تعتبر موافقة تركيا على استخدام الجيش الأمريكي لقواعدها الجوية بالقرب من الحدود السورية للقيام بضربات ضد مواقع تنظيم داعش في سوريا يوم الخميس يوليو 23 نقطة تحول في الحرب ضد هذا التنظيم.
وقد أصبحت هذه الموافقة رسمية بعد المحادثة الهاتفية بين باراك أوباما ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، بعد التفجيرات الإرهابية في مدينة سروج المنسوبة لتنظيم داعش والتي تسببت في مقتل 32 شخصًا. وينص الاتفاق على استخدام قواعد إنجرليك وديار بكر من قبل الأمريكان مع مشاركة الجيش التركي في القصف الجوي على سوريا.
ووفقًا لقناة التليفزيون التركية TRT، فقد انطلقت أربع طائرات حربية تركية في الليلة بين الخميس والجمعة من القاعدة الجوية في ديار بكر التركية لضرب مواقع يسيطر عليها الجهاديون على الحدود السورية.
مفاوضات مع تنظيم داعش
وإلى حد يوم الخميس رفضت تركيا، العضو في حلف شمال الأطلسي وفي التحالف ضد تنظيم داعش، المشاركة في القصف الجوي الذي يقوم به التحالف بقيادة الولايات المتحدة، كما أنها لم توافق على استخدام قاعدة إنجرليك الجوية، جنوب البلاد. ومؤخرًا، تم السماح لاستخدام الطائرات بدون طيار، ولكن لم يكن بإمكان الطائرات الأمريكية F-16 أن تقلع من هذه القاعدة، ناهيك عن المشاركة التركية في الضربات الجوية التي بدت مستبعدة.
وباعتبارها معنية في المقام الأول بالصراع السوري، خاصة مع عدم قدرتها على السيطرة على حدودها مع سوريا والبالغ طولها 900 كم، بقيت تركيا تخشى المواجهة مع هذا التنظيم الراديكالي السني، مفضلة المفاوضات مع هذا التنظيم؛ ما مكنها في سبتمبر 2014 من الإفراج عن الرهائن في القنصلية التركية في الموصل مقابل إطلاق سراح الكثير من الجهاديين المسجونين في السجون التركية.
واستغرق الوضع على حاله لمدة 10 أشهر لرؤية الموقف التركي يتغير وبشكل كبير. هذا التحول يأتي في الوقت الذي عززت فيه الحكومة في الأشهر الأخيرة التواجد العسكري على حدودها مع سوريا، مع منع عبور مجندي “الخلافة” الذين كانوا يحاولون دخول سوريا للانضمام إلى هذا التنظيم.
وبعد الانتقادات الموجهة لتركيا من قبل حلفائها الغربيين بسبب هذا الموقف المتردد في مواجهة تنظيم داعش، اشترط الرئيس رجب طيب أردوغان للمشاركة بفعالية أكبر في التحالف ضد الجهاديين أن تكون الإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد من بين أهداف التحالف مع إنشاء منطقة حظر جوي في شمال سوريا.
ولم يتم الكشف عن تفاصيل الاتفاق “الأمريكي-التركي”. فهل تم التطرق إلى إنشاء منطقة أمنية؟ ويوم الخميس، أكدت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأمريكية “لورا سيل” أن واشنطن وأنقرة “قررتا تكثيف التعاون ضد تنظيم داعش”. أما بالنسبة لبقية الاتفاق، فقد قال مسؤولون أمريكيون إنهم يفضلون أن يتحدث الجانب التركي عن هذا الموضوع.
وبمجرد عقد هذا الاتفاق وقعت اشتباكات على الحدود التركية السورية قرب كيليس (غازي عنتاب). فعلى الساعة الواحدة والنصف بعد الزوال من يوم الخميس، تم استهداف جنود أتراك على يد مجموعة من الجهاديين.
ووفقًا لطارق سيفيزلي، نائب رئيس حركة التركمان السورية، فإن الحادث وقع بينما كان يسعى مجندون من تنظيم داعش لإدخال أحد المصابين إلى تركيا، هذا الإجراء الذي كان في السابق معمولًا به؛ حيث كان المصابون من تنظيم داعش أو من الجيش السوري الحر وأيضًا من المقاتلين الأكراد تتم معالجتهم في مستشفيات أورفا وغازي عنتاب في الجانب التركي.
وبسبب رفض الجنود مرور أعضاء من تنظيم داعش، تم فتح النار عليهم؛ ما تسبب في وفاة ضابط وإصابة أربعة جنود. وقام الجيش التركي بإجلاء قرية عيوشة السورية، المكان الذي أطلق منه النار؛ لتقوم بعد ذلك الدبابات التابعة للجيش التركي بإطلاق النار على مواقع تنظيم داعش. ووفقًا لهيئة الأركان العامة، فقد دخل الجنود الأتراك ولفترة وجيزة الأراضي السورية لاستعادة جثة القتيل الجهادي، كما تم تدمير ثلاث عربات رباعية الدفع تابعة لتنظيم داعش.
وتأتي هذه الاشتباكات بعد ثلاثة أيام من تفجير انتحاري قتل فيه 32 من الشباب الناشطين المؤيدين للأكراد في مدينة سروج، على بعد حوالي 10 كيلومترات من الحدود السورية في منطقة سانليورفا. ووفقًا للعناصر الأولى من التحقيق، فإن الجاني المزعوم في هذا الهجوم هو شاب كردي يبلغ من العمر 20 عامًا وأصيل مدينة أديمان، جنوب شرق الأناضول، بعد أن عبر سرًا إلى سوريا للحاق بشقيقه.
التضامن السني
وتتهم المعارضة حكومة داود أوغلو بالتقصير في مواجهة الإرهاب، كما تتهم حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ بتأييده الأعمى للجهاديين السوريين باسم التضامن السني، مع هاجس إسقاط طاغية دمشق.
ومن الآن فصاعدًا أصبحت الحرب ضد تنظيم داعش حربًا شاملة. ففي 17 يوليو، نشرت مجلة القسطنطينية -التابعة لتنظيم داعش وتصدر باللغة التركية- الدعوة إلى استهداف تركيا مع ذكر فتوى صادرة عن “الخلافة” حول اللحم القادم من تركيا باعتباره غير صالح للاستهلاك.
كما نشر صباح يوم الجمعة 5000 من رجال الشرطة في جميع أنحاء تركيا في عملية واسعة لمكافحة الإرهاب ضد تنظيم داعش وضد المسلحين الأكراد من حزب العمال الكردستاني (المحظور في تركيا). وقد ألقي القبض على أكثر من 250 شخصًا.
التقرير