يعتزم الحرس الثوري الإيراني إنشاء قاعدة عسكرية دائمة له في المحيط الهندي، في خطوة تحمل العديد من الدلالات، لاسيما في ما يتعلق ببعدها الجغرافي وسعي طهران لحماية مصالحها في البعض من البلدان المطلة على المحيط الهندي.
وأكد قائد القوة البحرية لحرس الثورة الإيرانية الأدميرال علي رضا تنكسيري، أن القوة تعتزم إنشاء قاعدة دائمة لها في المحيط الهندي، لافتا إلى أن هذا سيحدث بحلول مارس من العام القادم.
وقال في تصريح لوكالة “فارس” الإيرانية، إنه تم تكليف القوة البحرية للحرس الثوري بمهمة التواجد في المياه البعيدة وأن يكون هذا التواجد دائما، وليس في صورة إرسال مجموعات بحرية كما حدث في السابق.
وشدد على أن هدف الوجود الدائم لبحرية الحرس الثوري في المنطقة هو حماية بعض السفن الأجنبية والصيادين وأصحاب الزوارق الإيرانية الذين سبق أن تعرضوا لأعمال قرصنة في مياه بحر عُمان ومدخل المحيط الهندي.
وأفاد الأدميرال تنكسيري “لقد تم إحصاء جميع الاحتياجات ويجري التخطيط للأمر”، متابعا “وسيكون هذا التواجد قويا وراسخا للارتقاء بالأمن في مدخل المحيط الهندي”.
وكانت البحرية الإيرانية قد أعلنت، الخميس الماضي، عن إجراء تجربة إطلاق صواريخ “من الجيل الجديد”.
ونشر الموقع الإلكتروني للقوات المسلحة صورا للتدريبات في خليج عُمان تظهر إطلاق صواريخ من سفينة حربية ومن ظهر شاحنة، وانفجار سفينة في البحر.
وقال البيان إن التجارب أجريت على صواريخ قصيرة وبعيدة المدى. وأضاف أن الصواريخ “دمرت الأهداف المحددة لها على بعد 280 كيلومترا، ويمكن زيادة مداها إلى مسافة أكبر”.
وقامت وزارة الدفاع وسلاح البحرية بتصميم وإنتاج الصواريخ، وفق البيان الذي لم يضف أي تفاصيل أخرى. وذكر فيديو نشره التلفزيون الرسمي على موقعه أن بعض الصواريخ تم تصنيعها على أساس “منصات أقدم تم تحديثها”.
ويعتبر مراقبون أن اختيار المحيط الهندي تحديدا لإقامة القاعدة العسكرية الدائمة للحرس الثوري يأتي في سياق سعيها الحثيث لمد نفوذها المتصاعد في بعض المناطق والدول المطلة على المحيط الهندي.
وتسعى طهران عبر ذراعها العسكرية الخارجية، الحرس الثوري، لعب دور يتجاوز نطاقها الجيوسياسي من خلال نشر قوات صغيرة في المياه الإقليمية الدولية وخصوصا قبالة المناطق الاقتصادية لدول الخليج بهدف ممارسة نوع من الضغط السياسي في رد على العقوبات الأميركية وقانون قيصر الذي دخل حيز التنفيذ.
وينطلق النظام الإيراني في هذا التصعيد من حقيقة مفادها أن دول المنطقة باتت تعمل على إيجاد بدائل لتصدير النفط في ظل التهديد الإيراني المستمر في الخليج العربي ومضيق هرمز والتلويح بإغلاق المضيق في حال نشبت أي مواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وربط مراقبون في وقت سابق بين استهداف منصات ضخ النفط السعودية التي تنقل النفط الخام إلى غرب السعودية بأنها رسالة إيرانية مفادها أن يد الحرس الثوري قادرة على تعطيل كل إمدادات النفط بما في ذلك تلك التي يتم تصديرها عبر موانئ البحر الأحمر وليس الخليج العربي فقط.
واتهمت تقارير أممية دولية إيران بالتورط في تهريب الأسلحة للحوثيين في اليمن عن طريق البحر الأحمر وبحر العرب، كما ترسو سفينة تجارية إيرانية منذ سنوات في المياه الدولية قبالة سواحل الحديدة. وتشير تقارير إلى استخدام طهران هذه السفينة كقاعدة بحرية عائمة لتهريب السلاح للحوثيين وتقديم الدعم اللوجستي متخفية خلف قوانين التجارة الدولية المتعلقة بالملاحة البحرية.
وأعلنت السلطات اليمنية قبل فترة عن ضبط قوارب إيرانية ظلت طريقها نحو سواحل جزيرة سقطرى، وتستخدم إيران عادة سفن الصيد الصغيرة أو قوارب نقل البضائع لتهريب السلاح للحوثيين مرورا بالقرن الأفريقي كما تشير تقارير أممية.
وتدرك القوى الغربية جيدا أهمية التصدي لأطماع طهران العسكرية ومدى خطورة التهديدات الأمنية التي تشكلها من خلال المهمة التي ينفذها وكلاؤها الإقليميون في اليمن والعراق وسوريا، وهو ما دفع واشنطن للتمسك برفض رفع حظر الأسلحة على إيران والذي أعلنت كل من باريس ولندن وبرلين (الدول الأوروبية الثلاث الموقعة على الاتفاق النووي) عن دعمها له الجمعة. وقال وزراء الخارجية الأوروبيون الثلاثة، في إعلان مشترك، “نرى أن رفع الحظر المقرر في أكتوبر المقبل الذي تفرضه الأمم المتحدة على الأسلحة التقليدية والذي وضع بموجب القرار 2231، يمكن أن تكون له آثار كبيرة على الأمن والاستقرار الإقليميين”.
وكانت الأمم المتحدة قد أرسلت، في وقت سابق من الشهر الحالي، تقريرا لمجلس الأمن يتضمن اتهاما لإيران بتسليم صواريخ للحوثيين، قاموا عبرها باستهداف السعودية وهو ما يعد حجة جديدة للولايات المتحدة من أجل تعزيز موقفها داخل المجلس لتمديد حظر الأسلحة على طهران.
وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لمجلس الأمن الدولي أن صواريخ كروز التي هوجمت بها منشأتا النفط أرامكو ومطار دولي في السعودية العام الماضي “أصلها إيراني”.
وقال غوتيريش إن عدة قطع ضمن أسلحة ومواد متعلقة بها كانت الولايات المتحدة ضبطتها في نوفمبر 2019 وفبراير 2020 “من أصل إيراني” كذلك.
وذكر أن “هذه القطع ربما نُقلت بطريقة لا تتسق” مع قرار مجلس الأمن لعام 2015 المنصوص فيه على الاتفاق بين طهران والقوى العالمية لمنعها من تطوير أسلحة نووية.
صحيفة العرب