في تقرير بعددها الصادر اليوم السبت، توقفت صحيفة “لوفيغارو” الفرنسية عند المناورات العسكرية المشتركة التي بدأت يوم أمس بين البحرية الإيرانية-الروسية-الصينية في منطقة خليج عمان الإستراتيجية، على أن تستمر ثلاثة أيام.
واعتبرت “لوفيغارو” أن إحجام الولايات المتحدة عن الرد على إيران في نهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي في أعقاب إسقاط الدفاع الجوي للحرس الثوري طائرة مسيرة أمريكية في منطقة الخليج، ثم رفض واشنطن مساعد المملكة العربية السعودية على الانتقام بعد الهجوم على منشأتي آرامكو في سبتمبر/ أيلول الماضي، رفعا من منسوب الردع الإيراني، لدرجة أنّ عدوتيها في المنطقة الإمارات العربية المتحدة ثم المملكة العربية السعودية خففتا من لهجتهما حيالها، مفضلين من الآن فصاعداً مقاربة التفاوض مع إيران، لإدراكهم بأنهم سيخسرون الكثير في الصراع مع جارتهم.
وفي هذا الإطار -تشير لوفيغارو- باشرت أبو ظبي التواصل سريًا مع طهران، كما بعثت الرياض من جانبها برسائل إلى إيران، ثم التقى السعوديون بمسؤولين إيرانيين، كما كشفت عن ذلك مؤخرا صحيفتا وولستريت جورنال ولوفيغارو. والهدف -توضح الصحيفة الفرنسية- هو التحرك نحو معاهدة عدم الاعتداء. وهي الفكرة التي اقترحها الرئيس الإيراني حسن روحاني خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر/ أيلول الماضي بنيويورك.
لكن منذ ذلك الحين، تغير المعطى ابتداء من نوفمبر/ تشرين الثاني، حيث كانت مئات المدن الإيرانية مسرحاً للاحتجاجات التي قمعها النظام بشدة – حيث تتحدث تقارير عن وقوع أكثر من 300 قتيل. وبالتزامن مع ذلك، رفض عشرات الآلاف من الشباب العراقي الشيعي الغاضب سيطرة جارتهم على بلادهم، بينما يستمر التعبير عن الرفض نفسه لجماعة حزب الله في لبنان.
فكما في عهد الفرس تواجه إيران ظاهرة تمدد “إمبراطورياتها” الذي يضعفها على المستوى الإقليمي، بينما تواجه داخليا تبعات مؤلمة جراء العقوبات الاقتصادية الأمريكية، تقول لوفيغارو، موضحة إنه في واشنطن، تغيرت اللهجة، حيث يعتقد الأمريكيون أن سياستهم الخاصة بالضغط الأقصى قد أثمرت وأن هذا ليس الوقت المناسب لعملية دبلوماسية مع طهران، وفق ما تنقل الصحيفة عن خبير في منطقة الخليج لم تورد اسمه.
وتتابع لوفيغارو القول إنه إذا كان بعض المقربين من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعتقدون أن النظام الإيراني ضَعُف لدرجة أن أيامه باتت معدودة، إلا أن التوقعات في منطقة الخليج تبدو حذرة أكثر. ففي أبو ظبي وبعض دوائر السلطة في الرياض، يُستبعد سقوط النظام الإيراني قريباً. لكن في العاصمتين، لا يزال اقتراح إيران بتقاسم الأمن في مضيق هرمز يلقى شكوكا.
وهنا يأسف الخبير في منطقة الخليج الذي أشرنا إليه سابقاً لكون “خطة روحاني هي بالأحرى خطة سلام تجعل منطقة الخليج تحت النفوذ الفارسي؛ مما يعني أن طهران حريصة بشكل خاص على إبعاد عدوها الأمريكي لتجد نفسها في مواجهة غير مواتية للأنظمة الملكية السّنية في السعودية والإمارات، حتى وإن كانت هذه الأخيرة تقربت من إسرائيل.
وإلى جانب الملف النووي، فإن أي مفاوضات مع إيران، كما تصر أبو ظبي والرياض، يجب أن تشمل صواريخ طهران ونفوذها في الشرق الأوسط، الذي بدأ في التصدع، تختتم لوفيغارو.
الشرق الأوسط