ما الناتج المحلي الإجمالي للدول وما دوره وهل يعكس مستوى سعادة السكان؟

ما الناتج المحلي الإجمالي للدول وما دوره وهل يعكس مستوى سعادة السكان؟

يعتبر إجمالي الناتج المحلي واحدا من أكثر المعايير استخداما في مجال الاقتصاد الكلي، ولكن هذا المصطلح كثيرا ما يساء فهمه أو يتم استخدامه في غير سياقه.

يقول الكاتب كارلوس هيدالغو في تقرير نشرته مجلة “موي نيغوثيوس إي ايكونوميا” الإسبانية، إن عبارة إجمالي الناتج المحلي هي من المؤشرات المستخدمة بكثرة لتقييم النشاط الاقتصادي في بلد معين.

وهي تعني مجموع البضائع والخدمات التي تم إنتاجها داخل هذا البلد في فترة زمنية محددة، تكون في العادة ثلاثة أشهر أو عاما كاملا. هذا المجموع يتم التعبير عنه بالقيمة المالية، ولذلك فإنه عند الحديث عن إجمالي الناتج المحلي يكون ذلك باعتماد العملة، مثل اليورو أو الدولار.

ويعد إجمالي الناتج المحلي واحدا من أهم الأرقام عند دراسة الاقتصاد الكلي، وهو واحد من التخصصات الاقتصادية التي تهتم بدراسة المؤشرات الكبرى، ويدخل هذا المعيار ضمن المحاسبة العامة للدول، وهو ما يجعله ضروريا لفهم الاقتصاد والعلاقات الاقتصادية بين الدول.

ويذكر الكاتب أن تقدير إجمالي الناتج المحلي ليس بالمهمة السهلة، وهنالك العديد من المقاربات المستخدمة لقياس عدد العمليات التجارية التي تمت، وخصم الرسوم والضرائب والإعانات والدعم من هذا المبلغ الإجمالي، كما أن تعديلات التضخم المالي يجب أخذها في الحسبان حتى تكون النتيجة أقرب ما يمكن للواقع.

وبعد القيام بكل هذه الحسابات، يمكن أن نتحصل على تقييم دقيق لإجمالي الناتج المحلي، يتضمن حتى أرقام العمليات الموازية التي تمت بشكل غير نظامي، إلى جانب العمليات القانونية.

هل يمكن تفسير كل شيء بإجمالي الناتج المحلي؟
إجمالي الناتج المحلي يعطينا فكرة عامة عن النمو الاقتصادي لأحد البلدان، وهذا النمو عادة ما يصحبه تزايد في فرص التوظيف وازدياد الثروة، ولكن هذا المعيار لا يخبرنا ما إذا كان النمو مستداما أم مؤقتا، وما إذا كان سيسبب ضررا اقتصاديا على المدى المتوسط أو الطويل.

وعلى سبيل المثال، إذا كانت الأنشطة التجارية الموازية وغير النظامية تمثل جزءا كبيرا من إجمالي الناتج المحلي، فإن المؤسسات المالية لن تتمكن من السيطرة على الدورة الاقتصادية وتأمين السير الصحيح لعجلة الاقتصاد، وتغطية النفقات الحكومية.

إضافة إلى ذلك، فإن إجمالي الناتج المحلي هو مؤشر مادي بحت، ولا يمكّننا من قياس جودة الحياة في بلد معين، أو مدى سعادة وراحة السكان، كما أن هذا المؤشر لا يأخذ في الحسبان المعيار البيئي والتبعات السلبية للنشاط الاقتصادي التي ستكلف أموالا طائلة في المستقبل.

ويذكر الكاتب أيضا أنه في عدة مناسبات واجهت بعض الدول اتهامات بأنها تكذب أو تتلاعب بأرقام إجمالي الناتج المحلي، حتى تقدم صورة مغلوطة حول واقعها الاقتصادي، وذلك لخداع الدائنين ورجال الأعمال حتى لا يفكروا في سحب أموالهم.

وكل الدول تقريبا واجهت في بعض الفترات شبهة تزييف الأرقام، حتى الولايات المتحدة والصين، إضافة إلى الأرجنتين والعديد من الدول الآسيوية. أما في الاتحاد الأوروبي، فإن من المعروف أن حساب إجمالي الناتج المحلي يخضع لرقابة دقيقة من المكتب الأوروبي للإحصاء، لتقديم أرقام موثوقة.

ما البدائل عن إجمالي الناتج المحلي؟
رغم نقاط ضعف هذا المعيار، فإن إجمالي الناتج المحلي يبقى ضروريا لفهم الأداء الاقتصادي لمختلف الدول، وحتى العالم بشكل عام.

وهنالك بعض البدائل التي تم اقتراحها، مثل إجمالي الناتج المحلي الأخضر الذي يقوم بخصم كلفة الضرر البيئي الذي يسببه استغلال الموارد الطبيعية. ولكن الحل الأسهل هو النظر لأنواع مختلفة من الأرقام والإحصاءات، للحصول على فكرة عامة وأكثر موثوقية، وهذه الأرقام هي:

– مؤشر التنمية البشرية الذي يقيس إجمالي الناتج المحلي للفرد، ومستوى التعليم لدى السكان وأمل الحياة عند الولادة.

-مؤشر جيني الذي يقيس الفرق بين الأثرياء والفقراء في بلد معين، ويقدم رقما يتراوح بين صفر ومئة، وكلما اقترب الرقم من الصفر فهذا يعني الاقتراب من المساواة، وكلما اقترب الرقم من المئة فهذا يعكس التفاوت الاجتماعي.

ويحذر الكاتب من الخلط بين مفهومي الناتج القومي الإجمالي الذي يقيس مجموع البضائع والخدمات التي أنتجها ذلك البلد (حتى خارج حدوده)، وإجمالي الناتج المحلي الذي يمثل قياس السلع والخدمات التي أنتجت داخل حدود البلد.

المصدر : الصحافة الإسبانية