قال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إن بلاده تقف إلى جانب المتظاهرين الإيرانيين في دعوتهم إلى الحرية والعدالة، وشدد على عدم إلحاق الأذى بهم. يأتي ذلك تعليقا على الاحتجاجات المتواصلة في العاصمة طهران ومدن أخرى على خلفية حادث إسقاط الطائرة الأوكرانية، بينما اعتقلت السلطات الإيرانية حسين كروبي نجل المعارض الإصلاحي مهدي كروبي، الخاضع للإقامة الجبرية في منزله منذ العام 2011 جراء دعمه للمظاهرات بالبلاد.
وأشار بومبيو في خطاب في جامعة ستانفورد بولاية كاليفورنيا، إلى أن الإيرانيين خرجوا إلى الشوارع بأعداد هائلة رغم المخاطر، وهم يحرقون ملصقات ولوحات عليها صورة القائد الراحل لفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني، ويصفونه بالقاتل.
واتّهم وزير الخارجية الأميركي إيران الاثنين بأنها ستفعل “كلّ ما في وسعها” لإنهاء المظاهرات التي تشهدها البلاد احتجاجا على إسقاط القوات الإيرانية الطائرة الأوكرانية، وذلك عبر قوات الباسيج و”البلطجية الإيرانيين”، وجدد تحذيراته لطهران من شنّ المزيد من حملات القمع ضد المتظاهرين.
كما أوضح بومبيو أن الإدارة الأميركية أطلقت حملة ضد إيران تقوم على العزل الدبلوماسي، والضغط الاقتصادي، والردع العسكري.
من جهته نشر ترامب تغريدة الاثنين جاء فيها “لقد رفض المتظاهرون الإيرانيون الرائعون السير على علمنا الأميركي العظيم، أو على الأقل تحقيره”. وأضاف “لقد تم وضعه في الشارع ليتم الدوس عليه لكنّهم تجنّبوه. تقدّم كبير!”.
من جهته، نشر السيناتور الجمهوري الأميركي ميت رومني تغريدة قال فيها إن الولايات المتحدة تقف إلى جانب الإيرانيين الذين يتظاهرون من أجل الحرية. ولم يستبعد السياسي الأميركي أن يحاول من سماهم “”آيات الله المستبدين” سحق المعارضة.
وفي السياق قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الاثنين إن الاتهامات بخصوص استخدام العنف ضد المحتجين على إسقاط طائرة مدنية في إيران مقلقة ويتعين التحقيق فيها بشكل كامل. وأوضح ستيفان دوجاريك للصحفيين “نتابع بشكل واضح وعن قرب المظاهرات التي تُجرى هذه الأيام في إيران ويُذّكر الأمين العام بالحق في حرية التعبير وحق تجمع الناس بشكل سلمي”.
اعتقال معارض
في غضون ذلك، قالت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية إن قوات الأمن الإيرانية اعتقلت حسين كروبي في منزله لدعمه المظاهرات المستمرة في البلاد منذ ثلاثة أيام، وأضافت الوكالة أن حسين كروبي عضو بالمجلس المركزي لحزب الثقة الوطنية المعارض الذي كان يرأسه والده في السابق.
وجاء اعتقال حسين كروبي بعد يومين من دعوة والده، الذي يخضع للإقامة الجبرية منذ 2011، المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي إلى التنحي بسبب أسلوب معالجته لحادث إسقاط طائرة ركاب أوكرانية.
وإلى جانب كروبي، يخضع للإقامة الجبرية كل من مير حسين موسوي وزوجته زهراء راهنوري، وهما من التيار الإصلاحي. ويعتبر التيار الإصلاحي الإيراني احتجاز الأشخاص الثلاثة في منازلهم منذ 2011 دون عرضهم على المحاكمة، انتهاكا لقوانين البلاد.
وسبق أن وعد الرئيس حسن روحاني خلال حملته الانتخابية برفع الإقامة الجبرية عن الأشخاص الثلاثة خلال أول دورة لرئاسته التي تسلمها في 2013.
في هذه الأثناء تواصلت الاحتجاجات الطلابية في جامعة شريف التكنولوجية بالعاصمة الإيرانية طهران، بالتزامن مع مظاهرات خرجت في مناطق أخرى. ورفع المشاركون شعارات تندد بسياسة الحكومة، وقرار المسؤولين عدم الإعلان عن سبب إسقاط الطائرة الأوكرانية. يذكر أن ستة عشر شخصا من ضحايا الطائرة كانوا من خريجي جامعة شريف.
وتوافدت جموع من المحتجين إلى ساحة آزادي والشوارع الرئيسية المؤدية إليها وسط العاصمة، وهي تردد شعارات مناهضة لقوى الأمن والحرس الثوري. في حين أطلقت قوات مكافحة الشغب قنابل الغاز المدمع لتفريق المحتجين.
ورفع المحتجون في عدة مدن أخرى -من بينها آمل ومشهد ويزد وشيراز وأصفهان وتبريز وآراك ويزد وأهواز وقزوين وكرمانشاه وسنندج- شعارات تندد بسياسات الحكومة وطريقة تعاملها مع حادث الطائرة الأوكرانية.
وشهدت المظاهرات تمزيق صور القائد السابق لفيلق القدس الإيراني قاسم سليماني، الذي قُتل قبل أيام جراء غارة أميركية في العراق.
وأغلق المتظاهرون الطرق بالعاصمة طهران عبر إحراق حاويات النفايات، مرددين هتافات “الموت للدكتاتور” و”الموت لخامنئي” (المرشد الأعلى للجمهورية).
وأظهرت مقاطع مصورة نُشرت على تويتر عشرات المحتجين أمام جامعة في طهران يهتفون “يكذبون ويقولون إن عدونا أميركا.. عدونا هنا”. وأظهرت مقاطع أيضا تجمع عشرات المتظاهرين في مدن أخرى.
ونشر ناشطون على وسائل التواصل في وقت متأخر مساء أمس الأحد مقاطع فيديو قالوا إنها لإطلاق أعيرة نارية في محيط احتجاجات بإيران، إضافة إلى صور لمصابين يحملهم متظاهرون.
وأظهرت منشورات أخرى الشرطة في زي مكافحة الشغب تضرب المحتجين بالعصي في الشارع، في حين يصيح الناس على مقربة “لا تضربوهم”.
نفي رسمي
في المقابل، نفى قائد شرطة طهران التقارير التي تشير إلى قيام القوات الأمنية الإيرانية بإطلاق النار على المتظاهرين خلال احتجاجات شهدتها العاصمة الإيرانية ليلة أمس.
والسبت أعلنت هيئة الأركان الإيرانية -في بيان- أن منظومة دفاع جوي تابعة لها أسقطت طائرة الركاب الأوكرانية إثر خطأ بشري لحظة مرورها فوق منطقة عسكرية حساسة. وأنكرت طهران في البداية سقوط الطائرة بسبب صاروخ، وقالت إنها تمتلك أدلة مقنعة في هذا الإطار.
وفي الثامن من يناير/كانون الثاني الجاري سقطت طائرة ركاب أوكرانية من طراز بوينغ 737، مما أسفر عن مصرع 176 شخصا: 82 إيرانيا و57 كنديا و11 أوكرانيا و10 سويديين وأربعة أفغان وثلاثة ألمان وثلاثة بريطانيين.
وعلى إثر طريقة تعاطي السلطات مع القضية، تحوّلت وقفة لتكريم الضحايا نظمها طلاب جامعة طهران إلى مظاهرة احتجاج مساء السبت فرّقتها الشرطة.
وتزيد موجة الغضب الجديدة التحديات التي تواجه السلطات التي شنت حملة عنيفة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي لإخماد الاحتجاجات، كما تبذل السلطات جهودا كبيرة لمنع انهيار الاقتصاد الذي تكبله العقوبات الأميركية الصارمة.
المصدر : الجزيرة + وكالات