أوقد فيروس جديد في الصين، شرارة هروب واسعة للمستثمرين من أسهم شركات الطيران في أسواق المال الآسيوية، ليندفعوا في المقابل إلى أسهم مُصنعي الأقنعة والملابس الواقية، وحتى كاميرات الأشعة تحت الحمراء المستخدمة في فحص المسافرين بالمطارات، لتحقيق مكاسب في ظل الانتعاش المتوقع لأعمالها مع اتساع رقعة المخاوف من الفيروس الجديد.
وأصاب الفيروس الشبيه لفيروس الالتهاب الرئوي، أسواق المال والعملات بالهلع، بينما عاد بريق الذهب إلى اللمعان من جديد، متربعا على عرش الملاذات الآمنة.
وأعلنت الصين، عن حالة وفاة رابعة بالفيروس التاجي الجديد، مع استمرار تزايد عدد الإصابات، في وقت يستعد مئات الملايين من الصينيين للقيام برحلات عطلة السنة القمرية الجديدة، ليهوي اليوان الصيني، أمس الثلاثاء، مبتعدا عن ذروة ستة أشهر مقابل الدولار.
وارتفعت تكلفة التأمين على ديون الصين بنسبة 10 في المائة، حيث زادت ثلاث نقاط أساس، لأجل خمس سنوات، مقارنة بإغلاق الاثنين الماضي، لتصل إلى 33 نقطة أساس، وهو المستوى الأعلى في نحو أسبوعين، وفق بيانات صادرة عن مؤشر “آي.إتش.إس ماركت”.
وفقدت العملة الصينية نحو 0.7 في المائة من قيمتها في التداولات الخارجية، ليصل سعر الدولار إلى 6.912 يوان، كما سجلت في السوق المحلية، أضعف سعر لها في أكثر من أسبوع عند 6.909 يوان للدولار.
وأثرت التحركات على العملات الأخرى في آسيا المرتبطة بحركة التجارة والسياحة الصينية، ليفقد الدولار الأسترالي 0.4 في المائة مسجلا 0.684 دولار، في أضعف سعر له خلال أكثر من شهر. وهبط الدولار النيوزيلندي بنحو 0.3 في المائة، ونزل الوون الكوري الجنوبي 0.8 في المائة.
وامتدت المخاوف إلى الأسهم العالمية، حيث جدد انتشار الفيروس ذكريات مرض الالتهاب الرئوي الحاد في 2002 و2003، والذي نتج من فيروس تاجي آخر تفشى في الصين وأودى بحياة زهاء 800 شخص في أنحاء العالم.
وتراجعت الأسهم اليابانية، حيث تضررت أسهم شركات الطيران والسفر جراء القلق من انتشار العدوى على نطاق أوسع. وهبط المؤشر نيكي القياسي 0.91 في المائة إلى 23864.5 نقطة لينزل عن ذروة 15 شهراً المسجلة، يوم الإثنين الماضي، في حين فقد المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.53 في المائة.
وقال تاتسوشي ماينو، كبير المحللين في مؤسسة أوكاسان لإدارة الأصول، وفق رويترز: “اعتقدنا أن الاقتصاد العالمي سيتعافى هذا العام بعد تباطؤ العام الماضي، لكن إذا انتشر المرض في شتى أنحاء الصين، وتأثر الاقتصاد، فقد نضطر للنظر في تغيير ذلك التصور”.
وكانت شركات الطيران، هي الأسوأ أداء بين قطاعات بورصة طوكيو الثلاثة والثلاثين، حيث تراجع مؤشرها 2.5 في المائة بفعل المخاوف من تضرر الطلب على السفر جراء وباء.
وانخفضت أسهم أنا هولدنغز 2.2 في المائة والخطوط الجوية اليابانية 3 في المائة. وهوى سهم “اتش.آي.اس” للسفر 5.1 في المائة، في حين فقد سهم الشركة المشغلة لمطار هانيدا في طوكيو 4.5 في المائة.
وامتد تراجع الأسهم إلى السوق الأوروبية. وكانت أسهم مصنعي المنتجات الفاخرة، ذوي الانكشاف الكبير على الصين، مثل “ال.في.ام.اتش” و”كيرينج” و”بوربري” من أكبر الخاسرين.
في المقابل، ارتفعت أسهم أخرى مستفيدة من مخاوف تفشي الفيروس؛ فقد قفز سهم أزيرث للملابس الواقية في اليابان 16.2 في المائة إلى الحد الأقصى اليومي، في حين صعد سهم ايرتك اليابان، المصنعة لمنتجات تنقية الهواء، ثمانية في المائة.
وزاد سهم شيكيبو، المنتجة لأقنعة الوقاية من الفيروسات، بنسبة 10.8 في المائة، وقفزت أسهم نيبون أفيونيكس، لكاميرات الأشعة تحت الحمراء، 17.1 في المائة.
كما ارتفعت أسعار الذهب لأعلى مستوى في أسبوعين، عند 1568.35 دولاراً للأوقية (الأونصة). وقالت مارغريت يانغ يان، محللة السوق في مؤسسة “سي.ام.سي ماركتس”، إن أسعار الذهب يحركها “الانتشار السريع للفيروس من ووهان في الصين، وهو ما يثير الفزع”.
وأضافت: “عطلات السنة الصينية الجديدة ستزيد الوضع سوءا، لأن الناس سيشرعون في السفر داخل الصين. الخوف من تفشي وباء سيرفع الطلب على الذهب ليومين آخرين”.
ويثير الفيروس الجديد، مخاوف من تأثر الاستثمار الأجنبي في الصين، بينما كان قد ارتفع في 2019، بأكبر وتيرة خلال عامين، وفق بيانات صادرة عن وزارة التجارة، أمس، مشيرة إلى ارتفاع رؤوس الأموال الوافدة بنسبة 5.8 في المائة إلى 941.5 مليار يوان (136.71 مليار دولار)، وهي أكبر زيادة منذ 2017 حين نمت 7.9 في المائة.
وقال تشيان كه مينغ نائب وزير التجارة خلال مؤتمر صحافي في بكين، إن الصين تظل ثاني أكبر مستقبل للاستثمار الأجنبي المباشر في العالم. وفي استطلاع للرأي نشرته وكالة أنباء الصين الجديدة “شينخوا”، حصلت الصين على أعلى مستويات الثقة بين الاقتصادات الرئيسية، مع إعراب 45 في المائة من مدراء الأعمال التنفيذيين عن ثقتهم بتزايد العوائد خلال هذا العام.
وشمل الاستطلاع مدراء تنفيذيين بالعالم، أجرته شبكة المحاسبة والاستشارات العالمية، التي تتخذ من لندن مقرا لها، مشيرا إلى أن معدل ثقة المدراء التنفيذيين في الولايات المتحدة يبلغ 36 في المائة، وفي كندا 27 في المائة وألمانيا 20 في المائة.
العربي الجديد