روما – تلوح بارقة أمل في الأفق حيال اجتياح فايروس كورونا العالم رغم تواصل تفشيه وحصده ضحايا جدد.
وبدأت بعض الدول الأكثر تضرّرا من هذا الوباء محاولة استعادة الحياة من جديد بشكل تدريجي وتوجه نحو تخفيف جزئي للغلق الشامل لاستعادة دوران عجلة الاقتصاد، وسط تحذيرات من منظمة الصحة العالمية بضرورة التريث وعدم التسرع في تخفيف الحجر الصحي.
وقال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس من أن “عهد العولمة يعني أن مخاطر معاودة ظهور كورونا وانتشاره ستستمر”.
في إيطاليا، حيث تم تمديد الإغلاق التام المفروض في البلاد حتى 3 مايو، يُصرح لبعض الشركات مثل المكتبات ومراكز غسيل الملابس باستئناف نشاطها الثلاثاء في بعض المناطق.
لكن هذا التخفيف الذي أعلنه رئيس الحكومة جوزيبي كونتي، في 10 أبريل، لا يزال هامشيًا. ومن المقرر أن تفتتح المتاجر الصغيرة في النمسا أبوابها الثلاثاء، معتبرة أن منحنى الإصابات قد “استقر”.
ومددت فرنسا، إحدى الدول التي تضررت بشكل كبير، الحجر لمدة شهر. وكان أعلن ماكرون أمس في كلمة تمديد الحجر حتى 11 مايو، حتى لو أن “الوباء بدأ يتباطأ” في البلاد حيث توفي نحو 15 ألف شخص جراء إصابتهم بالفيروس.
وسيكون الخروج تدريجيا، ففي حين سيتم إعادة فتح المدارس شيئًا فشيئًا اعتبارًا من 11 مايو، الحانات والمطاعم ودور السينما ستبقى مغلقة حتى إشعار آخر، وكذلك الأمر بالنسبة للحدود مع الدول غير الأوروبية.
وقال ماكرون، الذي أقر بأن بلاده “لم تكن على استعداد كاف” لمواجهة أزمة فايروس كورونا المستجد، بأن ارتداء القناع الواقي “يمكن أن يصبح منهجيا” في “حالات معينة” كاستخدام وسائل النقل العام.
أما في الولايات المتحدة الأكثر تضرّرا على مستوى العالم من وباء كورونا، فقد أكد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الثلاثاء، أن الولايات المتحدة تحرز تقدما في مواجهة كورونا على الرغم من ارتفاع عدد الإصابات، مشيرا إلى أنه فرض قيودا على منع السفر قبل تسجيل أي وفاة بالجائحة.
وقال في مؤتمر صحافي لخلية الأزمة حول مستجدات كورونا، إنه سيتخذ قراره بشأن فتح الاقتصاد نهاية الأسبوع، مؤكدا أن الإجراءات التي اتخذتها أميركا قللت من حجم الإصابات.
وقال حاكم نيويورك أندرو كومو “لقد مر الأسوأ” على الرغم من أن الولاية سجلت عشرة آلاف حالة جراء الوباء. وأضاف “نحن في طور السيطرة على تفشي” الفيروس، مضيفا أن إعادة فتح الحياة الاجتماعية والاقتصادية ينبغي أن تتم “بعناية وذكاء”.
وقدر مستشار الرئيس الأميركي لشؤون الأوبئة أنتوني فاوتشي أن الاقتصاد قد يتعافى تدريجيًا في مايو بفضل بداية التحسن في المؤشرات الرئيسية لانتشار الوباء.
وتمارس الحكومات في جميع أنحاء العالم استراتيجية استئناف النشاط، والتي ستكون تدريجية بالضرورة، لتجنب موجة ثانية من الوباء أكثر فتكًا من الأولى.
وبدأت بعض البلدان الأقل تضررا، مثل النمسا بوضع خطة للخروج من الأزمة. ولكن أي من الدول الأكثر تضررا، مثل الولايات المتحدة (أكثر من 23,500 وفاة)، وإيطاليا (أكثر من 20,000)، وإسبانيا (أكثر من 17,000) أو المملكة المتحدة (أكثر من 11,000) لم تعلن عن موعد محدد، كما فعلت فرنسا، لإنهاء الإجراءات الصارمة.
وما يزال العزل سيد الموقف حتى الآن، فعلى غرار باريس، وبعدها روما و مدريد، تنوي لندن التمديد. ويمضي رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون فترة النقاهة، بعد تعافيه من وباء كوفيد-19.
ورغم أن إجراءات العزل المستمرة، سمحت الحكومة الأسبانية للعمال، تحت شروط صارمة، بالعودة إلى المصانع ومواقع البناء، بعد أسبوعين من “سبات” جميع الأنشطة الاقتصادية غير الأساسية.
وفي محاولة لإنعاش اقتصاد هش وتجنبا لحدوث عدوى، قامت الشرطة ومتطوعون بتوزيع عشرة ملايين قناع في المترو ومحطات القطار.
ويأتي استئناف الأنشطة المحدود هذا لاحقا للأخبار حول تحسن الوضع الصحي على الرغم من وقوع وفيات يومية في العالم، الذي سجل أكثر من 117 ألف حالة وفاة منذ ظهور الوباء في ديسمبر في الصين.
في ألمانيا، دعت أكاديمية ليوبولدينا الوطنية للعلوم إلى عودة “على مراحل” إلى حياة أكثر طبيعية في حال “استقرت” أرقام الإصابات الجديدة.
وسجل انخفاض في الحصيلة اليومية للمصابين وعدد الوفيات في دول أوروبية تضرّرت من الفايروس، كما هو الحال في فرنسا، فقد تقلّص عدد المرضى في قسم العناية المركزة.
في المقابل دعت منظمة الصحة العالمية إلى ضرورة الحيطة والحذر فيما يخص تخفيف إجراءات الحظر الشامل، مشيرة إلى أن كورونا المستجد أكثر فتكا بعشر مرات من الفايروس المسبب لإنفلونزا “إتش1 إن1″، داعية إلى رفع الحجر المنزلي “ببطء”.
قال المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو من جنيف إن الخطر مازال قائما لأنه “في نهاية المطاف، سيكون من الضروري التوصل إلى لقاح دائم وفعال وتوزيعه لوقف انتشار العدوى بشكل كامل”.
العرب