هل بإمكاننا منع وقوع كارثة إنسانية في إدلب؟

هل بإمكاننا منع وقوع كارثة إنسانية في إدلب؟

يواصل النظام السوري وحليفته روسيا هجومهما على منطقة إدلب دافعين مئات آلاف السوريين إلى النزوح شمالا ليتكدسوا في منطقة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، فهل يمكننا منع وقوع كارثة إنسانية هناك؟

سؤال طرحته صحيفة لاكروا الفرنسية مذكرة في البداية بأنه ومنذ الأول من ديسمبر/كانون الأول 2019، تسبب القتال في إدلب في فرار أكثر من ثمانمئة ألف شخص -وفقًا للأمم المتحدة- حوالي 60% منهم أطفال، وينام اليوم أكثر من ثمانين ألفا من هؤلاء المشردين في العراء، في الوقت الذي تجتاح فيه المنطقة موجة برد شديد مما ينذر بوقوع كارثة إنسانية خطيرة.

الصحيفة أوردت رد رافائيل بيتي طبيب التخدير وعضو اتحاد منظمات الإغاثة والرعاية الطبية (UOSSM) الذي يصف ما يمر به المشردون حاليا بالقول “لسوء الحظ” فإن الوضع الحالي فخ حقيقي سقط فيه أربعة ملايين شخص، من بينهم مليونان من المدنيين النازحين الذين روج لهم السنوات الأخيرة أن هذه المنطقة من إدلب هي إحدى مناطق تخفيض التصعيد.
تشغيل الفيديو

الفرار إلى المجهول
لكن ما يقارب ثلث هؤلاء اضطروا من جديد للفرار باتجاه الحدود التركية المغلقة بالكامل، هم يعيشون في حالة من انعدام الأمن التام وظروف محفوفة بالمخاطر، حيث لا توجد تدفئة في ظل تهاطل الأمطار، ودرجة حرارة تصل أربع درجات مئوية تحت الصفر في الليل عندما تبدأ الثلوج في التساقط، وحتى لو عبرت المساعدات الإنسانية الحدود التركي، فهناك مشكلة كبيرة في التنظيم وانسيابية الحركة لإيصال الإمدادات للمنكوبين، وفق بيتي.

ويمضي الطبيب المختص في طب الكوارث في وصفه للوضع “لقد تعرضت قوافل المدنيين الهاربين على الطرق المزدحمة للقصف، ونخشى الآن من تفشي وباء الحصبة لأنه لا يمكن تنفيذ حملة التطعيم قبل الشتاء، وقد توفيت فتاة صغيرة في ذراعي والدها أثناء محاولته نقلها إلى مركز للرعاية الصحية، وقد اضطرت عدة منظمات غير حكومية إلى إنشاء عيادات متنقلة لتجنب القصف والوصول إلى السكان الذين يحتاجون إليه. إنها كارثة إنسانية حقيقية، مجزرة ولا أحد يتدخل، لا أحد يدين، لقد تركوا للنظام السوري وروسيا الحبل على الغارب..”.

ويمضي فيقول إن موسكو إنما تنفذ في إدلب حاليا نفس الأجندة التي نفذتها في حلب والتي تمت على ثلاث مراحل: أولاً تحاصر أعداءها ثم تقوم بترويع السكان المدنيين بدءًا بقصف المدارس والأسواق والهياكل الطبية، وأخيراً تضطر هؤلاء السكان إلى الاستسلام عن طريق تجويعهم، وقد فعلت ذلك في حلب خمسة أشهر وما تتطلع لفعله اليوم بكل وضوح في إدلب.

أما عن هدف النظام السوري من هذه الهجمة الشرسة، فإن بيتي يلخصه في كونه يريد إيجاد حالة من الفوضى، لجعل المنطقة غير صالحة لحكم المعارضة وتسييرها، ولا مجال لأي انفتاح سياسي والمذبحة مستمرة، ولن يتغير الوضع طالما بقي بشار الأسد في السلطة، وفقا لهذا الطبيب.

الجزيرة