هل تصبح تركيا مثل إيران؟ هذا السؤال كنا نسمعه منذ أنْ أصبح نفوذ الجيش التركي في أدنى مستوى له، وكنا نسمع دومًا جملة “اذهبوا أنتم إلى إيران”، وكذلك كان طلبة المدارس الدينية ومدارس الأئمة والخطباء، وخصوصًا الفتيات منهم، يسمعون الاستهزاء بهم وبلباسهم.
وهذا السؤال بكل تأكيد كان يتكرر كلما حدثت أزمة في البلاد، وأصبح هاجسًا يطارد حزب العدالة والتنمية، لكن ما يحدث الآن هو العكس تمامًا، فالذين كانوا يسألون هذا السؤال، أصبحوا اليوم يقولون: “لتكن تركيا مثل إيران”.
كانوا يصفون اردوغان بأنه “خادم إيران”، ويصفون هاكان فيدان بأنه “الابن الخفي للخميني”، ويتهمون الدولة بكل مؤسساتها بأنها عميلة لإيران، والآن هؤلاء أنفسهم أصبحوا يمدحون إيران، وهذا ما يقوم به الإعلام الموازي والإعلام المعارض.
وأصبحت جريدة “جمهوريت” المعارضة تنشر مقالات لوزير الخارجية الإيراني جواد ظريف والذي كان يتهم فيها تركيا، وهؤلاء اليوم أصبحوا يدافعون عن جمهورية إسلامية إيرانية وينتقدون جمهورية علمانية تركية!
ولم يصل الأمر إلى هذا الحد؛ بل إنّ رئيس حزب الشعب الجمهوري والذي يعتبر حزبًا علمانيًا أسسه أتاتورك، قد أفطر في رمضان مع السفير الإيراني، وتبادلوا رسائل دافئة بينهما، وكما حضر رؤساء بلديات ممثلين عن حزب الشعب الجمهوري هذا الإفطار.
ولابد هنا من ذكر التصريح الذي ذكره إرين إرديم النائب عن حزب الشعب الجمهوري، والذي قال فيه: “إذا ما وقعت تركيا في مواجهة إيران، فإنني سأقف إلى جانب إيران”، وبرغم أنّ “اتحاد الشباب التركي” كان يتهم تركيا بأنها تتجه نحو “الأسلمة”؛ إلا أنّ المجموعة نفسها “اتحاد الشباب التركي” شاركت في مؤتمر للشباب في إيران تحت عنوان “الاتحاد العالمي للشباب المناهض للإمبريالية”.
وحسب إحصائيات منظمة العفو الدولية، فإنه ومنذ مجيء نظام روحاني إلى سدة الحُكم في إيران، أي منذ عام 2013، فقد تم إعدام ما يزيد عن 1800 شخص، منهم 700 تم إعدامهم خلال هذا العام، وحسب المنظمة نفسها، فإنّه يصدر حُكم بالإعدام في إيران مرة كل 3 أيام، وحسب أرقامهم، فإنّ أحكام الإعدام التي تم تنفيذها في عهد روحاني أكثر مما تم إعدامه في آخر 25 سنة.
وتشير المنظمة إلى تلقي بعض الأشخاص أحكامًا بالسجن المنزلي من دون أي تهم أمثال حسين موسوي، والسبب في ذلك أفكارهم ومعتقداتهم، فضلًا عن تنفيذ الأحكام المتعلقة بشرب الخمر والإفطار في رمضان من جلد وقطع للأيدي والأرجل وغيرها.
وهكذا هي الدولة الإيرانية التي وصفها الكمالي جان دوندار بقوله: “بينما إيران تنفتح على العالم تركيا تنغلق على نفسها”، لكنّ هؤلاء الإيرانيين الأتراك لا يشبهون الكماليين بشيء، أليس كذلك؟
هؤلاء الذين يتخذون من عداوة أدروغان ذريعة لنسف دولتهم، يرون فيما يقوم به حزب العمال الكردستاني بأنه شيء معقول وطبيعي، وهكذا هو إعلامهم، ونحن بسبب ذلك أصبحنا اليوم أمام خطر النفوذ الأمريكي والألماني والإيراني، وعلى ما يبدو أنهم لا يدركون أننا نعيش خطرًا حقيقيًا يتمثل في احتمال الوقوع تحت الهيمنة والسيطرة الإيرانية.
هلال قابلان
ترك برس