الانتفاضتان اللبنانية والعراقية في طريق مسدود

الانتفاضتان اللبنانية والعراقية في طريق مسدود

تحت عنوان : الانتفاضتان اللبنانية والعراقية في طريق مسدود، كتبت صحيفة لاكروا La Croix الفرنسية أنه بعد مرور شهرين على انطلاق الثورة ضد الفساد في كلا البلدين تبدو الأوضاع معقدة في كل من لبنان والعراق. وتضيف الصحيفة أن صعوبة إيجاد بديلين لرئيسي الحكومة في البلدين يكشف حجم التضارب وصراع المصالح فيهما ويعكس حالة التأزم التي يمران بها.

وتقول الصحيفة إن اللبنانيين والعراقيين نجحوا في غضون أسابيع من المظاهرات ضد الطبقة السياسية القائمة في الإطاحة برئيسي الحكومة في كل منهما. ففي حين نجح اللبنانيون في التخلص من رئيس حكومتهم بصورة سلمية؛ دفع العراقيون الثمن باهظا في سبيل ذلك حيث سقط 400 قتيل وآلاف الجرحى والمختفين.

بيد أن الخطوة الثانية في طريق التغيير تبدو صعبة؛ فبعد مرور شهرين من الانتفاضة الشعبية اكتشف المتظاهرون حجم المهمة ومدى عناد الساسة في البلدين. الصعوبة الأبرز بالنسبة لكل من لبنان والعراق تكمن في التوصل إلى تسمية رئيس للحكومة يخلف رئيس الحكومة المطاح به.

في العراق يتدافع رئيس الجمهورية والبرلمان مسؤولية اقتراح اسم جديد لرئاسة الوزراء كما يوضح مدير مركز الدراسات الاجتماعية في العراق عادل باكاون. إذ تدرك الرئاسة والبرلمان – كما هو الحال في لبنان – أن أي مقترح سيقدمانه لن يحظى بالقبول وسيتعرض المبادر باقتراح شخصية لرئاسة الوزراء للاحتجاج من قبل المتظاهرين الذين يطالبون باستئصال النظام القائم في البلدين.

وفي مفارقة غريبة يتوقع أن يتم الإعلان عن اسم رئيس الوزراء الجديد في كل من بيروت وبغداد هذا اليوم 19 ديسمبر رغم أن لا أحد يثق في إمكانية الخروج من الأزمة. ففي العراق لا يرى الرأي العام إمكانية للتوصل إلى حل للمعضلة كما يقول عادل باكاوان. أما في لبنان وبين يدي أعياد الميلاد؛ فلا أحد يمكنه الجزم بالأجل الذي قد يحدده رئيس الجمهورية ميشل عون للمشاورات الجارية لتعيين رئيس للوزراء. وفي بغداد كما في بيروت كانت هناك فرضية واحدة تؤكد تمسك الحكام بمناصبهم وهي إمكانية عودة رئيسي الحكومتين عادل عبد المهدي في العراق وسعد الحريري في لبنان رغم أن هذا الأخير نفى نيته الترشح لخلافة نفسه.

ويقول الباحث السياسي جوزيف مايلا إن هناك معضلة أخرى تكمن في المحاصصة الطائفية؛ ففي لبنان مثلاً تتعطل المشاورات عند نقطة تشكيل الحكومة التي لا يمكن أن يغيب عنها أي مكون “من السنة والشيعة والمسيحيين”.

وإذا كان التأزم الحالي يتمثل في مواجهة بين الشارع والقيادات السياسية وبين القادة السياسيين فيما بينهم؛ فإن غياب قيادة للثورة يزيد من تعقيد المشهد. ويتحاشى الثوار في كلا البلدين تعيين قادة للثورة لأسباب أمنية “خاصة في العراق حيث تتزايد الاغتيالات” وكذا لتحصين الثورة من اختراق الأنظمة.

ونتيجة لهذا المعطى يطالب المتظاهرون في ميدان التحرير ببغداد وميدان الشهداء ببيروت بتشكيل حكومتي تكنوقراط وهو أمر ترفضه الأحزاب السياسية. وحتي لو قبلت الأحزاب السياسية تشكيل حكومتي إنقاذ وطنيتين فإن السؤال يطرح حول مدى استعداد الثوار لتشكيل حكومي من تكنوقراط لا يضم طوائفهم يقول جوزيف مايلا الذي يؤكد أن حجم المأزق غير مسبوق.

ويقول ديدييه بييون المدير المساعد لمعهد العلاقات الدولية والاستراتيجية إن التأثير الأجنبي يزيد من تعقيد الوضع في العراق ولبنان حيث تتصارع الولايات المتحدة وإيران بالوكالة في العراق وبحجم أقل في لبنان.

القدس العربي