الباحثة شذى خليل*
الجمهوريين سيصدرون تشريعا ضخما يستهدف الأنظمة في روسيا والصين وإيران، حيث قال السيناتور مايك جونسون في “The Washington Free Beacon” إن الجزء الخاص بإيران يتضمن فرض أقسى العقوبات على النظام الإيراني لأقصى حد، وما يخص العراق في هذا الجانب، هو إلغاء عقود تصدير الكهرباء بين بغداد وطهران، ووقف حصول إيران على 800 مليون دولار من العراق.
بما ان أزمة الكهرباء في العراق مستمرة ومعقدة وتتداخل فيها عوامل عدة، حيث فشلت الحكومات المتعاقبة منذ 16 عاماً في إيجاد حلولٍ لانقطاعها لساعات طويلة يوميا، ويقدر قيمة ما انفقته الحكومات العراقية منذ 2003 أكثر من 40 مليار دولار على قطاع الكهرباء دون أية حلول ملموسة.
مشكلة الطاقة الكهربائية في العراق ليست وليدة اليوم، فالبلاد تعاني من نقص حادٍّ منذ العام 1990 ، وان المشكلة تفاقمت بعد عام 2003 ، بسبب تهالك محطات التوليد القديمة، وما زاد من تفاقمها حصول عمليات التخريب خلال السنوات الماضية، التي طالت محطات التوليد والأسلاك الناقلة للطاقة، لتزداد على اثر ذلك ساعات انقطاع التيار الكهربائي عن المواطنين.
ان اعتماد العراق على استيراد الكهرباء، بسبب الفجوة ما بين استهلاك وإنتاج الطاقة الكهربائية، التي أدت الى ارتفاع ساعات القطع صعوداً ونزولاً بحسب فصول العام، هو ما جعل اعتماد الأهالي على مولدات الطاقة الكهربائية الأهلية، وبهذا يستمر العراق باستيراد الطاقة الكهربائية من إيران، حيث أعلن قبل ايام وزير الطاقة الإيراني رضا أردكانيان، توقيع عقد مدته عامين لتصدير الكهرباء إلى العراق. بحسب الوكالة الإيرانية الرسمية “إرنا”، إن “العقود السابقة لتصدير الكهرباء إلى العراق، کانت مدتها سنة واحدة، لكن هذه المرة، وقعنا عقدا مدته عامين – 2020 و2021”.
وأضاف اردكانيان، أن “إيران تلقت خلال الزيارة نحو 400 مليون دولار، وهو مبلغ يعادل نصف مستحقاتها من بيع الكهرباء للعراق”.
كما يساهم الغاز المستورد من إيران، بتشغيل محطات كهربائية عراقية ترفد المنظومة بما يقارب 3300 ميغاواط.
أما انتاج العراق من الطاقة الكهربائية وفقا لوزارة الكهرباء العراقية فهو 13500 ميغاواط، ويخطط لإضافة 3500 ميغاواط خلال العام الحالي، عبر إدخال وحدات توليد جديدة إلى الخدمة؛ إلا أن التقديرات تشير إلى أن حاجة البلد تتجاوز الـ20 ألف ميغاواط، لتلبية احتياجات السكان والمؤسسات دون انقطاع.
يعد استيراد الطاقة الكهربائية من إيران حلا مؤقتا، وتتخلله مشاكل كثيرة، حيث أوقفت تصدير الكهرباء للعراق، في يناير 2018 ، ما تسبب بأزمة في المحافظات الجنوبية، وكانت بحجة تأخر سداد ديون بغداد المتراكمة، البالغة ملياري دولار، وبالأخص بعد أن فرضت الولايات المتحدة حزمة عقوبات إضافية على طهران، طالت التحويلات المالية العابرة للحدود، مهددة بعقوبات على البلدان والشركات المخالفة.
وتزوّد طهران العراق بالكهرباء، عبر أربعة خطوط، هي (خرمشهر – البصرة)، و (كرخة – العمارة)، و (كرمنشاه – ديالى)، و (سربيل زهاب – خانقين).
وعلى الرغم من أن بغداد جددت عقود التزوّد بالكهرباء مع طهران، إلا أن هذه العقود تنص على إعطاء الأولوية للمدن الإيرانية في حال حصل نقص داخلي، الأمر الذي يجعل العراق تحت رحمة إيران في أي وقت.
اما ما يخص الربط الكهربائي، فتعمل وزارة الكهرباء العراقية على مشاريع للربط الكهربائي الإقليمي مع دول الجوار، لإنهاء الأزمة التي يعيشها البلد جراء تدني مستويات إنتاج الطاقة الكهربائية وسوء خطوط التوزيع.
الوزارة تصرح أن العراق أنجز مشروع الربط الكهربائي التزامني مع إيران للخطوط الناقلة، وكذلك مشروع الربط التزامني مع دول الخليج الذي من المتوقع أن تنجز المرحلة الأولى منه بحلول أكتوبر/تـشـرين الأول المقبل، ويتضمن خطين بطول 300 كيلومتر، 220 كيلومترا منها داخل الأراضي الكويتية، و80 كيلومترا داخل العراق على أن يمول من قبل هيئة الربط الخليجي، وضخ 500 ميغاواط إلى محافظة البصرة كمرحلة أولى. وهنا يبرز تساؤل مهم.. أين وصل هذا الربط الكهربائي وما هي النسب الحقيقية لحل المشكلة؟
وحسب الخبراء الاقتصاديين أن الحكومات العراقية المتعاقبة أنفقت(اهدرت) 40 مليار دولار أميركي على الكهرباء، وبهذا المبلغ كان من الممكن شراء أصول شركات كهربائية كاملة، مثل سيمنز الألمانية.
إن تكلفة محطة كهربائية بخارية تبلغ 300 مليون دولار أميركي، وأن 10 محطات منها كافية لإنتاج 3000 ميغا واط، لكن القوى السياسية المؤيّدة لطهران تريد أن تساعد إيران في ظل حصارها، ولذلك تغضّ الطرف عن إنشاء محطات محلية.
حلول لابد منها:
الخصخصة: وتعني، تحويل ملكية مؤسسات الدولة العامة إلى القطاع الخاص، غير ان الدول النامية لازالت تنظر إلى الخصخصة بعين الريبة والشك، بوصفها أسلوباً اقتصادياً مفروضاً من قبل قوى سياسية واقتصادية، إذ كانت الدولة تقدم من خلال سلطتها العامة ومنشآتها ووزاراتها المملوكة لها بالكامل كل الخدمات من: كهرباء ومياه وصحة وتعليم واتصالات وبريد وطرق وجسور، وانشاء البنى التحتية للبلد.
ومن أهم شروط نجاح الخصخصة، شرعيتها ومشروعيتها، ويقصد بالشرعية توافر المناخ القانوني، وهذا المناخ القانوني يتعلق بانسجام عمليات الخصخصة مع القواعد القانونية السائدة في الدولة التي تنفذ فيها تلك العمليات، وعلى الأخص القواعد الدستورية منها، باعتبارها تقنن القواعد العامة التي تحكم الاتجاهات الاقتصادية الكبرى للدولة، فمن غير المعقول أن تتم عمليات الخصخصة إذا كان الدستور لا يجيزها، أو يعطي أهمية كبرى للقطاع العام.
إضافة إلى ما تقدم، فإن عمليات الخصخصة يجب أن تتم في إطار من المشروعية، أي توفير القبول الاجتماعي لها، وهو أمر يتجاوز مجرد التحقق من توفير الإطار القانوني السليم، إلى خلق الشعور العام بأن هذه العمليات تتم مراعاة للمصلحة العامة، وفي إطار من العدالة والإنصاف والمسؤولية، وبذلك لا تقع على وزارة الكهرباء وحدها، وانما تتحملها جهات عدة، ما يستدعي دعم مشاركة القطاع الخاص وزيادتها في هذا المجال.
وحسب خبراء الاقتصاد، لكي تنجح الخصخصة في العراق، يجب ان تضع مؤسسات القطاع الخاص تحت رقابة وملاحظة الدولة، كي لا تتعدى المستويات المعقولة في الربح، ولتحافظ على الأساس الذي أنشئ من أجله القطاع الخاص.
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية