«الرد على العنف بالعنف يضاعفه، ويزيد العتمة ظلاماً أعمق في ليلة خالية من النجوم… لا يمكن للكراهية أن تطرد الكراهية: الحب وحده يمكنه فعل ذلك».
إنها واحدة من جمل وخطابات عديدة أطلقها الدكتور مارتن لوثر كينغ، أشهر مناضل أميركي أسود، تعبّر عن واقع حال يكاد ينفجر بوتيرة مستدامة، ويدور معها العنف العنصري في دائرة مفرغة في الولايات المتحدة.
مارتن لوثر كينغ، كان ذلك القسّ الذي أمضى حياته داعياً لإصلاحات جذرية للقوانين وتبنّى مبدأ اللاعنف والمقاومة السلمية. وقُتل أيضا على يد أحد المتعصبين البيض. أما اليوم، فإن العنف الذي انفجر أخيراً في مدينة مينيابوليس، كبرى مدن ولاية مينيسوتا، وامتد منها ليشمل المدن الأميركية الكبيرة الأخرى بعد مقتل جورج فلويد، فيشكّل حلقة أخيرة في لائحة طويلة وتاريخية من أعمال الشغب العنصرية في الولايات المتحدة.
سلّط موت جورج فلويد، الرجل الأميركي المتحدّر من أصول أفريقية إبان توقيفه من قبل الشرطة، وهو يستغيث تحت قدم رجل شرطي أبيض كان يضغط على رقبته، الضوء على قضية سياسية لها عدة أبعاد.
قضية تصاعد ارتباطها المنهجي بالعنف الذي مورس ويمارس على الأقليات، من قبل الشرطة في الولايات المتحدة، وذلك في ظل اتهامات وجهت إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، بأنه يتحمّل قدراً كبيراً من المسؤولية في جعل رجال الأمن يشعرون بالحصانة عن أفعالهم. ذلك أن ترمب قال في مطلع عهده، وفي حفل ضمّ شرطيين وشرطيات: «لا تُفرطوا في الرقّة. أراكم تضعون أيديكم على رؤوسهم (رؤوس الموقوفين) إذ تدخلونهم السيارات مكبّلين، كي لا يرتطم الرأس بحافة الباب. دعكم من هذا!».
أميركا «دولتان»
البعض يقول: في الولايات المتحدة «دولتان»: واحدة يستطيع الناس فيها اقتحام المنازل والمؤسسات الرسمية، وتهديد المسؤولين المنتخبين بمسدساتهم وأسلحتهم الرشاشة والصراخ في وجه رجال الشرطة، كما جرى أخيراً في ولاية ميشيغان، ثم يغادرون سالمين من دون أي اعتراض. ودولة ثانية حيث يمكن للمواطنين الذين يسيرون بسلام أو يقفون على شرفات منازلهم، أن يتعرّضوا للاعتقال وللرصاص المطاطي وقنابل الغاز أمام الكاميرات.
هناك أميركا حيث يرفض الناس أوامر بارتداء الكمامات، وأميركا ثانية حيث يفتش الناس بيأس عن أقنعة للوقاية من الغاز. وباختصار وبلاغة أكثر: هناك أميركا البيضاء حيث يحقّ للمواطنين توقّع الحصول على الخدمة والحماية، وأميركا السوداء حيث ليس بوسعهم توقع ذلك.
لقد بدا أن الدعوة إلى «لا مزيد من العنصرية» ليس تغييراً يمكن تنفيذه بين ليلة وضحاها. ومع تجذر انعدام المساواة في أسس الدولة والأمة الأميركيتين، في ظل قصور الطبقة السياسية عن تقديم حلول جذرية، يغدو من الطبيعي أن تتحول الفوارق العرقية إلى نظام يتحكم بالحياة الأميركية خارج نطاق تطبيق القانون. وهذا الواقع، لا شك، يتطلب تغييراً منهجياً، اقتصادياً وثقافياً واجتماعياً. ويستوجب العمل على تحريك الدولة واستخدامها أدوات معقدة لعلاج القصور القانوني والتجاوزات الأخلاقية، في مشروع قد يستغرق عقوداً من العمل الدؤوب عبر أجيال عديدة لتحقيق هذا التغيير. إلا أن الحد من عنف الشرطة، بما في ذلك العنف الذي يستهدف عرقاً معيناً أكثر من غيره، قد يكون أسهل على الأرجح.
مكافحة تجاوزات الأمن
دول متقدمة عدة، ليس من بينها الولايات المتحدة، تمكنت من إيجاد «معادلة» مكّنتها من خفض عدد عمليات القتل على أيدي رجال الشرطة خلال تطبيقهم القانون، وهذا حتى في البلدان التي تعاني من التحيز والقلق الذي يثيره التنوع العرقي. ففي الولايات المتحدة أطلقت الشرطة النار في العام الماضي وحده، وقتلت أكثر من 1000 شخص، في حين أنه في بريطانيا قتل أقل من 100 شخص في إطلاق النار من قبل الشرطة على مدى العقدين الماضيين. وعند قياس قتلى الأسلحة النارية بسبب الشرطة من حيث نصيب الفرد، لا يبدو سجلّ الولايات المتحدة مشجعاً. ولعل، جزءاً مهماً من المشكلة توافر السلاح بكثرة، سواءً بين رجال الشرطة أو حتى المواطنين. وعلى سبيل المثال، فإن معظم ضباط الشرطة البريطانيين لا يحملون أسلحة نارية. وعلى الرغم من أنه من غير المرجح أن تنزع أسلحة الشرطة الأميركية، يرى البعض أنه بالإمكان العثور على سبل وسياسات أخرى.
مسؤولية الجمهوريين والديمقراطيين
من جهة أخرى، فإن مسؤولية الرئيس ترمب ومناصريه من الجمهوريين والمتشددين والمحافظين ليست حصرية أو فريدة في تغذية الانقسام إبان سنة انتخابية حاسمة. إذ إن الاتهامات توجه أيضا لمعارضيه، وخصوصاً للديمقراطيين، المتهمين بالوقوف موقف المتفرج على أعمال التخريب والعنف المدني والسرقة… إذ إنهم يبدون مكتفين بترداد خطاب لا يقدم حلولاً ولا يردع المخربين. وحتى مبادرتهم في الكونغرس لإقرار اقتراح تعديلات على قوانين الشرطة، لا تبدو كافية، علماً بأن تبنّيها يتطلب تعاون الجمهوريين وتوقيع ترمب عليها. ولذا، ثمة من يتهم الديمقراطيين، صراحةً، بأنهم إنّما يريدون في النهاية إلحاق الهزيمة بترمب فقط، ولو احترقت المدن وتعطلت الأعمال… وأنهم يعملون على استغلال الأحداث الجارية، لمضاعفة الضرر الذي لحق بأميركا والأميركيين، جراء كارثة جائحة «كوفيد – 19».
وحقاً، بعض الأصوات الجمهورية تتحدث عن «تضخيم مفتعل» لأرقام الوفيات الناجمة عن الجائحة التي تجاوزت الـ100 ألف شخص، بحسب «إحصاءات رسمية»، في محاولة للإبقاء على حالة الخوف من إعادة فتح الاقتصاد. ورغم أن استعادة الحياة الطبيعية قد يخدم ترمب والجمهوريين، فإن خطاب هؤلاء هو الآخر لا يقدم حلا للعنف العنصري، سوى استخدام القبضة الأمنية.
لقد هدّد ترمب باللجوء إلى قانون يعود إلى العام 1807 يسمح بنشر الجيش في المدن الأميركية لوضع حد للتظاهرات العنيفة، في أعقاب مقتل جورج فلويد. وقال في تصريحات في حديقة البيت الأبيض: «إذا رفضت مدينة أو ولاية اتخاذ القرارات اللازمة للدفاع عن أرواح وممتلكات سكانها، فسأنشر الجيش الأميركي لحل المشكلة سريعاً، بدلاً عنها». غير أن تصريحات الرئيس أثارت العديد من الانتقادات، لا سيما، وأنها أقحمت الجيش في الخلافات الداخلية، وجاء الانتقاد الأبرز من وزير دفاعه مارك إسبر، الذي رفض زجّ الجيش في الأحداث الجارية. أما وزير الدفاع السابق الجنرال جيم ماتيس فقد اتهم ترمب «بتقسيم الأميركيين بدلا من توحيدهم».
قرار نشر الجيش يحتاج إلى تفعيل «قانون الانتفاضة»، الذي استخدم في عقد الخمسينات لإلغاء الفصل العنصري، وبعدها في الستينات للتعامل مع أحداث شغب في مدينة ديترويت كبرى مدن ولاية ميشيغان. وكانت آخر مرة استخدم فيها القانون عام 1992 من أجل التصدّي لما يُعرف بـ«أحداث شغب لوس أنجليس»، التي أعقبت قرار تبرئة أربعة عناصر شرطة من البيض من تهمة استخدام العنف المفرط ضد رجل أسود يدعى رودني كينغ. وخارج النطاق العنصري، استخدم القانون قبل ذلك في عام 1989 خلال أعمال نهب واسعة وقعت في سانت كروي في «الجزر العذراء» بالبحر الكاريبي في أعقاب الإعصار «هيوغو». ويرى ترمب أن تفعيل القانون يهدف إلى التصدي لمحتجي منظمة «أنتيفا» أي من «المناهضين للفاشية» اليسارية المناهضة لليمين المتطرف. وهي جماعة يتهمها بالوقوف وراء أعمال التخريب التي أدت إلى عمليات النهب.
على أي حال، هذا ما تؤكده المنظمة نفسها، التي يصف أعضاؤها أنفسهم بأنهم فوضويون، يرفضون التسلسل الهرمي في المجتمع، ويسعون إلى مواجهة جسدية باستخدام وسائل عنيفة وإسقاط ما يعتبرونه يميناً متطرفاً. غير أن مسؤولين جمهوريين وديمقراطيين أشاروا أيضاً إلى مسؤولية منظمة «بوغالو» اليمينية المتطرفة، التي تُتهم بالسعي إلى إشعال حرب أهلية ثانية في البلاد. وحسب السناتور الجمهوري ماركو روبيو «هناك قصة كبيرة يجري تغييبها وهي أنه في مدينة بعد الأخرى، لدينا إرهابيون من جماعات من «أنتيفا» إلى «بوغالو» يشجّعون على العنف ويرتكبون أعمال عنف». وتابع روبيو، الذي يترأس لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ، «قد لا تكون لديهم الآيديولوجيا ذاتها لكنهم يتشاطرون كراهية إزاء الشرطة والحكومة، ويستغلون الاحتجاجات». وأردف قائلا: «هؤلاء الأفراد يريدون هدم النظام بالكامل، حتى ولو تطلب ذلك حرباً أهلية جديدة».
«مؤتمر القيادة حول الحقوق المدنية وحقوق الإنسان» وحملة «زيرو»، في بداية عام 1950، كان بهدف المساواة الكاملة للجميع، وتوسّع من 30 إلى 200 منظمة. وأصدر توصيات تهدف إلى نزع السلاح من أيدي المجتمع الأميركي، وأعدّ مع منظمات أخرى مجموعة من أدوات السياسة والتشريعات النموذجية وقوانين الشرطة، وقدّم توصيات مدعومة بأبحاث اجتماعية. وأكد «المؤتمر» أن هذه السياسات لا تقوم فقط على ما يمكن معاينته في الظاهر، بل إن «الدور الذي تلعبه الكاميرات المثبتة التي يرتديها رجال الشرطة، لا تزال نتائجه محل نقاش». وبالفعل، يستطيع رجل الأمن تعطيلها إذا شاء، كما جرى خلال الأحداث الأخيرة، بعد اكتشاف أن كاميرات رجال الشرطة لم تكن مفعّلة أثناء مقتل رجل أسود يدعى ديفيد مكاتي، خلال مظاهرات شهدتها مدينة لويفيل كبرى مدن ولاية كنتاكي، الأسبوع الماضي.
وتشير الدراسات إلى أن النتائج جارٍ تحسينها من خلال زيادة الرقابة المجتمعية، والتقليل من الحواجز التي تحول دون الإبلاغ عن سوء سلوك الشرطة وتدابير المساءلة الأخرى. وهذا أمرٌ يتضمن تغيير عقود التوظيف التي تحمي رجال الشرطة من مواجهة عواقب سوء السلوك. إذ إحساسهم بالقدرة على الإفلات من العقاب النسبي، يجعلهم يقدمون على أفعالهم العنيفة.
يمين ويسار متطرفان
تاريخ العنف العنصري في العقود الأخيرة الذي كانت تمثله أفضل تمثيل المواجهات شبه اليومية بين أفراد الشرطة والأقليات – وخصوصا السود منهم – تعود جذوره إلى قرون عدة، حين كانت العبودية ضد السود هي نظام الحكم الذي قامت عليه الولايات المتحدة قبل استقلالها عن بريطانيا.
وما يُكر أنه مقابل ثورات السود على الظلم، نمت منظمات عنصرية للبيض، أشهرها منظمة الـ«كوكلوكس كلان» التي ذاع صيتها نتيجة عمليات القمع والقتل الجماعية التي كان ينفذها أفرادها بحق السود. والـ«ك ك ك» – كما تعرف شعبياً – من أقدم المنظمات العنصرية ولا تزال موجودة حتى يومنا هذا، على الرغم من تراجع أنشطتها العنفية.
عليه، كما نمت منظمات للدفاع عن السود تحت شعار «حياة السود مهمة»، وحركات يسارية متشددة مثل «أنتيفا» و«أناركيون» (فوضويون)، خلال السنوات الأخيرة، نمت في المقابل منظمات يمينية متطرفة تدعو وتدعم تفوق العرق الأبيض، ويعتنق بعضها أفكارا نازية، تعزّز حضورها مع نمو موجات اليمين المتطرف والحركات النازية الجديدة والفاشيين، في أوروبا والولايات المتحدة على حد سواء.
روزنامة أحداث عنصرية الطابع
> أحداث مدينة مينيابوليس اليوم تكاد تكون نسخة لأحداث مشابهة، تتكرر في دائرة مغلقة مستمرة منذ أكثر من نصف قرن من تاريخ الولايات المتحدة الحديث.
– في عام 1965، في مدينة لوس أنجليس بولاية كاليفورنيا، أدى توقيف رجال شرطة أبيض لشاب أسود يدعى ماركيت فراي خلال عملية تدقيق مرتبطة بمخالفة مرور، إلى وقوع شجار مع أقربائه، تطور إلى تمرد في أحد المعازل أو «الغيتو» في المدينة. وتحوّل حي «واتس» الفقير لستة أيام، إلى ساحة قتال نظمت فيها دوريات الحرس الوطني المسلحة برشاشات ثقيلة، بدوريات في سيارات عسكرية وفرِضت منع التجول لاحتواء أعمال العنف. وبلغت حصيلة هذه الحوادث 34 قتيلا، بينما جرى توقيف 4 آلاف شخص، وأدت إلى أضرار قدّرت بعشرات الملايين من الدولارات.
-في عام 1967، أفضت مشادّة بين شرطيين من البيض في نيوجيرسي وسائق سيارة أجرة أسود إلى أعمال شغب ونهب استمرت خمسة أيام، وقتل فيها 26 شخصا وجرح 1500 آخرون.
-في عام 1967 أيضاً، اندلعت في مدينة ديترويت بولاية ميشيغان أعمال عنف بعد تدخل رجال الشرطة في الشارع 12 الذي تقطنه غالبية من السود. وخلال أربعة أيام أدت المواجهات إلى مقتل 43 شخصا وجرح نحو ألفين آخرين. وامتدت أعمال العنف إلى ولايات أخرى بينها إيلينوي ونورث كارولاينا وتينيسي وماريلاند.
– في عام 1968، وعلى أثر اغتيال القس مارتن لوثر كينغ – أشهر وأهم المناضلين الأميركيين السود – في مدينة ممفيس بولاية تينيسي في الرابع من أبريل (نيسان)، انفجر العنف في 125 مدينة، ما أدى إلى سقوط 46 قتيلا على الأقل و2600 جريح. وامتدت أعمال العنف إلى العاصمة الاتحادية واشنطن، حيث كان السود يشكلون ثلثي عدد سكانها، وأضرمت الحرائق ووقعت أعمال نهب. وفي اليوم التالي، امتدت الاضطرابات إلى الأحياء التجارية في وسط المدينة وصولاً إلى منطقة تبعد نحو 500 متر فقط عن البيت الأبيض. واستدعى الرئيس (يومذاك) ليندون جونسون الجيش، الذي تدخل أيضاً في مدن نيوآرك (ضواحي نيويورك) وشيكاغو وبوسطن وسنسناتي.
– في عام 1980، قتل في حي السود «ليبرتي سيتي» بمدينة ميامي في ولاية فلوريدا 18 شخصا وجرح أكثر من 400 خلال ثلاثة أيام من أعمال العنف. واندلعت أعمال العنف هذه بعد تبرئة السلطات في مدينة تامبا (في غرب الولاية) أربعة شرطيين من البيض كانوا متهمين بقتل سائق دراجة نارية أسود تجاوز إشارة المرور.
– في عام 1992، في مدينة لوس أنجليس أيضاً، أدت تبرئة أربعة شرطيين بيض بعد محاكمتهم، من تهمة قتل رودني كينغ، وهو سائق سيارة أسود، في 3 مارس (آذار) عام 1991، إلى اشتعال المدينة. وامتدت الاضطرابات إلى مدن سان فرنسيسكو ولاس فيغاس وأتلانتا ونيويورك وأسفرت عن مقتل 59 شخصا وجرح 2328 آخرين.
– في عام، قتل شرطي أبيض شاباً أسود يدعى تيموثي توماس ويبلغ 19 سنة، أثناء مطاردته في مدينة سنسناتي بولاية أوهايو. وتلت الحادثة أربعة أيام من أعمال العنف والشغب جرح خلالها نحو 70 شخصا، ولم تستعد المدينة هدوءها إلّا بعد فرض حالة الطوارئ ومنع التجول فيها.
– في عام 2014، أدى مقتل الشاب الأسود مايكل براون، الذي كان في الـ 18 من العمر، برصاص أطلقه شرطي أبيض في مدينة فيرغوسن بولاية ميزوري، إلى أعمال عنف استمرت 10 أيام، بين السود وقوات الأمن التي استخدمت بنادق هجومية وآليات مصفحة. وفي نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، أسقطت الملاحقات ضد الشرطي ما أدى إلى موجة ثانية من أعمال العنف.
– في عام 2015، في مدينة بولتيمور – القريبة من العاصمة واشنطن، وهي كبرى مدن ولاية ماريلاند – توفي فريدي غراي، وهو شاب أسود يبلغ من العمر 25 سنة، بعد إصابته بكسور في فقرات العنق خلال نقله بشاحنة صغيرة للشرطة إلى مركزها. وفي أعقاب نشر تسجيلات فيديو لعملية توقيفه، التي قيل إن نظراته لم ترُق لعناصر الشرطة، اندلعت أعمال شغب ونهب في المدينة التي يبلغ عدد سكانها 620 ألف نسمة، يشكل السود حوالي ثلثيهم. ومن ثم، أعلنت حالة الطوارئ واستدعت السلطات الجيش والحرس الوطني لإعادة فرض الأمن في المدينة التي تعاني ظروفاً اقتصادية سيئة، كانت سبباً لانتقادات أطلقها الرئيس دونالد ترمب ضد الديمقراطيين متهماً إياهم بالتقصير في تحسين ظروفها.
-في عام 2016، اندلعت في مدينة شارلوت، كبرى مدن ولاية نورث كارولاينا، تظاهرات عنيفة بعد مقتل كيث لامونت سكوت. سكوت رجل أسود في الـ43 من العمر، قتل عند خروجه من آلية بينما كان يطوّقه شرطيون، وقالت قوات الأمن إنه رفض تسليم سلاحه. لكن أقرباءه أكّدوا أنه لم يكن يحمل سوى كتاب بيده وينتظر بسلام ابنه عند موقف للحافلات. وبعد مظاهرات استمرت عدة ليال، أعلن حاكم الولاية حالة الطوارئ وطلب تعزيزات من الحرس الوطني.
– في عام 2017، دهست سيارة يقودها متطرّف من البيض امرأة ما أدى إلى مقتلها، بعد تصدّي متظاهرين غاضبين لمسيرة في مدينة شارلوتسفيل، بولاية فيرجينيا تدعو إلى توحيد قوى اليمين و«سيادة» البيض. وضمّت تلك المظاهرة جماعات من اليمين المتطرف و«اليمين البديل» و«الكونفدرالية الجديدة» و«الفاشيين الجدد» وغُلاة القوميين البيض و«النازيين الجدد» والـ«كو كلوكس كلان» وميليشيات مختلفة. وخلال تلك التظاهرة هتف المتظاهرون بشعارات عنصرية ومعادية للسامية، وحملوا بنادق نصف آلية، ورموزاً نازية وأعلاماً كونفدرالية (من حقبة الحرب الأهلية الأميركية). وشملت أهدافهم أيضا معارضة إزالة تمثال الجنرال روبرت لي، أحد رموز الحرب الأهلية، من «لي بارك». هذا، وتعرّض الرئيس دونالد ترمب لانتقادات حادة بسبب رفضه إدانة التظاهرة وقوله: «لدى الجانبين أشخاص جيدون».
إيلي يوسف
الشرق الأوسط