مع دخول رمضان.. السوريون يغرقون بين كورونا وارتفاع الأسعار

مع دخول رمضان.. السوريون يغرقون بين كورونا وارتفاع الأسعار

لا يبدو شهر رمضان هذا العام كبقية الشهور السابقة منه في كل عام، فارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق مترافقا بانتشار جائحة كورونا وما تبعها من إغلاق للمعابر وارتفاع تصريف الدولار مقابل الليرة بـ 20% خلال الشهر الماضي، زاد بشكل واضح من معاناة السوريين في مناطق سيطرة المعارضة التي تعاني أصلا من بطالة وأوضاع معيشية قاهرة.

ومع دخول شهر رمضان شهدت المواد الغذائية والخضار ارتفاعا وصل لأضعاف سعرها الطبيعي قبل أزمة كورونا، نتيجة إغلاق المعابر الداخلية الرابطة بين مناطق سيطرة المعارضة ومناطق سيطرة النظام السوري ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.

أسعار قياسية
ارتفع سعر كيلوغرام الطماطم على سبيل المثال بثمانية أضعاف ما كان عليه في رمضان السابق، ووصل إلى نحو 850 ليرة سورية، كذلك الخيار والحشائش والبطاطا والباذنجان، وإن كانت بنسب أقل إلا أنها تجاوزت الضعفين، ووحده الليمون زاد سعره عن باقي الأصناف ووصل إلى معدلات قياسية ليتجاوز سعره ألفي ليرة، وانتشرت صور لشراء ليمونة واحدة وهو ما لم يألفه السوريون في السابق.

وزادت بقية الأصناف كالفاكهة بنسبة 50% إلى 100 % بينما ارتفعت أسعار اللحوم والأسماك بشكل متفاوت وتخطت ما كان مألوفا، ما زاد من أعباء المعيشة لنحو خمسة ملايين سوري يقيمون في شمال وشمال غرب سوريا.

ويقول الدكتور ياسر الحسين استاذ بكلية الاقتصاد في جامعة الشام للجزيرة إن المستوى المعيشي للفرد الواحد تدهور، وذلك نتيجة لأمور عديدة أبرزها انهيار قيمة الليرة السورية مقابل العملات الأخرى، إذ بلغ سعر الدولار بين 1250 و1300 ليرة للدولار الواحد، وكذلك إغلاق المعابر وما تلاه من ارتفاع أسعار الخضروات والمواد الغذائية.

ويضرب الحسين مثالا على ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق، حيث كانت سعر علبة حليب الأطفال القادمة من مناطق سيطرة النظام يبلغ 3500 ليرة (حوالي خمسة دولارات) لكن بات سعرها اليوم ستة آلاف ليرة، وقس على ذلك الأدوية بكل أصنافها حيث تأتي من المكان ذاته.

ويشير الحسين إلى أن هناك نقطة مهمة وهي خسارة المعارضة لمساحات واسعة تقدر بثلاثة آلاف كيلومتر مربع خلال الأشهر الماضية، متمثلة بمدن سراقب ومعرة النعمان وخان شيخون وأرياف حماة وإدلب، وكانت تلك بمثابة الخزان الإستراتيجي للخضروات والفواكه لشمال سوريا ووسطها.

الاحتكار
لا يبدو فقط سعر صرف الليرة المنهار هو السبب الأبرز في الغلاء، فاحتكار المواد الرئيسية كالنفط والسكر وغيرها عائد لسطوة وسيطرة تجار في معظم مناطق المعارضة على تجارتها في غياب واضح للمراقبة التموينية، مما أدى لارتفاع أسعارها بشكل كبير.

وتجلى ذلك بشكل واضح بعد إغلاق المعابر وظهور كميات من سلعة السكر التي تباع بثلاثة أو أربعة أضعاف سعرها وهي السلعة الأكثر طلبا هناك.

فقر قبل وبعد كورونا
يؤكد وزير المالية في الحكومة السورية المؤقتة عبد الحكيم المصري أن وفقا لإحصائيات منظمات محلية وغير حكومية يعيش نحو 81% من السوريين تحت خط الفقر و40% منهم يعيشون تحت خط الفقر المدقع قبل انتشار كورونا، لكن البطالة ارتفعت بنسبة هائلة جدا بعد كورونا يضاف إليها التهجير القسري للمدنيين من شمال شرق سوريا.

ويوضح المصري أنه رغم تقديم المنظمات الإنسانية المساعدات فإن الوضع المعيشي كان مأساويا وأصبح مأساويا أكثر بعد انهيار الليرة مقابل الدولار، وتوقف تبادل المنتجات بسبب إغلاق المعابر.

وعن استمرار المعابر التركية مع مناطق المعارضة يشير المصري إلى أن الأتراك اتخذوا إجراءات مشددة لمنع انتقال المرض إلى الداخل السوري، على عكس مناطق النظام التي سربت معلومات قبل أسابيع عن نية مليشيات إيرانية إدخال الفيروس إلى مناطق المعارضة.

أهمية المعابر الداخلية
رغم المخاطر الكثيرة المحدقة بافتتاح المعابر الداخلية بين مناطق المعارضة ومناطق النظام وقوات سوريا الديمقراطية، فإن لها أهمية كونها تعتبر مصدرا لكثير من المواد الأساسية التي تأتي بأسعار أرخص من القادمة من تركيا، إضافة إلى مساهمتها في تصدير فائض مناطق المعارضة من المواد والخضروات خاصة الأشجار المثمرة وزيت الزيتون وغيرها.

ويقول سعيد الأحمد مسؤول في إدارة المعابر بمحافظة إدلب إن إغلاقها أثر بشكل كبير جدا، لأن هناك جزءا كبيرا من احتياجات المناطق المحررة كان تجلب من مناطق هي اليوم تحت سيطرة النظام، وليس كل شيء يأتي من تركيا، والبديل الذي يمكن جلبه من تركيا أغلى بكثير.

ويضيف أن الإنتاج المحلي لمناطقهم يصرف باتجاه مناطق النظام كونه لا يمكن تصريفه باتجاه تركيا، وفي حال لم تصرف تلك البضاعة سيخسر التجار والمزارعون خسارة كبيرة ولن يستمروا في الزراعة أو التجارة، وتوقفهم يعني توقف الكثير من الأيدي العاملة عن العمل.

وعن منتجات مناطق المعارضة يشير الأحمد إلى أن العديد من أصنافها كالزيت والقمح والدواجن والخضروات والفاكهة توجد بكميات فائضة عن حاجة السوق المحلية، مضيفا أن الكميات التي تصدر لمناطق النظام 70% منها هي إنتاج محلي فائض.

المصدر : الجزيرة