قال مسؤولون حكوميون ومصادر في الشرطة العراقية ومسعفون إن مسلحين قتلا مستشارا سابقا للحكومة يعمل محللا سياسيا قرب منزله في بغداد في عملية اغتيال نادرة لشخصية بارزة في العاصمة العراقية.
ووصف المسؤولون الحكوميون مقتل هشام الهاشمي، الذي كتب عن الشؤون السياسية وتنظيم الدولة الإسلامية ودور الفصائل المدعومة من إيران في العراق، بأنه عملية قتل عمد لكنهم لم يشيروا بأصابع الاتهام إلى جماعة بعينها.
وعرف الهاشمي طيلة مسيرته المهنية كمحلل سياسي بمواقفه الرافضة للوصاية الإيرانية على العراق، وكان دعا في لقاءات سابقة إلى “تأسيس لجنة لبدء نزع السلاح ودمج الميليشيات وبدء الحوارات، إما بتجميد هذه الأسلحة أو وضعها تحت إدارة القوات النظامية أو شراء هذه الأسلحة من هذه الجماعات”.
ووقع الحادث في وقت يتصاعد فيه التوتر بين حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الجديدة والفصائل المسلحة والأحزاب السياسية المدعومة من إيران التي تعارضه وتتهمه بالانحياز إلى الولايات المتحدة.
وفي هذا السياق، كشف تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” أن المحلل السياسي العراقي الهاشمي كان هدفا بارزا للميليشيات التابعة لإيران منذ فترة رئاسة عادل عبدالمهدي، وقد تعرض لتهديدات جدية من الميليشيات المرتبطة بإيران، ووصفت مقتله بالخسارة الجسيمة في الحرب على الإرهاب، حيث يُعتبر أحد أبرز الخبراء الدوليين المحللين لتنظيم داعش، ولديه العديد من الأبحاث المهمة في هذا الشأن، وقدم إسهامات كبيرة للحكومة العراقية.
واتهم التقرير الميليشيات الإيرانية بقتل الهاشمي، واصفا ما حدث بأنه مخطط اغتيال يسير ببطء ويستهدف كل من ينتقد إيران.وردا على اغتيال الهاشمي، أطلق رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، ثلاثة وعود بملاحقة القتلة، وبعدم السماح بعودة الاغتيالات، وبحصر السلاح في يد الدولة.
وقال الكاظمي، في بيان “تلقينا ببالغ الحزن والأسف، نبأ استشهاد الخبير الاستراتيجي، هشام الهاشمي، على يد مجموعة مسلحة خارجة عن القانون”.
وأضاف الكاظمي “نتوعد القتلة بملاحقتهم لينالوا جزاءهم العادل، ولن نسمح بأن تعود عمليات الاغتيالات ثانية إلى المشهد العراقي، لتعكير صفو الأمن والاستقرار”.
فيما دعا رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، في بيان، “الجهات الحكومية المسؤولة إلى الكشف عن التحقيقات (في عملية الاغتيال) للرأي العام، وبيان الجهات المتورطة بهذا العمل الجبان بشكل عاجل، ولاسيما بعد تكرار حالات الخطف والاغتيال لعدد من الشخصيات والأصوات الوطنية”.
كما تم الإعلان عن تشكيل هيئة تحقيقية تختص بجرائم الاغتيالات. وذكر مجلس القضاء الأعلى أنه تم “تشكيل هيئة تحقيقية قضائية من ثلاث قضاة وعضو إدعاء عام تختص بالتحقيق في جرائم الاغتيالات في العاصمة بغداد وفي بقية المحافظات”. وأوضح المجلس، في بيان، أن الهيئة ستعمل “بالتنسيق مع وزارة الداخلية”.
وعمليات الاغتيال ظاهرة مألوفة في العراق، منذ سنوات، وغالبا ما يتم توجيه أصابع الاتهام إلى فصائل شيعية مسلحة تستهدف تصفية خصومها والمناوئين لأفكارها، مقابل نفي من هذه الفصائل. ويتعرض رئيس الوزراء الجديد لضغوط متزايدة من الفصائل الموالية لإيران منذ توليه منصبه في مايو.
وأغضبت مداهمة استهدفت مقرا لفصيل قوي تدعمه إيران الشهر الماضي قوات الحشد الشعبي التي ضغطت على الحكومة للإفراج عن المعتقلين. وجرى إطلاق سراح معظم المعتقلين تقريبا على الفور.
ويرأس الكاظمي حكومة يجب أن توازن بين المصالح المتنافسة للولايات المتحدة وإيران، وهما حليفتا العراق الرئيسيتان.
وتريد الولايات المتحدة من الحكومة العراقية وضع حد للهجمات الصاروخية المنتظمة على المنشآت الأميركية والتي تحمل واشنطن مسؤوليتها لفصائل مدعومة من إيران.
وتوالت الإدانات الدولية لحادثة الاغتيال، حيث دعت كل من الأمم المتحدة والولايات المتحدة وبريطانيا، السلطات العراقية إلى محاسبة المسؤولين عن اغتيال خبير عراقي في شؤون الجماعات المسلحة.
صحيفة العرب