مكافأة أميركية لمن يدلي بمعلومات عن الحرس الإيراني في اليمن

مكافأة أميركية لمن يدلي بمعلومات عن الحرس الإيراني في اليمن

محاولة الولايات المتّحدة محاصرة أنشطة الحرس الثوري الإيراني في اليمن يمكن أن تتجاوز مجرّد الطابع الأمني لتُحقّق نتائج أشمل تخدم جهود إخراج البلد من حالة الحرب إلى السلام والتي نشطت مؤخّرا بشكل لافت، وذلك بالنظر لما للجهاز الإيراني ذي الأذرع المتشعّبة والممتدّة داخل أكثر من بلد عربي من دور في تأجيج الصراع المسلّح في اليمن وفي الحفاظ على قدرة الحوثيين على خوضه.

واشنطن – رصدت الولايات المتحدة الأميركية مكافأة مالية مغرية لمن يدلي بمعلومات تتعلّق بأنشطة الحرس الثوري الإيراني في اليمن، لتعيد بذلك تسليط الأضواء على دور الذراع الطولى لإيران في تكريس حالة عدم الاستقرار التي يشهدها البلد منذ أكثر من ست سنوات بسبب الحرب التي فجّرتها جماعة الحوثي المحسوبة ضمن منظومة وكلاء طهران في المنطقة العربية من حركات دينية شيعية وميليشيات مسلّحة يمتدّ نشاطها من العراق إلى اليمن مرورا بسوريا ولبنان.

ويبلغ مقدار المكافأة التي أعلنت السفارة الأميركية باليمن عن رصدها مقابل الإدلاء بمعلومات عن “شبكات الحرس الثوري الإيراني” 15 مليون دولار.

وجاء الإعلان عن هذه المكافأة في غمرة تصاعد الدعوات لإنهاء الحرب في اليمن والبدء بعملية سلام جادّة تنهي الصراع المسلّح الذي كانت له آثار كارثية على البلد العربي الأكثر فقرا.

وفي خطوة نوعية مشجّعة على السير في هذا الاتّجاه، أعلن التحالف العربي الذي تقوده المملكة العربية السعودية دعما للحكومة الشرعية اليمنية، قبل أيام، عن وقف شامل لإطلاق النار في اليمن لمدّة أسبوعين قابلة للتمديد استجابة لدعوة المبعوث الأممي مارتن غريفيث بشأن التهدئة لإفساح المجال لمواجهة جائحة كورونا التي تهدّد اليمن مثل سائر بلدان العالم.

وساندت الإدارة الأميركية على لسان وزير الخارجية مايك بومبيو الخطوة ودعت الحوثيين إلى التعاون مع الموفد الأممي في مساعيه لإطلاق محادثات سلام عاجلة بين الفرقاء اليمنيين.

غير أنّ المتمرّدين أبدوا تردّدا كبيرا في التجاوب مع خطوة التحالف العربي، وذلك في مظهر على ارتباطهم الشديد بإيران التي لا ترى مصلحة لها في تهدئة الصراع في اليمن وتفضّل الإبقاء على التوتّر هناك أملا في إشغال غريمتها الأولى في المنطقة، المملكة العربية السعودية بالملف اليمني المتّصل بشكل مباشر بأمنها الوطني.

وقالت السفارة الأميركية في تدوينة عبر صفحتها على فيسبوك إنّ برنامج “مكافآت من أجل العدالة” الحكومي يعرض مكافأة تصل إلى خمسة عشر مليون دولار لمن يقدم معلومات تؤدي إلى تفكيك شبكات التهريب والتمويل التابعة لتنظيم الحرس الثوري الإيراني في اليمن”.

وتعلم واشنطن، كما الرياض، بناء على معلومات موثّقة وتقارير استخبارية متواترة أنّ للحرس الثوري الإيراني دورا مباشرا في إطالة الحرب في اليمن، بما يقدّمه من إسناد متنوّع لجماعة الحوثي يتراوح بين تهريب الأسلحة إليهم ومساعدتهم على إعادة تركيبها والتدرّب على استخدامها، وبين مساعدتهم في تخطيط المعارك وقيادة مقاتليهم في الجبهات.

ويفسّر خبراء الشؤون العسكرية والأمنية قدرة الحوثيين على مواصلة خوض الحرب لمدّة طال أمدها بما يقدّمه لهم الحرس الثوري الإيراني من إسناد، بينما يعتبر امتلاكهم أسلحة من قبيل الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي يستخدمونها ضدّ القوات اليمنية وأيضا لقصف أهداف داخل الأراضي السعودية، دليلا مادّيا على الدور الإيراني في حرب اليمن.

وكان التحالف العربي قد أعلن آخر شهر مارس الماضي على لسان ناطقه الرسمي العقيد الركن تركي المالكي عن تدمير الطيران الحربي التابع للتحالف لأهداف داخل اليمن “شملت القدرات النوعية المتقدمة للميليشيا الإرهابية (ميليشيا الحوثي) تتعلّق بتخزين وتجميع وتركيب الصواريخ الباليستية والطائرات دون طيار، وأماكن تواجد الخبراء من الحرس الثوري الإيراني ومخازن الأسلحة”.

ويؤطّر الحرس الثوري الإيراني عملية التنسيق والتواصل بين الأذرع التابعة له في البلدان العربية ومن ضمنها جماعة الحوثي التي تطلق على تنظيمها اسم “أنصار الله”، وحزب الله اللبناني الذي تتحدّث تقارير عن قيامه بدور في الحرب باليمن.

قدرة الحوثيين على مواصلة الحرب تعود إلى ما يقدّمه لهم الحرس الثوري من إسناد يشمل تسليحهم وتخطيط معاركهم

وسبق لتقرير غربي أن كشف عن وجود تواصل وثيق بين الحزب والحوثيين. ونقلت دورية انتليجينس أونلاين الفرنسية الاستخباراتية في تقرير نشرته أواخر سنة 2018 “عن مصادر استخباراتية أنّ ناصر أخضر الذي يحمل اسما حركيا هو أبومصطفى يتولّى مسؤولية التواصل بين الحزب وجماعة الحوثي في كل ما يتعلق بإدارة الحرب في اليمن”. وبحسب التقرير ذاته فإنّ حزب الله هو من يشرف على قناتي الساحات والمسيرة الحوثيتين اللتين تبثان من لبنان.

وتقول مصادر سياسية مطّلعة إنّ الأطراف المعنية بالملف اليمني لا تمانع في منح الحوثيين فرصة الانخراط في عملية سلام جادّة تجعل منهم طرفا سياسيا مشاركا في إدارة البلد وصياغة مستقبله وذلك في حال تخلّوا عن العمل المسلّح وبادروا إلى فكّ ارتباطهم بطهران.

لكنّ ذات المصادر تستدرك بأنّ الجماعة المتمرّدة لا تستطيع ذلك بالنظر إلى سيطرة الجناح الأكثر تشدّدا وارتباطا بالحرس الثوري الإيراني على قرارها، وخصوصا ما يتعلّق منه بقضية الحرب والسّلام. وتضيف المصادر، بناء على ذلك، أنّ دفع الحوثيين إلى السلام يتوقّف في جانب كبير منه على مدى النجاح في محاصرة الدور الإيراني في اليمن والموكول عمليا للحرس الثوري.

العرب