بعد دعمٍ من قوى عراقية بارزة، أصبحت الأمور تسير باتجاه “مصطفى الكاظمي” في تشكيل الحكومة العراقية، فقد انضم تحالف القوى، يوم الأربعاء الموافق للثامن من نيسان الجاري، إلى القوى المؤيدة لتكليف رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة.
وقال التحالف في بيانٍ تلقى مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية نسخة منه، “إن تحالف القوى العراقية يؤكد موقفه الثابت والداعم لاستقرار العراق، والمضي نحو الخيارات الوطنية في تشكيل الحكومة ضمن السباقات الدستورية”، مجدداً “تمسكه بأسس الوحدة الوطنية أمام التحديات التي تواجه بلدنا وشعبنا العراقي”.
واضاف البيان “ان تحالف القوى العراقية يؤكد في الوقت نفسه التزامه بوحدة الصف السياسي، من أجل تجاوز المرحلة الصعبة والمخاطر الجمة التي يعاني منها البلد على المستويات الصحية والأمنية والاقتصادية والسياسية”.
واشار الى انه “وفي هذا السياق، يضع التحالف باهتماماته أن يحظى المرشح لرئاسة الحكومة، الذي من شأنه التصويت لصالح حكومته في مجلس النواب، بقبول وتأييد من قوى المكونات السياسية المسؤولة عن الترشيح”، لافتاً إلى أن على المرشح ان “يتمتع بالقبول على المستوى الوطني، وعليه يؤكد تحالف القوى العراقية دعمه وتأييده لتوافق الكتل السياسية المعنية على ترشيح السيد مصطفى الكاظمي لرئاسة وتشكيل الحكومة الجديدة”.
ولفت التحالف إلى أن “القوى التي تنضوي ضمنه تعتز بأن يكون دورها على الدوام هو إرساء السلم والحوار والتفاهم بين ابناء الشعب العراقي، ورفض الفرقة والفتن والتقاطعات السياسية، خدمة لتطلعات شعبنا، واستجابة لمطالبه المشروعة بالأمن والسلم والإصلاح”.
ويشغل تحالف القوى (40) مقعدا من إجمالي عدد أعضاء مجلس النواب البالغ 329 مقعداً، وكان يدعم في البدء ترشيح عدنان الزرفي، ومن شأن الموقف الجديد تقليص حظوظ الأخير بدرجة كبيرة في تمرير حكومته بالبرلمان.
من جهتها، رحبت رئاسة إقليم كردستان العراق بترشيح الكاظمي لمنصب رئيس الوزراء، ودعت في بيان جميع القوى السياسية إلى تجاوز الخلافات ودعم الكاظمي لتشكيل الحكومة وبأسرع وقت ممكن.
السؤال الذي يطرح في هذا السياق: لماذا أعيد طرح اسم الكاظمي؟
فبحسب تقريرٍ إخباري نشر على الموقع الإلكتروني للحرة بتاريخ 6 نيسان/ابريل الحالي، كشف فيه عن مصادر قالت إن زعيمي تيار الحكمة، عمار الحكيم، وائتلاف الفتح هادي العامري، بالإضافة إلى حسن السنيد ممثل رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، عقدوا الأحد اجتماعا لبحث تسمية الكاظمي.
وأوضحت مصادر مقربة من ائتلاف الفتح، أن المعترضين على الزرفي يرون أنه محسوب على طرف واحد من أطراف النزاع، فهو، وفق قولهم، “مدعوم أميركيا بقوة.. فيما ترفضه الفصائل جملة وتفصيلا، الأمر الذي قد يجر البلاد الى حربٍ داخلية”.
وكشفت المصادر أن هذه الأطراف اضطرت للقبول بالكاظمي، رغم أنها كانت قد رفضت ترشيحه في السابق، بسبب تشدده في موضوع حصر السلاح بيد الدولة، في بلد تنتشر فيه الميليشيات الموالية لإيران.
وعزت المصادر عودة هذه الأطراف عن رفضها للكاظمي، بسبب تمتعه بعلاقات واسعة خصوصا مع الولايات المتحدة وإيران على حد سواء، الأمر الذي يخوله أن “يكون عامل تهدئة”، بالإضافة إلى أنه “مقبول لدى الأطراف والكتل الكردية والسنية”.
ونقلت المصادر أن الجناح السياسي لتحالف الفتح، طالب بترشيح الكاظمي لتشكيل الحكومة، غير أن الفصائل المسلحة المنضوية في التحالف أعلنت رفضها التوقيع على ترشيحه، معلنة اكتفاءها بتوقيع رئيس التحالف هادي العامري.
وأعلن ائتلاف دولة القانون موافقته على ترشيح الكاظمي في حال تم التوافق عليه من قبل باقي الأطراف، في حين اشترط زعيم التيار الصدري، السيد مقتدى الصدر، الذي لم يحضر الاجتماع، الموافقة بأن تنال تسمية الكاظمي إجماع كافة التيارات، وإصدار إعلان وتبنٍّ رسمي بترشيح الكاظمي.
وأوردت مصادر مقربة من مكتب رئيس جهاز المخابرات، أن الكاظمي نظر إلى القضية من منظور أخلاقي، إذ رأى أنه من غير المناسب تقديم مرشح بديل في الوقت الذي يوجد فيه مرشح مكلف، ورهن موافقته على الترشيح باعتذار الزرفي عن تشكيل الحكومة.
والسؤال الذي يظل يطرح حتى بعد كل هذه التوافقات.. لماذا الكاظمي؟
ساهم الكاظمي من خلال ترؤسه لجهاز المخابرات الوطني العراقي في تحقيق النصر على تنظيم داعش الإرهابي، فالنجاح الذي حققه جهاز المخابرات الوطني العراقي على مستوى محاربة تنظيم داعش، أكسبه احترام جميع الدول العربية والإقليمية والدولية، فالعراق في محاربة هذا التنظيم الإرهابي إنما حارب بالنيابة عن المجتمع الدولي برمته.
وبهذه العملية الناجحة لجهاز المخابرات الوطني العراقي، يؤكد انتمائه الصادق لوحدة العراق ولكافة العراقيين، ويعزز ثقة المواطنين به، ويؤسس لعلاقة التعاون والتآزر بين الجهاز والمواطنين.
فقد استطاع الجهاز إحباط العمليات الإرهابية واعتقال بعض الإرهابيين وتعقب العناصر الإرهابية التابعة للتنظيم الإرهابي، وخاصة العناصر التي تأتي في أعلى هيكلية التنظيم.
وفي عهده أصبح جهاز المخابرات الوطني العراقي على درجة عالية من احتراف العمل الاستخباري وتطبيق مبادئه في إحباط العمليات الإرهابية وتعقب الإرهابيين، ومن هذه المبادئ: المعرفة على قدر الحاجة، والسرية، والولاء والإخلاص والطاعة، والانضباط والتقيد بالأوامر، الدهاء والحيل والخديعة وحسن التصرف والتمويه، والخبرة والمهارة، والشجاعة.
فجهاز المخابرات العراقي في عهد مصطفى الكاظمي، قاوم الإرهاب بكافة أشكاله وبكل الوسائل، وبقى ملتزما بمكافحته، وعدم السماح او التغاضي عن استخدام أراضيه منطلقا لأية نشاطات إرهابية، وفي عهده أخذ جهاز المخابرات العراقي بعين الاعتبار المعادلة بين الأمن والحرية، حيث وضع باعتباره الجهة المعنية بالدرجة الأولى بمكافحة الإرهاب، في منظوره كجهاز أمنى، الأزمات الإقليمية والدولية وانعكاساتها وتداعياتها على أمن المنطقة ومصالحها، لاتخاذ المواقف والقرارات والإجراءات المناسبة في حدود ما تتطلبه التحديات دون تشدد او مغالاة، وبما يوازن بين الحفاظ على سيادة القانون والاحتكام إليه والحفاظ على الأمن والاستقرار ويلتزم الجهاز التزاما تاماً بنص وروح القوانين النافذة، ويمارس صلاحياته ضمن الأطر التشريعية والقانونية، وفي ذلك ضمانه أكيدة لالتزام المخابرات كجهاز أمني بحقوق الإنسان ودعم مسيرة التحديث والتنمية والديمقراطية.
هذا الانجاز الأمني لجهاز المخابرات الوطني العراقي جعل دول العالم تتعامل مع العراق من خلال مصطفى الكاظمي، فهو على المستوى الوطني يحظى باحترام المرجعية الدينية والسياسية، وعلى المستوى الخارجي يحظى باحترام الدول العربية والإقليمية والدولية، أما بعض الأصوات النشاز التي كانت تطلق إشاعات لتؤثر بشكل سلبي في ترجيح كفة اختيار الكاظمي رئيسًا للوزراء فقد تلاشت.
ولا نبالغ إن قلنا إن مسألة تكليف مصطفى الكاظمي لتشكيل الحكومة العراقية هي إحدى ايجابيات المرحلة الاقتصادية والسياسية والأمنية الصعبة التي يمر بها العراق، فالإيجابية تتمثل باحترام وقبول القوى السياسية والمرجعية الدينية بالكاظمي، فعلى الطبقة السياسية العراقية أن تستثمر هذه الإيجابية وتعمل على تعزيزها وتقويتها لخروج العراق من نفقه المظلم، فالكاظمي الذي استطاع ان ينجح في إدارة جهاز المخابرات في أحلك الظروف بوسعه أيضًا أن ينجح في إدارة السلطة التنفيذية في العراق في ظرفها الحالي الصعب.
وحدة الدراسات العراقية