كيف تؤثر أزمة أسعار النفط على انتخاب ترامب؟

كيف تؤثر أزمة أسعار النفط على انتخاب ترامب؟

تتسارع التطورات المتعلقة في أسواق الطاقة بصورة كبيرة على مدار الساعة، وارتفعت أسعار النفط بنسبة 30% عقب تغريدة على تويتر للرئيس دونالد ترامب ذكر فيها أنه تحدث مع ولي العهد السعودي الذي تحدث بدوره مع الرئيس الروسي، وعبر ترامب عن أمله في خفض الإنتاج بعشرة ملايين برميل يوميا وربما أكثر، وهو ما سيكون جيد جدا لصناعة النفط والغاز.

وعلق الاقتصادي الشهير محمد العريان على تغريدة ترامب بالقول “بالطبع عشرة ملايين برميل يوميا رقم كبير من الصعب الوصول إليه حتى لو حاولت روسيا والسعودية حفظ ماء الوجه والوصول لحصص ترضيهما”.

وجاءت تغريدة ترامب في وقت اجتمع فيه مع ممثلي شركات الطاقة الأميركية الذين تأثروا سلبا بحرب الإنتاج وانخفاض الأسعار التي أصابت صناعة النفط والغاز العالمية خلال الأسابيع والأيام الأخيرة.

وشارك في الاجتماع بعض ممثلي كبرى الشركات الأميركية مثل إكسون موبيل وشيفرون، إضافة إلى شركات إنتاج النفط الصخري الذي توسعت في إنتاجه الكثير من الولايات الأميركية خلال السنوات الماضية.

وفقدت أسعار النفط العالمية نحو ثلثي قيمتها هذا العام في ظل توقف شبه تام للاقتصاديات العالمية بسبب فيروس كورونا، والذي تزامن كذلك مع بدء السعودية وروسيا في إغراق السوق بالنفط، وهو ما دفع إلى وصول سعره إلى عشرين دولارا للبرميل.

كل السياسات محلية
ولايات قليلة هي تلك التي منحت الفوز للرئيس دونالد ترامب في انتخابات 2016، وتعاني بعض هذه الولايات من آثار اقتصادية سلبية ضخمة نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد.

وتزامن ذلك مع انخفاض غير مسبوق في أسعار النفط العالمية، وهو ما يؤثر بصورة كبيرة على صناعة النفط الصخري التي انتشرت في العديد من الولايات المتحدة خلال العقد الأخير، وساهمت في تغيير خريطة الطاقة العالمية.

وتعد ولاية بنسلفانيا إحدى أهم الولايات المتأثرة سلبا بانخفاض أسعار النفط، فقد شهدت طفرة واسعة في صناعة النفط الصخري خلال العقد الأخير، مما سمح بتوظيف 32 ألفا من سكانها للعمل في هذه الصناعة وما يرتبط بها من خدمات طبقا لبيانات مكتب إحصاءات العمال.

وخلال مشاركته في مؤتمر انتخابي بالولاية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي قال ترامب “أنتم أغنى الآن عما كنتم عليه قبل ثلاث سنوات، لقد زاد إنتاج النفط والغاز بصورة كبيرة مقارنة بالسنوات الماضية”.

ويدعم ترامب هذه الصناعة بصورة واضحة، في حين لا يعرف منافسة الديمقراطي جو بايدن هذا الحماس، وذلك لاعتبارات ترتبط بقضايا البيئة والتغير المناخي التي تعد ذات مكانة مهمة في أجندة الديمقراطيين.

ولولاية بنسلفانيا 20 صوتا بين أصوات المجمع الانتخابي من الولايات المتأرجحة، وحصل ترامب على 48.1% من أصوات ناخبيها، في حين حققت المنافسة الديمقراطية هيلاري كلينتون 47.6% من الأصوات وتفوق ترامب بفارق أربعين ألف صوت فقط.

ودفعت حرب الأسعار بين السعودية وروسيا إلى اتباع شركات النفط الصخري إجراءات تقشفية صارمة خسر معها العمال جزءا كبيرا من رواتبهم، وتم الاستغناء عن آلاف منهم، ويتوقع أن يتم الاستغناء عن آلاف آخرين إذا استمر الانخفاض في أسعار النفط.

ويضر انخفاض أسعار النفط إمكانية بقاء صناعة النفط الصخري الذي ترتفع تكلفة استخراجه لتعادل ثلاثة إلى أربعة أضعاف تكلفة استخراج النفط بالطرق التقليدية.

ويرى بعض الخبراء أن روسيا تريد أن تخرج صناعة النفط الصخري من معادلات إنتاج وتسعير النفط، في حين لا تريد السعودية خسارة حليفها الرئيس ترامب على الرغم من إقدامها بالدخول في حرب تكسير عظام مع روسيا أدت لانخفاض كبير في الأسعار.

ويصاحب ذلك ارتفاع تاريخي في أعداد الأميركيين المتقدمين لطلب إعانات البطالة، ووصل العدد إلى أكثر من 10 ملايين طلب خلال الأسبوعين الأخيرين.

انخفاض النفط لا يفيد المستهلكين
وخلال المؤتمر الصحفي اليومي الذي يشارك فيه الرئيس الأميركي بشأن فيروس كورونا، خاطب ترامب قبل أيام المواطنين الأميركيين بالقول إن ما يحدث “جيد للمستهلكين، وسوف تنخفض أسعار البنزين”.

ووصل متوسط سعر الغالون إلى 1.9 دولار، ويتوقع أن يصل الأسبوع المقبل إلى 1.75 دولار، وهو ما لم يحدث منذ سنوات.

لكن مع بقاء أغلبية الأميركيين داخل بيوتهم بسب الحظر الصحي المترتب على انتشار فيروس كورونا فإن هؤلاء لا يشعرون بقيمة انخفاض أسعار البنزين، حيث لا أحد يقود سيارته في هذه الظروف.

كما لا تستفيد شركات الطيران الأميركية من هذه الانخفاض كذلك، حيث توقف أغلب الطيران الأميركي لداخل وخارج الولايات المتحدة.

ولا تستورد الولايات المتحدة إلا 530 ألف برميل يوميا من النفط السعودي، وهدد ترامب وبعض أعضاء الكونغرس بفرض رسوم على الواردات النفطية السعودية في حال استمرار سياسة إغراق الأسواق.

وتخوض السعودية وروسيا حربا على أسعار النفط دخلت شهرها الثاني عقب انهيار مفاوضات “أوبك بلس” لخفض الإنتاج، وهو ما نتج عنه إقدام السعودية على زيادة ضخ الإنتاج ليصل إلى 13 مليون برميل يوميا خلال أسابيع بعدما بلغ 9.8 ملايين برميل يوميا فقط في فبراير/شباط الماضي.

محمد المنشاوي

الجزيرة