زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى دمشق للقاء الرئيس بشار الأسد تكتسي أهمية بالغة بالنظر إلى توقيتها، وسط تسريبات تتحدث عن أن الهدف منها هو إيصال رسالة بأن طهران لن تتخلى عنه، إذا ما قررت روسيا الإقدام على هذه الخطوة.
دمشق – عزت مصادر دبلوماسية عربية زيارة وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف إلى دمشق في سياق محاولة طمأنة بشار الأسد وتأكيد الوقوف إلى جانبه، في ظل الضغوط التي يتعرض لها من قبل روسيا، مع وجود بوادر عن إمكانية تخلي الأخيرة عنه.
وأعلنت وزارة الخارجية الإيرانية الأحد أن وزير الخارجية الإيراني سيلتقي بالرئيس السوري بشار الأسد في دمشق الاثنين، في أول لقاء بينهما منذ عامٍ.
وذكرت الوزارة في بيان أن زيارة ظريف ستستغرق يوما كاملا لمناقشة “العلاقات الثنائية” الإيرانية – السورية و“آخر التطورات في المنطقة” و“التقدم الميداني في محاربة الإرهاب في سوريا”.
وتنطوي الزيارة من حيث توقيتها على أهمية بالغة، ولاسيما في ضوء التحديات الكبيرة التي تعصف بإيران في الداخل على خلفية تفشي جائحة كورونا وعجز طهران عن السيطرة على الوضع الذي بات يهدد بانهيارها، هذا إلى جانب ما تواجهه ميليشياتها في العراق من صعوبات.
وأوضحت المصادر الدبلوماسية أن وزير الخارجية الإيراني سيؤكد خلال هذه الزيارة لبشار الأسد على وجود ثقل إيراني في سوريا يوازي الثقل الروسي وأن إيران ليست في وارد التخلي عنه بأي شكل.
وعلى خلاف الجانب الروسي الذي يبدو أنه في وارد تغيير استراتيجيته في سوريا، فإن طهران متمسكة بذات السياسة ذلك أنها ترتكز بشكل جلي على بقاء الأسد في الحكم لضمان نفوذ دائم لها في سوريا.
روسيا تستشعر بأن التمسك بالأسد قد يقودها إلى خسارة الإنجازات التي راكمتها منذ تدخلها المباشر في سوريا في 2015
وأظهرت روسيا مؤخرا حالة تململ من الأسد، وسط شعور متنام بأن التمسك به قد يقودها إلى خسارة كل الإنجازات التي راكمتها منذ تدخلها المباشر في سوريا في العام 2015، على وقع اهتزاز الوضع في المناطق التي عادت إلى سيطرته مثل درعا، فضلا عن إدراك موسكو أن جهودها في إعادة التسويق له تصطدم بحائط صد من قبل المجتمع الدولي.
وانعكس هذا التململ في التقارير التي نشرتها وسائل إعلام روسية والتي أثارت هواجس لدى النظام السوري، عبرت عنه تغريدة للسفير السوري السابق لدى الأردن بهجت سليمان المعروف عنه ولاؤه الشديد للأسد.
وقال سليمان في تغريدته “كم يحتاج حلفاؤنا الروس إلى وضع حدّ للاختراقات الصهيونية المتغلغلة في الكثير من وسائل إعلامهم، بدءا من وكالة الأنباء الفيدرالية الروسية… وصولا إلى ‘روسيا اليوم’ التي تقدّم نفسها، أحيانا، وكأنّها معادية لجمهورية روسيا الاتحادية، بل وكأنّها تعمل لصالح أعداء روسيا”. ومعلوم أن وسائل الإعلام الروسية تخضع لسيطرة كاملة من قبل الكرملين، وبالتالي فإنها لا يمكن أن تنطق عن هوى خاصة في الملفات التي تكتسي أهمية استراتيجية مثل الملف السوري.
وكشفت المصادر أن إيران أجرت اتصالات بالقيادة الروسية لمعرفة مدى جدّية الأنباء التي سربت من موسكو عن الرغبة في التخلي عن الأسد في ضوء فشل القوات التابعة له في إعادة الأمن والاستقرار إلى المناطق التي استعيدت من قوى المعارضة بفضل التدخل العسكري الروسي.
ويقول محللون إن فرضية تخلي روسيا عن الأسد واردة جدا، خاصة أنها وبعد نحو ست سنوات من تدخلها العسكري في سوريا ونجاحها في استعادة النظام لتوازنه، إلا أن قبضتها لا تزال هشة، وهي لا تملك حقيقة مفاتيح الحل، وذلك يعود في جزء كبير منه إلى أسلوب الأسد الذي لا يزال على نهجه رافضا الإقرار بضرورة التغيير.
العرب