انتهاكات موسكو تقود واشنطن إلى الانسحاب من معاهدة السماوات المفتوحة

انتهاكات موسكو تقود واشنطن إلى الانسحاب من معاهدة السماوات المفتوحة

أدى امتعاض الرئيس الأميركي دونالد ترامب ممّا أسماه بانتهاكات روسيا بشأن اتفاقية السماوات المفتوحة إلى سحب بلاده من هذه المعاهدة، التي مرت 18 عاما على توقيعها مع 33 دولة أخرى، في خطوة قد تقوض الأمن العالمي حسب ما يقول منتقدو قرار سيد البيت الأبيض.

واشنطن – أعلن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، مساء الخميس اعتزامه الانسحاب من اتفاقية السماوات المفتوحة التي تضم 35 بلدا في خطوة يرى مراقبون أنها ستذكي الخلافات والانقسامات الدولية أكثر.

وتسمح هذه المعاهدة بعمليات استطلاع جوية بطائرات غير مسلحة في أجواء الدول المشاركة في محاولة منها لبناء ثقة.

وتعد خطوة ترامب أحدث تحرك منه لإخراج بلاده من الاتفاقيات الدولية الكبيرة بعد الانسحاب من الاتفاق النووي وكذلك الخروج من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى مع روسيا.

واتهم الرئيس الأميركي مرارا روسيا بخرق بنود هذه الاتفاقية.

وفي أولى ردود الفعل بشأن هذا الانسحاب أعربت عشر دول أوروبية عن أسفها بالرغم من أنها تشارك الولايات المتحدة “دواعي القلق” نفسها حيال روسيا وذلك وفق بيان نشرته وزارة الخارجية الفرنسية.

وقال البيان، الذي وقعت عليه 10 دول أعضاء في الاتحاد الأوروبي، بينها ألمانيا وبلجيكا وإسبانيا وهولندا، “نأسف لإعلان الإدارة الأميركية نيتها الانسحاب من اتفاقية الأجواء المفتوحة، رغم أننا نشاركها دواعي القلق بخصوص تنفيذ الاتحاد الروسي أحكام الاتفاقية”.

وذكر البيان أن المعاهدة تشكل “عنصرا أساسيا” لتعزيز الثقة والسلامة في جميع أنحاء منطقة المحيط الأطلسي الأوروبية.

وأشار إلى أن الانسحاب الأميركي من المعاهدة سيصبح ساريا في غضون ستة أشهر. وأوضحت الخارجية الفرنسية، الجمعة، أن باريس ستستمر في تنفيذ معاهدة السماوات المفتوحة، وفي نفس الوقت ستواصل النقاش مع روسيا، خاصة في ما يتعلق برفع قيود الطيران التي تفرضها موسكو فوق منطقة كالينينغراد.ومنعت موسكو في 2019 رحلات كان من المقرر أن تراقب مناورات عسكرية روسية، وهو أمر تسمح به المعاهدة عادة.

وفي توضيحهم لتفاصيل انسحاب بلادهم قال مسؤولون أميركيون كبار إن العملية ستتم رسميا في غضون ستة أشهر لكن ترامب أبقى على احتمال أن تمتثل روسيا للاتفاقية.

وقال ترامب للصحافيين “أعتقد أن علاقاتنا جيدة جدا مع روسيا لكن روسيا لم تمتثل للاتفاقية. وإلى أن تمتثل.. سننسحب نحن”.

ويزيد قرار ترامب الشكوك بشأن ما إذا كانت واشنطن ستسعى إلى تمديد معاهدة “نيو ستارت 2010” التي تفرض القيود الأخيرة المتبقية على نشر الولايات المتحدة وروسيا أسلحة نووية استراتيجية لا تزيد على 1500 لكل منهما. وتنتهي المعاهدة في فبراير المقبل.

وفي ردها على الاتهامات الأميركية قالت موسكو إن الانسحاب الأميركي من معاهدة الأجواء المفتوحة يهدد بتقويض الأمن الدولي.

وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف، الجمعة، إن واشنطن لم تقدم أي حقائق تدعم تأكيدها على أن بلاده خرقت مرارا بنود الاتفاقية.

من جهتها نقلت وكالة الإعلام الروسية الحكومية عن نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر جروشكو قوله إن روسيا لم تنتهك الاتفاقية ولا يوجد ما يمنع من استمرار المحادثات بشأن المسائل الفنية التي تزعم واشنطن أنها انتهاكات.

ودعا ترامب الصين مرارا للانضمام إلى الولايات المتحدة وروسيا في محادثات بشأن معاهدة للحد من الأسلحة تحل محل معاهدة نيو ستارت لكن الصين، التي يُعتقد أنها تملك 300 سلاح نووي، رفضت مقترح ترامب.

ومارست دول حلف شمال الأطلسي ودول أخرى مثل أوكرانيا ضغوطا على واشنطن لعدم الانسحاب من اتفاقية السماوات المفتوحة التي تهدف رحلاتها غير المسلحة لتعزيز الثقة وتمنح الدول الأعضاء تحذيرا مسبقا من أي هجمات عسكرية مفاجئة.

والجمعة عقد الحلف اجتماعا لمناقشة مستقبل الاتفاقية وتداعيات الانسحاب الأميركي.

وقال مسؤول من الناتو، طلب عدم الكشف عن هويته، إن الدول الأعضاء أعربت خلال قمة الحلف لعام 2018، عن قلقها بشأن تنفيذ روسيا لاتفاقية “الأجواء المفتوحة” بشكل جزئي.

وأضاف “نحن قلقون من تقييد روسيا للطلعات الجوية في بعض المناطق”.

وجاء قرار الانسحاب من اتفاقية السماوات المفتوحة بعد مراجعة استمرت ستة أشهر وجد فيها مسؤولون أمثلة عديدة لرفض روسيا الالتزام بالاتفاقية.

وفي العام الماضي أخرجت إدارة ترامب الولايات المتحدة من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى مع روسيا.

وقال مسؤول كبير بالإدارة الأميركية إن المسؤولين الأميركيين بدأوا محادثات في الأيام القليلة الماضية مع مسؤولين روس حول جولة جديدة لمفاوضات الأسلحة النووية “لبدء صياغة الجيل القادم من إجراءات كبح الأسلحة النووية”.

واتفاقية السماوات المفتوحة التي اقترحها بداية الرئيس الأميركي دوايت أيزنهاور في 1955 تم توقيعها في 1992 ودخلت حيز التنفيذ عام 2002. والهدف من الاتفاقية هو السماح للدول الأعضاء بطلعات مراقبة جوية في سماوات بعضها البعض بهدف بناء الثقة.

وانسحب الرئيس الأميركي منذ وصوله إلى دفة الحكم في العام من اتفاقيتي تسليح أساسيتين هما الاتفاق النووي الذي أبرم مع إيران في 2015، لمنعها من تطوير برنامجها للأسلحة النووية، ومعاهدة الصواريخ النووية متوسطة المدى مع روسيا التي تعود إلى 1988.

العرب