إدارة ترمب أيقنت أن الانخراط في السياسة العراقية مضيعة للجهد

إدارة ترمب أيقنت أن الانخراط في السياسة العراقية مضيعة للجهد

إنه وضع رهيب بالنسبة إلى العراقيين، لكن هناك القليلين جداً في الولايات المتحدة الذين يرغبون في استثمار الوقت والموارد في العراق، خصوصاً الآن مع تفشي فيروس كورونا المدمر لصحة الأميركيين وإنفاق الكونغرس تريليونات الدولارات لمجرد الحفاظ على الاقتصاد طافياً. قد يكون مصطفى الكاظمي، المرشح الجديد لرئاسة الحكومة العراقية، كفؤاً كما هو معلن، لكنه لن ينقذ البلاد. فالنظام السياسي في العراق فاسد للغاية، والأميركيون مشتتون، وإيران تحب العراق كما هو مشتت. هذا ما خلصت إليه مجلة “فورين بوليسي”، في مقالها الذي حمل عنوان “لا أحد يستطيع مساعدة العراق بعد الآن”.

ترشيح الكاظمي

وتختبر المجلة قراءها، “ارفع يدك إذا كنت على علم بوجود رئيس وزراء جديد مكلف. لا، ليس الرجل الذي رُشِح في منتصف مارس (آذار) أو الرجل الذي قبله، بل الجديد”. وتقول “في 9 أبريل (نيسان)، قام الرئيس العراقي برهم صالح بتعيين مصطفى الكاظمي ليكون رئيس الحكومة المقبل للبلاد. واستقال شاغل المنصب عادل عبد المهدي في أواخر نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه يواصل قيادة حكومة تسيير أعمال. الرجل الذي اختير في البداية لخلافته محمد توفيق علاوي، لم يتمكن من تشكيل حكومة، ثم جاء عدنان الزرفي، الذي لم يتمكن أيضاً من حشد الدعم الكافي للمهمة ذاتها، ما أدى إلى ترشيح الكاظمي”.

ونشرت الصحف الأميركية بدورها مقالات روتينية حول رئيس الوزراء العراقي الجديد، وتقول “فورين بوليسي”، ربما الذي يقرأ الكثير مثل العديد من المقالات السابقة عن جميع رؤساء الوزراء العراقيين الآخرين الذين يعود تاريخهم إلى غزو العراق، سيدرك أن الكاظمي مثل أسلافه، يمكنه الموازنة بين الولايات المتحدة وإيران، وهو شخص يتمتع بالنزاهة يمكنه الحصول على الدعم السياسي من الفصائل المختلفة. لكن مثل هذه الشهادات، بطريقة نموذجية، تتبعها محاذير حول أوجه القصور الكبيرة في النظام السياسي العراقي والتي من المرجح أن تجعل من الصعب على رئيس الوزراء المكلف تشكيل حكومة ثم الحكم.

الفجر الزائف

وتقول المجلة الأميركية إن خروج قطاع كبير من العراقيين إلى الشوارع، ليس على وجه التحديد لأنهم لم يعجبهم العمل الذي كان يقوم به عبد المهدي، بل لأنهم فهموا كيف أن النظام السياسي الفاسد في العراق يدمر أي أمل لديهم في مستقبل أكثر ازدهاراً ولائقاً .

تتابع “إن القتال من أجل اكتناز الموارد وتوزيعها على جمهور مفضل هو تعريف السياسة، ولكن في النظام العراقي، تنعكس الاختلافات الطائفية والاختلافات اللاحقة داخل هذه الجماعات عبر الحكومة. إن إثبات أن الانتفاضات العربية كانت فجراً زائفاً لا يقلل من حقيقة أن المؤسسات السياسية العراقية والنظام الاجتماعي الذي يعززها النظام بحاجة إلى القلب قبل أن تتاح للعراقيين فرصة حقيقية لتحقيق أهدافهم”.

تواصل “هذا شيء من الأفضل تركه للعراقيين. فلسنوات عديدة، كانت الولايات المتحدة تدفع وتحث قادة العراق على القيام بالشيء الصحيح من أجل شعبهم، لكن النظام الذي ساعدت أميركا على إعداده يحفز السياسيين العراقيين في بغداد على القيام بما يخدم مصالحهم الضيقة على حساب الآخرين. إن الطبيعة الطائفية للنظام الحزبي تضعف بشكل خاص وتضع ضغوطاً مجزأة على البلد. يمكن للمرء أن يجلس أمام خمسة مسؤولين في وزارة عراقية، لديهم ولاءات مختلفة ويتبعون أجندات مختلفة. إن سجل الفشل واضح للغاية لدرجة أنه من اللافت للنظر أن يكون هناك أي شخص يدافع على الإطلاق عن مشاركة أميركية مكثفة مع الجهات السياسية العراقية في الجهد العبثي نفسه لجعلهم يتخذون قرارات أفضل”.

سياسة أميركا تجاه بغداد

وقد توصلت إدارة ترمب بوضوح إلى استنتاج مفاده أن الانخراط في السياسة العراقية مضيعة للجهد. وبناءً على ذلك، أصبح موقف الولايات المتحدة من اختيار رئيس الوزراء العراقي ممارسة في الحد الأدنى، فالشخص مقبول طالما أنه “قومي عراقي”، ما يعني أنه ليس على جدول الرواتب الإيراني. لقد اجتاز الكاظمي الاختبار، لكن هذا لا يقلل من المسار الحالي لسياسة أميركا تجاه بغداد، والذي يضع أخيراً العبء على العراقيين لمعرفة وضعهم بأنفسهم. هذا سيزعج بعضهم، خصوصاً السُنة الذين يريدون أن يكونوا حلفاء للولايات المتحدة لكن ليس لديهم خيار سوى قبول واقعهم الجديد.

مواجهة الغاضبين

قد يكون موقف واشنطن حكيماً استراتيجياً. لا شك في أن تنظيم “الدولة الإسلامية” سيظل يشكل تهديداً في العراق، وهذا هو السبب في أن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي سيرغبان في الاحتفاظ بمهمة تدريب صغيرة نسبياً على مكافحة الإرهاب في بغداد، وإلا فإن عدم اهتمام أميركا سيجبر قادة العراق على إجراء تغييرات جوهرية أو مواجهة الغاضبين الذين يواصلون المطالبة بنهاية النظام. وإذا تحركت الطبقة السياسية العراقية بطريقة أو بأخرى، فإن المشكلات التراكمية للبلاد ستكون على الأقل مسؤولية إيران. وتزداد هذه المشكلات سوءاً مع اندماج جائحة كورونا التي أدت إلى انخفاض الطلب العالمي على النفط وحرب الأسعار بين السعودية وروسيا. ولا يبدو أن هناك طريقة لعمل أرقام موازنة العراق، مما ينذر بانهيار البلاد.

كفاية أولير

اندبندت عربي