دعت الولايات المتحدة إلى وقف لإطلاق النار في ليبيا برعاية الأمم المتحدة، نائية بنفسها عن مبادرة للهدنة أطلقتها القاهرة. جاء ذلك بينما تستمر التطورات الميدانية، حيث سيطرت قوات حكومة الوفاق على خط إمداد رئيسي بين جنوبي ليبيا وغربيها.
وأدلى ديفيد شينكر مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط بتصريحات للصحفيين أمس الخميس، عبر فيها عن شكره لمصر لمبادرتها التي وصفها بالبناءة.
لكنه استدرك قائلا “نعتقد أن مسارا (لوقف إطلاق النار) برعاية الأمم المتحدة ومسار برلين هما فعلا الإطار الأكثر فاعلية للتفاوض وتحقيق تقدم باتجاه وقف إطلاق النار”.
في الوقت نفسه، رأى شينكر أن تقدم قوات حكومة الوفاق صوب مدينة سرت الإستراتيجية والمناطق الشرقية الخاضعة لسيطرة قوات حفتر، “يمكن أن يؤدي إلى تداعيات إنسانية خطيرة”.
وطالب المسؤول الأميركي أطراف الصراع الليبي كافة بحماية المدنيين، مضيفا “نواصل الدعوة إلى خفض التصعيد، ووقف إطلاق النار، والعودة إلى المفاوضات السياسية”.
يذكر أن مصر داعم أساسي للواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر الذي تكبدت قواته في الأسابيع الأخيرة خسائر ميدانية كبيرة جراء تقدم قوات حكومة الوفاق المعترف بها دوليا، والمدعومة من تركيا.
من جهة أخرى، شدد محمد علي عبد الله المستشار السياسي لرئيس حكومة الوفاق للشؤون الأميركية على أن الحل السياسي في ليبيا لا يمكن أن يحدث بدون دعم جميع جيرانها، بما في ذلك مصر التي رأى أنها “راهنت على حصان خاسر”.
وقال عبد الله خلال مشاركته في حوار عبر الفيديو مع معهد “هيرتيج” الأميركي، إن المبادرة المصرية لحل الصراع “مجرد عرض”، وإن على القاهرة اتخاذ خطوات ملموسة لبناء الثقة مع طرابلس قبل أن تقدم نفسها وسيطا في حل الأزمة.
وفي حديثه حمّل عبد الله الفريق محمد حمدان دقلو حميدتي النائب الأول لرئيس مجلس السيادة في السودان، المسؤولية عن إرسال مرتزقة سودانيين إلى ليبيا. ودعا إلى تجاوز حميدتي والتعامل مع القيادة المدنية السياسية في السودان، التي قال إن لها مصلحة مشتركة في إرساء الاستقرار بالمنطقة.
خط إمداد رئيسي
ميدانيا، أعلنت عملية “بركان الغضب” التابعة لحكومة الوفاق سيطرة قواتها على خط إمداد رئيسي بطول 350 كلم.
ووفقا للعملية، فإن هذا الخط استخدمته قوات حفتر على مدار عام كخط إمداد رئيسي لدعم هجومها على العاصمة طرابلس بالمرتزقة والأسلحة والذخائر والوقود.
ويمتد هذا الخط من منطقة العربان جنوب طرابلس حتى منطقة الشويرف الرابطة بين العاصمة ومدينة سبها في الجنوب الليبي.
على صعيد متصل، نقل مراسل الجزيرة عن مصدر عسكري في قوات الوفاق، قوله إن هذه القوات أعادت تمركزها على طول خط المواجهة في محوري طريق النهر وطريق البحر غربي سرت.
وأضاف المصدر أن جبهات المواجهة مع قوات حفتر تشهد هدوءا حذرا، وأن تعزيزات لقوات الوفاق وصلت لدعم المنطقة العسكرية الوسطى.
وكانت قوات الوفاق قد تمكنت في الفترة الأخيرة من السيطرة كليا على طرابلس، ومن بعدها على ترهونة وبني وليد (180 كلم جنوب شرق طرابلس)، وأعلنت السبت الماضي إطلاق عملية “دروب النصر” للسيطرة على مدن وبلدات شرقي ليبيا ووسطها، وفي مقدمتها سرت الساحلية والجفرة.
من ناحية أخرى، نقل مراسل الجزيرة عن مصدر بوزارة الداخلية في حكومة الوفاق قوله إن فرق هندسة تركية مختصة في نزع الألغام وصلت إلى جنوبي العاصمة طرابلس، للمشاركة في رصد وإزالة الألغام التي زرعتها قوات حفتر في الضواحي الجنوبية قبل انسحابها.
وأضاف المصدر أن الخطوة جاءت بناء على اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بين الجانبين الليبي والتركي في نوفمبر/تشرين الثاني 2019.
وكانت وزارة الداخلية في حكومة الوفاق قد أصدرت تعليمات لمنع المواطنين النازحين من مناطق صلاح الدين وعين زارة جنوبي طرابلس من العودة إلى بيوتهم إلا بعد نزع الألغام من تلك المناطق.
وفي سياق التطورات في المناطق التي خسرتها قوات حفتر، قالت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا إنها تتابع بقلق شديد التقارير التي وصفتها بالمروعة عن اكتشاف ثماني مقابر جماعية على الأقل خلال الأيام الماضية، معظمها في مدينة ترهونة جنوب شرق طرابلس.
وأضافت البعثة في بيان أنه يتعين على السلطات الليبية وفقا للقانون الدولي، إجراء تحقيق سريع وشفاف وفعال في التقارير الواردة عن حالات قتل خارج نطاق القانون.
كما رحبت البعثة بقرار وزير العدل في حكومة الوفاق لتشكيل لجنة تحقيق، مشيرة إلى أنها دعت أعضاء هذه اللجنة إلى مباشرة العمل على حماية مواقع المقابر الجماعية من العبث.
وعرضت البعثة تقديم الدعم المطلوب للجنة إذا لزم الأمر، مشددة على أهمية التعرف على الضحايا وأسباب الوفاة، وإعادة الجثث إلى ذويها.
المصدر : الجزيرة + وكالات