تجاوز المؤشر العام لبورصة طهران للأسهم والأوراق المالية للمرة الأولى في تاريخها عتبة المليون نقطة، ليغلق أمس الأربعاء عند مستوى مليون و17 ألفا و659 نقطة، مرتفعا 3.5%.
وواصلت البورصة الإيرانية ارتفاعها القوي الذي بدأته بعيد تفشي فيروس كورونا في البلاد ليبلغ إجمالي الأسهم المتداولة الأربعاء الماضي 16 مليارا و852 مليون سهم وورقة مالية نفذت من خلال أكثر من 2.2 مليون صفقة بقيمة تجاوزت 180 تريليون ريال إيراني (نحو 1.1 مليون دولار).
وتشهد البورصة الإيرانية انتعاشا منقطع النظير منذ تفشي فيروس كورونا في البلاد قبل ثلاثة أشهر، حيث بدأت السيولة بالتدفق إلى السوق المالي في ظل الركود والتضخم والبطالة المتزايدة بفعل الجائحة، وفق مراقبين للشأن الاقتصادي في إيران، فضلا عن ترويج الحكومة وعرضها أسهم كبرى شركاتها في البورصة.
هواجس المستثمرين
وللوقوف عند آراء المستثمرين الجدد في بورصة طهران، قال لنا الشاب شادمهر بارسائيان من أمام إحدى شركات الوساطة المالية وسط العاصمة طهران إنه قام بتداول الأسهم عقب خسارته مهنته بسبب تفشي كورونا في البلاد، مضيفا أن خشيته من فقدان قيمة ما جمعه من الأموال خلال السنوات الماضية شكلت حافزا آخر على قراره بدخول سوق الأوراق المالية.
وأشار بارسائيان في حديثه للجزيرة نت إلى أنه حقق أرباحا جيدة خلال الشهرين الماضيين، مؤكدا أنه في ظل التضخم المتزايد في البلاد وقرار المصارف بخفض سعر الفائدة كانت البورصة أفضل الخيارات المتاحة لديه للتخلص من هاجس البطالة.
أما علي آزادي -الذي أكد أن رأس ماله تضاعف عدة مرات خلال السنوات الست الماضية في البورصة- فوصف الإقبال الكثيف على سوق الأوراق المالية بأنه مقلق بسبب عدم معرفة المبتدئين بقواعد السوق الجديدة، موضحا أن التضخم هو العامل الرئيسي لدى عدد كبير منهم لشراء الأسهم.
واعتبر في حديثه للجزيرة نت أن عرض أسهم الشركات الحكومية في البورصة جاء لسد عجز ميزانية الدولة والحد من التضخم عبر استقطاب السيولة الحائرة لدی المواطنين، متوقعا أن البورصة الإيرانية مقبلة على إفلاس.
ركود لا إفلاس
من ناحيته، اعتبر الاقتصادي الإيراني سعيد ليلاز أن بورصة طهران تأخرت كثيرا في تجاوز عتبة المليون نقطة، وأن ما هي عليه كان ينبغي أن تبلغه قبل ثمانية أعوام، وتوقع أن تواصل البورصة تعافيها خلال الفترة المقبلة إلى أن يلامس مؤشرها حاجز المليون و500 ألف نقطة.
ورأى في حديثه للجزيرة نت أن الإقبال الشعبي على بورصة طهران خلال الأشهر القليلة الماضية فاق جميع التوقعات، عازيا سبب ذلك إلى الركود الذي يخيم على أسواق الذهب والعملة الصعبة والسيارات وارتفاع السيولة النقدية في البلاد.
واستدرك أن شمولية الإقبال كانت متأثرة كذلك بموجة عاطفية في الاقتصاد الشعبي الذي يسعى إلى تحصين نفسه أمام موجات التضخم.
ووصف المخاوف من الإفلاس في بورصة طهران بأنها “في محلها” بسبب مواصلة السيولة ازديادها في البلاد، لكنه استبعد أن تشهد بورصة بلاده إفلاسا خلال الفترة المقبلة.
وتوقع الدكتور ليلاز أن تشهد بورصة طهران ركودا سيستمر عدة أشهر، مما يعني تراجع قيمة الأسهم في ظل التضخم المتواصل، مشيرا إلى أن الركود في البورصة سيحث المستثمرين -ولا سيما الجدد منهم- على الخروج من السوق.
وأكد أن عرض الحكومة أسهم كبرى شركتها في البورصة هو خطوة في الاتجاه الصحيح للحد من إفلاس المستثمرين الجدد وأولئك الذين لم يستطيعوا شراء أسهم متنوعة، فضلا عن استقطاب السيولة وإحتواء تداعيات الإقبال الواسع على الأسواق المالية، مؤكدا أن هذه السياسة ستساهم في استقرار البورصة نسبيا.
نصائح
وأعلنت منظمة البورصة الإيرانية أنه يحق للأجانب المقيمين في البلاد بطريقة قانونية الاستثمار في البورصة الوطنية، وذلك بعد الحصول على التراخيص اللازمة.
في غضون ذلك، قال عالم الاقتصاد عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني غلام رضا مصباحي إن انتعاش البورصة لا يعني أن الاقتصاد الوطني لا يعاني ركودا، موضحا أن نحو 10 آلاف شركة أغلقت خلال الفترة الأخيرة، وبرر الإقبال على البورصة بخفض المصارف الإيرانية نسبة الفائدة.
وأشار في تصريح صحفي إلى أن مؤشر التضخم في البلاد بلغ 40% نهاية العام الإيراني الماضي (20 مارس/آذار الماضي)، مؤكدا أن قيمة الأسهم في البورصة ترتفع بشكل يتناسب ومؤشر التضخم.
ونصح عامة الناس بألا يبيعوا ممتلكاتهم -ولا سيما البيوت والسيارات والعقارات- من أجل الاستثمار في البورصة، وذلك لخفض الأضرار المحتملة، مشددا على ضرورة أن يحرص المستثمرون الجدد على استشارة خبراء البورصة.
المصدر : الجزيرة