فرنسا تنسحب من عملية للناتو احتجاجا على “الإمبريالية التركية”

فرنسا تنسحب من عملية للناتو احتجاجا على “الإمبريالية التركية”

باريس – صعّدت فرنسا وتركيا حدّةَ المواجهة بينهما بعد أن أعلنت باريس عن انسحاب من عملية للناتو احتجاجا على “الإمبريالية التركية” في الوقت الذي ردت فيه أنقرة بالقول إن “لا ناتو من دون تركيا”.

وأعلنت وزارة الجيوش الفرنسية الأربعاء أن فرنسا قررت الانسحاب مؤقتا من عملية للأمن البحري لحلف شمال الأطلسي في البحر المتوسط نتيجة خلافات مع تركيا مستمرة منذ أشهر بسبب النزاع في ليبيا على وجه الخصوص.

وقالت الوزارة الفرنسية مستهدفة تركيا بالتحديد “لا يبدو لنا أمرا سليما الإبقاء على وسائل في عملية يفترض أن تكون من مهامها العديدة السيطرة على الحظر مع حلفاء لا يحترمونه”، في إشارة واضحة إلى تركيا العضو، مع فرنسا، في حلف شمال الأطلسي.

وتشترط فرنسا تحقيق أربعة مطالب بينها أن “يؤكد الحلفاء رسميا على تمسكهم والتزامهم باحترام الحظر” على الأسلحة في ليبيا. كما تريد وضع آلية أكثر دقة لفض النزاعات داخل الحلف الأطلسي.

وكانت باريس اتهمت قبل نحو أسبوعين سفنا تركية بالقيام بعمل “عدواني” ضد سفينة فرنسية في البحر المتوسط، ودعت حلف شمال الأطلسي إلى التعامل مع “تصرفات أنقرة العدائية”.

وجاء الاعتداء التركي على السفينة الفرنسية بينما كانت تحاول إيقاف سفينة تركية محملة بالأسلحة إلى الميليشيات الليبية في إطار مهمة “إيريني” الأوروبية التي تهدف إلى وضع حد لانتهاك القرار الدولي حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا.

ودفع الاعتداء التركي الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى إعادة وصف حلف شمال الأطلسي بـ”الميت سريريا”، وهو التصريح الذي يثير التكهنات بشأن مستقبل الحلف في ظل الصراعات المتصاعدة بين أعضائه وخاصة فرنسا وتركيا.

ولا يبدو أي من الطرفين بصدد التراجع خصوصا وأن فرنسا تعبر عن قلق أوروبي وإقليمي بينما تتصرف تركيا على أساس توفر ضوء أخضر أميركي لها في شرق المتوسط وفي ليبيا حتى على حساب الحلفاء الأوروبيين التقليديين.

وفي ظل هذه التطورات يبدو واضحا أن فرنسا باتت مقتنعة أكثر من أي وقت مضى بأن “الناتو” مشروع أميركي وأن مصالح أوروبا هي آخر اهتماماته، وهو ما يعيد إلى الواجهة مشروعا فرنسيا قديما بشأن إنشاء ناتو أوروبي.

وينظر إلى التدخل العسكري التركي في ليبيا على أنه واجهة أميركية للتصدي لفرنسا أولا ولروسيا بدرجة أقل اللتين تدعمان الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في حربه على الإرهاب.

وبدأ التوتر الفرنسي التركي منذ توقيع أنقرة لاتفاقية تقسيم مناطق النفوذ والمصالح في البحر المتوسط مع حكومة طرابلس (حكومة الوفاق) وهو الأمر الذي تعتبره اليونان انتهاكا لمصالحها في المتوسط، وازدادت حدة التوتر مع تلويح تركيا بإشعال حرب وسط ليبيا بهدف السيطرة على سرت والموارد النفطية.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الأربعاء إن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي سيجتمعون في الثالث عشر من يوليو لبحث موضوع تركيا، مشيرا إلى إمكانية بحث فرض عقوبات جديدة على أنقرة.

وأضاف لو دريان أمام جلسة في البرلمان “بناء على طلبنا سيُعقد اجتماع لوزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في الثالث عشر من يوليو لبحث مسألة تركيا على وجه التحديد… فرض الاتحاد الأوروبي بالفعل عقوبات على تركيا بسبب قيامها بالتنقيب في المنطقة الاقتصادية لقبرص. ربما يجري النظر في فرض عقوبات أخرى”.

وبالإضافة إلى تهديد المصالح الاقتصادية لأوروبا يهدد النفوذ التركي المتصاعد الأمن الأوروبي بسبب إرسال أنقرة لآلاف المرتزقة السوريين من بينهم عناصر متطرفة من جبهة النصرة وتنظيم داعش، وسط مخاوف من تكرار سيناريو ابتزاز الرئيس التركي رجب طيب أردوغان لأوروبا بالمهاجرين بعد سيطرة ميليشيات حكومة طرابلس على سواحل المنطقة الغربية.

وتزايد الحديث في فرنسا مؤخرا بشأن ضرورة استبعاد تركيا من حلف شمال الأطلسي نظرا إلى ما يشكله تواجدها من خطر على وحدته.

وحذر سفير تركيا في فرنسا إسماعيل حقي موسى أمام لجنة في مجلس الشيوخ الفرنسي الأربعاء من أن حلف شمال الأطلسي (ناتو) بلا تركيا سيعني نهاية الحلف، وذلك ردا على إشارة أعضاء فيه إلى “الإمبريالية التركية” وتعريض الوجود التركي في الحلف “للخطر”.

وفي أوج توتر بين فرنسا وتركيا، قال سفير أنقرة أمام لجنة الشؤون الخارجية والدفاع في مجلس الشيوخ الفرنسي “تصوروا ناتو بلا تركيا! لن يكون هناك ناتو بلا تركيا! لن تعرفوا كيف تتعاملوا مع طهران والعراق وسوريا وجنوب المتوسط والقوقاز وليبيا ومصر”.

وتابع إسماعيل حقي موسى أن “تركيا ليست أي بلد في الحلف”، مشيرا إلى وزنها السكاني والعسكري.

وأضاف “حرسنا الجانب الجنوبي والشرقي خلال الحرب الباردة بجهود كبيرة وفي بعض الأحيان على حساب ازدهار أمتنا وشعبنا”.

العرب