على إثر العراقيل التي واجهتها في مساعيها لجعل إيران دولة تابعة لها، فضلا عن الصعوبات السياسية والشعبية التي يعاني منها النظام في طهران، قررت الصين تحويل أنظارها في الوقت الراهن نحو أقرب حلفاء إيران، وهو العراق، وفق ما ذكر موقع “أويل برايس” الأميركي.
يقول الكاتب، سايمون واتكينز، في تقريره بالموقع الأميركي إن العراق تماما مثل جارته إيران، يمتلك احتياطات ضخمة من النفط والغاز تنتظر استغلالها وتطويرها. كما يتمتع هذا البلد بموقع إستراتيجي مميز، خاصة بالنسبة لمشروع “حزام واحد وطريق واحد” الذي تسعى الصين لتنفيذه.
وأشار الكاتب إلى أن للصين حضورا قويا في العراق، بما أن شركة روسنفت التابعة لحليفتها روسيا، تسيطر فعليا على البنية التحتية المخصصة لاستخراج البترول والغاز في شمال البلاد، وبالتحديد في منطقة كردستان العراق التي تتمتع بالحكم الذاتي، وأن الشركات الصينية تنشط في عدد من الحقول في الجنوب.
وبحسب الكاتب، شهد الأسبوع الماضي تطورات لافتة، في إطار مساعي الصين لإنجاح مشروعها وجعل العراق دولة تابعة لها.
وتمثلت أولى هذه المستجدات في إعلان وزير المالية العراقي أن بلاده بدأت بتصدير مئة ألف برميل يوميا من النفط الخام إلى بكين، منذ شهر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وذكر الكاتب أن هذا الاتفاق يأتي في إطار تفاهم أوسع بين العراق والصين، تم التوصل إليه في سبتمبر/أيلول الماضي أثناء زيارة رئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي إلى بكين، بهدف رفع حجم الاستثمارات الصينية في العراق فوق عشرين مليار دولار، وزيادة حجم المبادلات التجارية السنوية بينهما إلى ثلاثين مليار دولار.
مخطط شامل
يعتقد الكاتب أن هذا الاتفاق يأتي في إطار مخطط أشمل وضعته الصين، لدعم حضورها تدريجيا في المشهد العراقي، تماما كما فعلت مع العديد من البلدان الأفريقية في السابق، في سياسة اعتبرها الكثيرون موجة جديدة من الاستعمار، وفق تعبير الكاتب.
وبالنسبة للعراق وإيران، تبدو المخططات الصينية واعدة وبعيدة المدى، وذلك بحسب ما أكده مسؤول رفيع المستوى في مجال النفط يتعامل مع وزارتي النفط العراقية والإيرانية، كما ينقل الموقع الأميركي.
وستبدأ الصين بقطاعيْ النفط والغاز، ثم تعمل على التوغل في مجالات أخرى. وبالإضافة إلى حصولها على تخفيضات مهمة عند شراء النفط والغاز الإيرانيين، ستكون لديها فرصة لبناء مصانع في العراق وإيران، وبنى تحتية مثل السكك الحديدية، تشرف عليها شركات صينية، كما يورد التقرير.
سكك حديدية
أوضح الكاتب أن هذه المشاريع ستعتمد على الآليات والخصائص التقنية نفسها الموجودة في الصين، حتى تتناسب بعد ذلك مع مختلف الشركات والمنتجات الصينية، وتكون قادرة على استغلال العمالة الرخيصة الموجودة في العراق وإيران.
وأشار الكاتب إلى أنه سيتم الشروع في بناء خطوط السكك الحديدية في العراق بعد انتهاء العمل على المشروع نفسه في إيران، وهو ما سيسمح بنقل المنتجات من الصين إلى أوروبا بشكل أسهل.
وذكّر الكاتب بأن الأيام الأخيرة من العام الماضي شهدت إعلان إسحاق جهانغيري نائب الرئيس الإيراني، أن بلاده وقعت عقدا مع الصين لتنفيذ مشروع الربط الكهربائي لمسافة تسعمئة كيلومتر من السكك الحديدية، بين طهران ومدينة مشهد الواقعة في الشمال الشرقي. كما توجد مخططات لإنشاء خط قطار سريع يربط بين طهران وقم وأصفهان، لتمتد هذه الشبكة نحو مدينة تبريز في الشمال الغربي.
ويشير الكاتب إلى أن تبريز التي يقع فيها العديد من حقول النفط والغاز ومصانع البتروكيماويات، تعد نقطة الانطلاق لخط أنابيب تبريز أنقرة، وستكون نقطة محورية في مشروع طريق الحرير الجديد، الممتد على مسافة 2300 كيلومتر، ليربط الصين بكزاخستان وقرغيزستان وأوزبكستان وتركمانستان وإيران، مرورا بتركيا وأوروبا.
اعلان
إعادة الإعمار
في الأثناء، يعمل العراق على سن قوانين جديدة لتنظيم عمل وكالة إعادة الإعمار، سيكون الهدف الأساسي منها بحسب مصادر رسمية، ضمان السماح للصين بالدخول إلى العراق دون العوائق المعتادة.
وفي هذا السياق، صرح وزير الكهرباء، لؤي الخطيب، أخيرا بأن “الصين هي خيارنا الأول حليفا إستراتيجيا على المدى الطويل، حيث بدأنا باتفاق مالي قيمته عشرة مليارات دولار لكمية محدودة من النفط لتمويل بعض مشاريع البنية التحتية. في المقابل، سيزيد التمويل الصيني بارتفاع إنتاج النفط العراقي، وسيتم استغلاله بشكل مغاير عن السياسات السابقة، وذلك عبر البناء والاستثمار وعمليات إعادة الإعمار”.
الجزيرة