لا جديد في أزمة تشكيل الحكومة العراقية التي تستعد لدخول شهرها الرابع على التوالي، إلا في ما يتعلق بحراك يجريه رئيس الوزراء العراقي المكلف عدنان الزرفي، نحو كتل وشخصيات سياسية في بغداد وأربيل، بهدف الحصول على الدعم أو رفع التحفظات ضده من قبل القوى والكتل التي تصنّف عادة على أنها حليفة أو مقربة من إيران، مثل كتل “دولة القانون”، و”الفتح”، وأجنحة سياسية ترتبط بفصائل مسلحة مختلفة، وسط استمرار غموض يلفّ موقف مرجعية النجف من تكليف الزرفي بمهمة رئاسة الحكومة.
مسؤول عراقي في بغداد أبلغ “العربي الجديد”، اليوم الأحد، بأن رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي تلقّى أخيراً رداً إيرانياً عبر سياسي عراقي بارز، مفاده بأن طهران لا تسجل أي تحفظات عليه، وتعتبر أن التوافق داخل البيت الشيعي ووحدته شرطها الوحيد، موضحاً أن الجواب أو الرد الإيراني “فُهم منه أن مصير الزرفي مرهون بموافقة الكتل الحليفة لإيران في العراق”، وتحديداً تحالف “الفتح”، بقيادة هادي العامري، الذي يعتبر الجناح السياسي لمليشيات “الحشد الشعبي” في العراقي، فضلاً عن ائتلاف “دولة القانون”، بزعامة نوري المالكي.
وذكر المسؤول ذاته أن “الجواب الدبلوماسي يأتي على غير العادة الإيرانية في مثل هذه الملفات، إذ أعلنت رفضها عام 2018 الصريح لتولي حيدر العبادي ولاية ثانية، فضلاً عن ملفات أخرى كثيرة ورئيسية داخل العراق، وهو ما قد يُعطي مؤشراً إلى إمكانية تغيير المعادلة الرافضة له بالأيام المقبلة”.
وكشف المتحدث ذاته عن أن حراك رئيس الوزراء المكلف منذ يومين يتضمّن محاورة الكتل الداعمة أو التي لا مشكلة لديها في ترشيحه، مثل القوى العربية السنية والكتل السياسية الكردية، ومحاولة كسب أصوات نواب من كتل رافضة له، على اعتبار أن الزرفي نائب وزميل لهم في البرلمان قبل أن يكون رئيس وزراء مكلفاً، مقابل استمرار جهود تواصله مع قادة كتل شيعية رافضة له، من دون وجود أي تغيير ملموس أو أكيد في مواقف تلك الكتل، كما أن “الزرفي في الوقت الحالي من المستبعد أن يستسلم ويعتذر عن التكليف”.
وفي تصريح لافت اعتُبر مغازلة للإيرانيين، قال الزرفي إن “مساعدة إيران في مواجهة فيروس كورونا سيساهم في منع كارثة إنسانية يعاني الشعب الإيراني منها بشكل مخيف، وعلى المجتمع الدولي مساعدتهم برفع أو تخفيف العقوبات وتوفير العلاجات الطبية، لما لذلك من تداعيات صحية وأمنية على العراق، كونه الجار الأكثر امتداداً وارتباطاً بالجمهورية الإسلامية”.
في المقابل يتمسك “تحالف الفتح” بموقفه الرافض للزرفي، على الرغم من اعترافه بأن بعض الكتل غيرت موقفها تجاهه بعدما كانت رافضة له.
وقال النائب عن التحالف فاضل الفتلاوي إن “الفتح ما زال رافضاً تكليف الزرفي، وإن بعض القوى السياسية الرافضة غيرت موقفها من تكليفه”، مشيراً الى أن “الكتل السنية والكردية لن تجازف بعلاقاتها مع الكتل الشيعية وتمرر الزرفي من دون توافق”.
وأضاف الفتلاوي أن “لجوء الزرفي لكسب الأصوات بشكل منفرد، مستغلاً علاقاته بأعضاء البرلمان، لن يجدي نفعاً، ولن يحصل على أصواتهم وثقتهم لتمرير حكومته”، مشدداً على أن رئيس الحكومة المكلف “سيخضع إلى الأمر الواقع قبل انتهاء المهلة الدستورية، ويقدم اعتذاره عن تشكيل الحكومة”.
وفي السياق، أكد النائب في البرلمان العراقي ناجي إدريس أن البرلمان سيعقد جلسته في الأسبوعين المقبلين للتصويت على الحكومة الجديدة، وفقاً لحديث أدلى به لصحيفة “الصباح” الرسمية الصادرة ببغداد، مبيناً أنه خلال الأسبوعين المقبلين ستعرض تشكيلة رئيس الوزراء المكلف عدنان الزرفي على البرلمان، و”لا توجد مشكلة في حال دعت رئاسة البرلمان لهذه الجلسة”.
ويرى النائب علاء الربيعي، عن تحالف “سائرون” بزعامة رجل الدين مقتدى الصدر، أن الخلاف داخل البيت السياسي العربي الشيعي في العراق حول ترشيح عدنان الزرفي يعود جزء منه إلى أن “القوى الرافضة له تشعر بقوته وتخشى من وجود رئيس حكومة يقف أمام مصالحها وامتيازاتها”، مشدداً، الوقت ذاته في بيان، على أن “الزرفي سيقدم كابينته الوزارية في النهاية إلى البرلمان خلال المدة الدستورية”.
أكثم سيف الدين، محمد علي
عربي جديد