمر بتثبيت موطئ قدمها من أجل زيادة قدرتها على التوسع.
في سياق آخر، أوضح الكاتب أن من المنطقي أن يشرع العراق أخيرا في تسييل الغاز الذي تم حرقه منذ عقود، بغض النظر عن الأثر البيئي السلبي لهذه الممارسة، حيث من الغريب أن يتوسل العراق -الذي يمتلك أكبر احتياطات النفط والغاز في العالم- واردات الكهرباء من جارته الإيرانية، لسد العجز في قطاع الطاقة خاصة خلال الصيف.
وذكر الكاتب أن العراق يستورد حوالي ثلث إجمالي إمدادات الطاقة من إيران، أي ما يعادل 28 مليون قدم مكعب من الغاز لتغذية محطات توليد الطاقة.
ومع ذلك، تستمر مشاكل انقطاع التيار الكهربائي المتكررة بشكل يومي في جميع أنحاء العراق، ومثلت هذه المشكلة حافزا رئيسيا للعديد من التحركات الاحتجاجية في البلاد ولا سيما خلال العام الماضي.
وأوضح الكاتب أنه وفقا للوكالة الدولية للطاقة، من المحتمل أن يزداد الوضع سوءا إذا لم يحدث تغيير. وبالنظر إلى نمو سكان العراق بمعدل مليون شخص سنويا، فمن المتوقع أن يتضاعف الطلب على الكهرباء بحلول عام 2030.
اعلان
وأضاف الكاتب أن ذلك يكلف العراق أموالا، لأن هذا الغاز المصاحب المشتعل يمكن أن يباع مباشرة أو في شكل غاز طبيعي مسال، أو استخدامه كمواد وسيطة عالية الجودة لإطلاق صناعة البتروكيماويات الطويلة الأجل في البلاد، والتي يمكن أن تنتج تدفقات من إيرادات المنتجات ذات القيمة المضافة الضخمة.
ووفقا لوكالة الطاقة الدولية، يمتلك العراق حوالي 3.5 تريليونات متر مكعب من الاحتياطيات المؤكدة من الغاز، والتي ستكون كافية لتزويد ما يقرب من مئتي عام من استهلاك العراق الحالي من الغاز، إلا أنها أضافت أن الاحتياطيات المؤكدة لا توفر صورة دقيقة عن إمكانات إنتاج العراق على المدى الطويل، وأن قاعدة الموارد الأساسية أكبر بكثير.
تطلعات الصين
وكشف الكاتب أن الصين تدرك هذا الأمر وتعلم أنها لن تخسر من خلال توسيع بصمتها في العراق بهذه الطريقة.
وقال مصدر عراقي إن الصين تشعر بالقلق الشديد من أن يُنظر إليها في إيران أو العراق على أنها تريد تحويلهما إلى دولتين عميلتين، لذلك تتخذ الصين خطوات صغيرة ومتصاعدة إلى أن تصبح صاحبة القرار في إيران والعراق.
وأوضح الكاتب أن هذا هو الحال في غرب “القرنة 1″، وعلى الرغم من أن العقد الذي أُعلن عنه يتضمن بشكل أساسي بناء الشركة الصينية لهندسة البترول والبناء البنية التحتية لالتقاط الغاز بدلا من اشتعاله، فإنه ينطوي على السماح باستخدام الغاز أو بيعه بسعر مفيد.
وأضاف المصدر نفسه أن الصين تتطلع إلى أخذ الغاز بحسم لا يقل عن 30% إلى أدنى متوسط السوق لمدة عام في المراكز، وهو ما يسمح لها بتدخل أكبر في النفط.
اعلان
وبين الكاتب أن هذا الحضور الكبير في غرب “القرنة 1” يتلاءم بدقة مع تحركات الصين شبه المتطابقة قبل شهرين في حقل “مجنون” النفطي بالعراق، وكان هذا الحقل محور إعلان مماثل للغاية.
حيث وقعت الأطراف المعنية عقدين رئيسيين جديدين للحفر، أحدهما مع الشركة الصينية لهندسة البترول والبناء لحفر 80 بئرا، والآخر مع شركة الحفر العراقية لحفر 43 بئرا.
وفي الواقع ستكون الصين المسؤولة عن كليهما، بعد أن قدمت الأموال اللازمة لشركة الحفر العراقية “كرسوم” لمشاركتها الخاصة، وذلك وفقا للمصدر العراقي.
وأشار الكاتب إلى أن حقل “مجنون” يعد من أكبر الحقول في العالم، حيث يحتوي على حوالي 38 مليار برميل من النفط، وهو ينتج حاليا حوالي 240 ألف برميل يوميا.
وعلى المدى الطويل، لا تزال الأرقام المستهدفة للإنتاج الأصلي للكونسورتيوم الذي تقوده شركة شل قائمة، إذ إن هدف الإنتاج الأول البالغ 175 ألف برميل يوميا تحقق بالفعل.
أما الإنتاج القياسي، فيبلغ 1.8 مليون برميل يوميا سيتحقق عام 2030، كما تنتج غرب القرنة حوالي 465 ألف برميل يوميا، مع معدل قياسي أصلي قدره بين 2.825 مليون برميل يوميا، إلى 1.6 مليون برميل يوميا في عام 2030.
اعلان
وأفاد الكاتب أن المصدر العراقي صرح لموقع “أويل برايس” أن الصفقة الخاصة بالنفط التي ستظفر بها الصين من غرب “القرنة 1″، ستكون مطابقة لتلك التي أبرمتها في “مجنون”.
وعلى وجه التحديد، سيتضمن ذلك عقدا مدته 25 عاما، سيبدأ رسميا بعد عامين فقط من تاريخ التوقيع، مما يتيح للشركة الصينية لهندسة البترول والبناء كسب المزيد من الأرباح.
وأكد الكاتب أن دفعات البرميل إلى الصين ستكون أعلى من متوسط السعر الفوري لمدة 18 شهرا للنفط الخام المنتج، أو متوسط سعر الأشهر الستة الماضية، وسيشمل ذلك أيضا حسما بنسبة 10% على الأقل على الصين لمدة خمس سنوات على الأقل من قيمة النفط الذي تحظى به، بالإضافة إلى حسم 30% للغاز الذي تمتلكه.
المصدر : مواقع إلكترونية