تصاعدت مخاوف النظام السوري، بعد توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب على قانون “قيصر” (سيزر) الذي يفرض عقوبات على نظام بشار الأسد، مما دفع الأخير، بحسب مراقبين، لإعادة طرح كعكة إعمار سورية وإغراء الدول والمستثمرين بـ”الاستثمار الآمن والرابح جداً”.
وأعلن رئيس النظام بشار الأسد، في تصريحات إعلامية سابقة، أنه تم “إيجاد صيغ محددة سيعلن عنها لاحقاً لدخول المستثمرين إلى السوق السورية بأمان”.
وأكد “بدأنا الحوار مع عدد من الشركات الصينية في هذا المجال وبدء الاستثمار، مضيفاً “نأمل من الشركات الصينية البدء بالنظر والبحث وبتحري السوق السورية”، حيث تم وفقاً له، تقديم ستة مشاريع للحكومة الصينية تتناسب مع منهجية الحزام وطريق الحرير.
رهان على الصين
وقال الاقتصادي السوري حسين جميل، إنّ النظام السوري يركز بإعادة الإعمار، على الصين إلى جانب روسيا وإيران، مستغلاً بعض الخلافات التجارية والاقتصادية الناشئة بين بكين وواشنطن، مشيراً إلى أنّ “الصين وحينما يصل الأمر للتصادم أو تعريض شركاتها للعقوبات، فلن تجازف من أجل فتات بسورية، خاصة بعد أن وزّع نظام الأسد، أكبر الاستثمارات بقطاعات الطاقة لروسيا وإيران، ومنحهما حصصاً بالجغرافيا الروسية، كما في مينائي طرطوس واللاذقية”.
وتساءل الاقتصادي السوري، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، اليوم الثلاثاء، “ما هي خبرات إيران وروسيا بإعادة الإعمار؟ وهل من علامات اقتصادية لكلا الدولتين تنشر عبر الأسواق العالمية؟”، مشيراً إلى أنّ الوضع الاقتصادي المتردي لإيران، يجعل من إعادة الإعمار “طعماً” يرميه الأسد لبقائه بالسلطة.
من جهته، يرى الاقتصادي السوري محمود حسين، أنّ “الصين قد تدخل السوق السورية بقوة، وربما لا تجازف الولايات المتحدة بعلاقاتها مع الصين، خاصة إن ركزت الشركات الصينية على ما يسمى البناء الإنساني”.
ولا يستهين حسين، خلال تصريحه لـ”العربي الجديد”، بحصة إعادة إعمار سورية، لأنها برأيه تزيد عن 400 مليار دولار، “ولم تأخذ روسيا وإيران سوى بعضها حتى الآن، كما أنّ في مصلحة الصين، أن تدخل المنطقة وتؤسس لبقاء عبر ما يسمى إعادة الإعمار في قطاع العقارات وتأهيل البنى التحتية، لأن الحرب هدمت 2.6 مليون مبنى ومسكن إضافة للطرقات والمؤسسات الحكومية، وزادت خسائر قطاع العقارات فقط، عن 60 مليار دولار”.
الحل السياسي
يقول رئيس هيئة التفاوض بالمعارضة السورية نصر الحريري، إنّ “نظام بشار الأسد يحاول، وعبر روسيا وإيران والصين، إقناع المجتمع الدولي بتحقيق الأمن وجهوزية سورية للبدء بإعادة الإعمار، لكن الرأي السائد عالمياً، هو عدم البدء أو حتى السماح بإعادة الإعمار، قبل الحل السياسي”.
وأكد الحريري أنه “لا يمكن البدء بجهود إعادة الإعمار، إلا بتحقيق الحل السياسي الحقيقي في سورية وتطبيق بيان جنيف والقرار 2254، وأي مناورة بهذا الموضوع، ستكون إطالة بعمر النظام المجرم واستمرار للعنف”.
من جهته، يرى رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل، أنّ “قانون قيصر سيدفع الكثير من الدول والكيانات لمراجعة حساباتها، لأنها ستكون مشمولة بالعقوبات”.
وحول تصريح الأسد بتأمين “حماية قانونية وجهوزية سورية لمشروعات إعادة الإعمار”، يوضح المحامي السوري، “هذا نوع من الترويج لا أكثر، لأن جميع العروض التي حاولت روسيا والنظام استدراجها لإعادة الإعمار باءت بالفشل، ولن يكون هناك أي أمل لإعادة الاعمار، من دون حل سياسي يرضي كل السوريين، ناهيك عن موقف ثابت للاتحاد الأوروبي وعدم التمويل إلا بعد الوصول لحل سياسي”.
ويضيف القانوني السوري، أنّ “قانون قيصر جاء بطيف وارتدادات أوسع بكثير من العقوبات السابقة، إذ هذه المرة الأولى التي تنص على عقوبات على كيانات تقدم دعما للنظام”.
وفي حال تمردت الصين أو روسيا على العقوبات الأميركية، يشير قرنفل، إلى أنّ “هذا يعود لتقدير مصالح للولايات المتحدة، وأكيد ستقيّم مصالحها بحال فرض عقوبات على شركات صينية وأو روسية”، ويرى أنّ “الصين ستعيد حساباتها فليس في صالحها توتير علاقاتها مع واشنطن”.
وتوقع قرنفل أنّ “القانون سيكون له مفعول رجعي على الشركات الروسية والإيرانية التي أخذت عطاءات كميناء طرطوس واستثمارات بقطاعي النفط والكهرباء”.
أرقام تقديرية
وتتفاوت أرقام خسائر الحرب المندلعة بسورية منذ بداية الثورة عام 2011، ففي حين قدرها البنك الدولي في تقرير له، في يوليو/ تموز الماضي، بنحو 226 مليار دولار، تذهب منظمات دولية لتقديرها بنحو 275 مليار دولار.
لكن تلك الأرقام، لم تزل تقديرية كما يقول المهندس السوري محروس الخطيب، لـ”العربي الجديد”، مع استمرار القتال والتهديم والقصف الجوي من نظام الأسد وروسيا، على إدلب وريفي حلب وحماة.
ويرى مدير النقل السابق بمدينة إدلب، محروس الخطيب، أنّ “في مصلحة بعض الدول، تهويل الأمر وزيادة أرقام الخسائر، لتزيد الشهية لاستقدام الشركات، في حين بعض المنظمات الدولية، ربما في مصلحتها تقليل الخسائر، أيضاً لأهداف وغايات لها علاقة بالقروض وتحصيل مشروعات أكثر، لكن المسألة تقديرية وغائية” بحسب قوله.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب، قد وقع، الشهر الماضي، على موازنة وزارة الدفاع الأميركية، والتي تتضمن قانون “قيصر” (سيزر) لحماية المدنيين لعام 2019، والذي يقضي بفرض عقوبات على النظام السوري وداعميه؛ بسبب جرائم الحرب التي ارتكبوها في البلاد.
العربي الجديد