هل تتحمل الأسواق صدمة جديدة من دون النفط؟

هل تتحمل الأسواق صدمة جديدة من دون النفط؟

قبل ساعات من بدء الاجتماعات المقررة اليوم الخميس وغداً الجمعة، ارتفعت العقود الآجلة للنفط في أواخر التعاملات في جلسة أمس الأربعاء، بدعم من آمال بأن منظمة أوبك وحلفاءها سيبرمون اتفاقا لخفض الإنتاج اليوم.

وكانت أسعار الخام قد هوت خلال الأسابيع القليلة الماضية بسبب هبوط حاد في الطلب ناتج عن انتشار فيروس كورونا وفائض في المعروض. ونزل خام القياس العالمي مزيج برنت في نهاية مارس (آذار) إلى 21.65 دولار للبرميل، وهو أدنى مستوى له منذ العام 2002.

والاجتماع الذي من المقرر أن يعقد عبر دائرة تلفزيونية مغلقة بين أوبك وحلفائها، وفي مقدمتهم روسيا، وهي مجموعة معروفة باسم أوبك+، من المتوقع أن يكون أكثر نجاحاً من اجتماعهم الذي عقد في مارس (آذار) الماضي، وانتهى من دون التوصل إلى اتفاق بتمديد خفض الإنتاج، ما تسبّب في حروب واسعة زادت من خسائر النفط.

وتحسنت معنويات السوق بفعل توقعات بأن أوبك+ قد تتوصل لاتفاق، بعد أن ذكرت تقارير إعلامية أن روسيا مستعدة لخفض إنتاجها بمقدار 1.6 مليون برميل يومياً. وأنهت عقود خام “برنت” جلسة أمس مرتفعة بنحو 97 سنتاً، أو 3 في المئة، لتسجل عند التسوية 32.84 دولار للبرميل. وأغلقت عقود خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط مرتفعة بنحو 1.47 دولار، أو 6.2 في المئة، عند مستوى 25.09 دولار للبرميل.

وفي وقت سابق من الجلسة، تراجعت الأسعار عن بعض مكاسبها وانخفضت عقود برنت لفترة وجيرة، بعد أن أظهرت بيانات من الحكومة الأميركية أن مخزونات الخام في الولايات المتحدة قفزت الأسبوع الماضي بوتيرة قياسية بلغت 15.2 مليون برميل، حتى مع تراجع الإنتاج بمقدار 600 ألف برميل يومياً إلى 12.4 مليون برميل يومياً.

وزراء الطاقة بمجموعة العشرين يجتمعون غداً

في سياق آخر، وفي إطار احتواء الأزمة القائمة، كشفت دول مجموعة العشرين أن السعودية، وهي الرئيس الحالي للمجموعة، ستعقد اجتماعاً استثنائياً عن بُعد لوزراء الطاقة في المجموعة الجمعة المقبل. وأوضحت، في بيان، أن الاجتماع يأتي لتعزيز الحوار والتعاون العالميين الهادفين إلى تحقيق وضمان استقرار أسواق الطاقة من أجل تعزيز نمو الاقتصاد العالمي.

وأوضحت أن وزراء الطاقة في مجموعة العشرين سيعملون جنباً إلى جنب مع الدول المدعوة ومنظمات إقليمية ودولية؛ للتخفيف من تأثير جائحة كورونا على أسواق الطاقة العالمية. وأكد البيان أن هذا الاجتماع يأتي في وقت تركز فيه رئاسة الرياض لمجموعة العشرين على التخفيف من آثار جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي.

اقرأ المزيد

هل تنجح محاولات “ترمب” في إنقاذ النفط الأميركي من المركب الغارق؟

خسائر النفط العنيفة تربك الشركات الكبرى… كيف تواجه الأزمة؟

النفط يواصل رحلة الصعود… والعيون على اجتماع “أوبك”
وفي وقت سابق، دعت السعودية إلى عقد اجتماع عاجل لدول أوبك+ ومجموعة من الدول الأخرى، لمناقشة توازن السوق. وفي وقت سابق، قال الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، إن بلاده مستعدة لإجراء تخفيضات عميقة في إنتاج النفط مع الولايات المتحدة وأوبك.

وقال مصدر سعودي رفيع المستوى إن الرياض ستعلن أسعار البيع الرسمية لخاماتها لمايو (أيار) المقبل في 10 أبريل (نيسان) الحالي، وذلك بعد عقد اجتماع أوبك+ وبغرض التواصل والتوصل إلى اتفاق جديد مع منتجي النفط.

تفاؤل حذر… والسوق لا تحتمل صدمة أخرى

لكن حالة من التفاؤل الحذر تخيّم على المستثمرين في سوق النفط قبل الاجتماع المرتقب لأعضاء أوبك والحلفاء، اليوم الخميس، مع انتظار ماذا يمكن أن يفعل كبار المنتجين لإنقاذ السوق. لكن الحذر يأتي من أن السوق لا تحتمل صدمة أخرى مع حقيقة تعرض أسعار الخام لأكبر خسائر شهرية على الإطلاق خلال مارس (آذار) الماضي بأكثر من 54 في المئة.

وفضلاً عن التأثير الحاد لفيروس كورونا على الطلب، كان انهيار اتفاقية خفض الإنتاج بين أوبك وحلفائها بداية من الشهر الماضي القشة التي قصمت ظهر البعير وكبّدت أسعار الخام خسائر فادحة. وكانت أوبك تريد تخفيضاً إضافياً للإنتاج بمقدار 1.5 مليون برميل يومياً حتى نهاية عام 2020، لمواجهة آثار فيروس كورونا على الطلب، لكن روسيا لم تكن على استعداد لتقليص إضافي للإمدادات.

وعاد الأمل إلى سوق النفط خلال الأسبوع الماضي مع بداية ظهور تقارير عن خفض حاد لإنتاج الخام، مما جعل الأسعار تحقق أكبر مكاسب أسبوعية في تاريخها، لكن التوقعات تشير إلى أن أوبك لن تتمكن من فعل الكثير للسوق.

وقال مسؤول بوزارة الطاقة الروسية لوكالة “تاس”، إن الوزارة تلقت دعوة من أوبك للمشاركة في مؤتمر الفيديو اليوم الخميس. لكن لا يخفى على أحد أن تدخّل الرئيس الأميركي دونالد ترمب لوقف انهيار الأسعار بالحديث مع السعودية وروسيا كان سبباً في الدعوة لاجتماع عاجل في ظل سعيه لإنقاذ صناعة النفط في الولايات المتحدة.

لكن ليس من المحتمل أن تتدخل الولايات المتحدة في سوق النفط وتتبنى خفضاً للإمدادات بالتعاون مع كبار المنتجين، بخاصة مع تأكيد الرئيس الأميركي أن أوبك لم تطلب ذلك حتى الآن، لكنه أشار إلى أن إنتاج الخام الأميركي انخفض بالفعل على أي حال مع معاناة الصناعة.

وكان تدهور صناعة النفط سبباً رئيساً في تغير موقف ترمب الذي لطالما طالب أوبك وحلفاءها بخفض أسعار النفط، لكن مع الانهيار الأخير عكس الرئيس الأميركي وجهته ليدعو إلى زيادة أسعار الخام. وينظر محللو الطاقة في “أوراسيا جروب” إلى تغير موقف “ترمب” على أنه أكبر عقبة أمام صفقة “أوبك+” في ظل عدم الوضوح بشأن أولويات الرئيس الأميركي.

لكن بالطبع، فإن وصول أسعار النفط إلى 20 دولاراً للبرميل يشكل معاناة لصناعة الخام في الولايات المتحدة، حيث يتمحور إنتاجها حول النفط الصخري مرتفع التكلفة عن نظيره التقليدي، كما أنه أقل كثيراً من سعر التعادل لمناطق إنتاج النفط الرئيسة كافة في أميركا.

هل يكفي اتفاق بين أوبك وروسيا لتحسين السوق؟

وأشارت نتائج مسح حديث إلى أن شركات النفط الأميركية في أقل المناطق تكلفة للإنتاج، تحتاج ليتراوح متوسط أسعار النفط عند 49 دولاراً للبرميل حتى تحقق أعمالها للتنقيب أرباحاً. وظهرت تداعيات انخفاض أسعار النفط سريعاً، حيث أغلقت شركات التنقيب عن الخام في الولايات المتحدة 121 منصة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية فقط لتصل إلى 562 منصة. وخلال الأسبوع الماضي تقدمت شركة “وايتننج بتروليم” بطلب لحمايتها من الإفلاس.

على صعيد الموقف الروسي، أعلن الرئيس فلاديمير بوتين أن بلاده مستعدة للتعاون مع أوبك لخفض إنتاج النفط بمقدار 10 ملايين برميل يومياً أو نحو 10 في المئة من الإمدادات العالمية. وأشار إلى أن بلاده على استعداد للتعاون مع الولايات المتحدة، أكبر منتج للنفط في العالم، والتي ليست جزءاً من مجموعة “أوبك+”، مضيفاً أن موسكو ترغب في أن يكون سعر النفط عند 42 دولاراً للبرميل.

وقال مدير وكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، إن تخفيضات الإنتاج المحتملة البالغة 10 ملايين برميل يومياً ستساعد فقط في التخفيف من الضرر الواقع على سوق النفط، لكنها لن تكون كافية، لأن المخزونات ستظل ترتفع بمقدار 15 مليون برميل يومياً في الربع الثاني، هذا سيعني أنه ستظل هناك ضغوط هائلة على أسواق النفط العالمية.

وشدّد على أن اجتماع وزراء الطاقة في مجموعة العشرين مهم للغاية، لأنه حتى إذا تم توقيع الاتفاقية بين السعودية وروسيا بخفض الإنتاج البالغ 10 ملايين برميل يومياً، فلن يكون هذا كافياً لمعالجة المشكلة الكبيرة التي تواجهها السوق.

خالد المنشاوي

اندبندت العربي