باكستان وشاه إيران: هل تكرر الولايات المتحدة الخطأ الذي ارتكبته في عام 1979؟

باكستان وشاه إيران: هل تكرر الولايات المتحدة الخطأ الذي ارتكبته في عام 1979؟

ربما تكون الحرب في العراق هي الجولة الأخيرة لأمريكا في حربها العالمية ضد الإرهاب. ولكن أين بدأ الإرهاب في العالم؟ لقد كان العراق جزءًا خطيرًا من المعادلة، لكنه لم يكن رأس الأفعى الإرهابية، كما أشرنا في كثير من الأحيان.

يجب علينا أن نعود إلى التاريخ لنرى جذور الإرهاب القاتلة؛ ومن ثم التعامل مع سبب المشكلة. إنّ تدمير فروع شبكة واسعة من الإرهاب العالمي ليس كافيًا؛ بل يجب علينا اجتثاث شجرة الإرهاب من جذورها. إنها الطريقة الوحيدة لكسب هذه الحرب.

عندما قاد الشاه محمد رضا بهلوي إيران، كان حليفًا قويًا لأمريكا. ولكنّ الصحافة الليبرالية والسياسيين الأمريكان اعتقدوا أنّه لم يكن ديمقراطيًا؛ لذلك ساعدوا على الإطاحة به من السلطة. ومع سقوط بهلوي، لم تمنحه أمريكا أي دعم.

ثم في عام 1979، أطاح آية الله روح الله الخميني بالشاه، وأسس إيران التي يعرفها العالم اليوم كدولة راعية للإرهاب. وبعد عشر سنوات، وبعد فترة وجيزة من موت الخميني، أصبح هاشمي رفسنجاني رئيسًا وكثّف شبكة إيران الدولية للإرهاب. وحينها فقط بدأ بعض المراقبين معرفة ما الخطأ الفادح الذي ارتكبه الليبراليون بسبب المساعدة سقوط الشاه.

في عام 1994، وصف وزير الخارجية آنذاك وارن كريستوفر إيران بأنها “أخطر دولة راعية للإرهاب في العالم“. ويا له من أمر مثير للشفقة أن تصدر هذا التصريح ولا تفعل شيئًا حيال ذلك! ما مدى قوة أمريكا حينها؟ لقد أدركت أمريكا منذ سنوات ما هي “الدولة الراعية للإرهاب في العالم“. ولكنها تفتقر إلى الإرادة للتعامل مع إيران وتحميلها مسؤولية الأعمال الإرهابية.

وفي تسعينيات القرن المنصرم، أصبح الإرهاب الذي ترعاه الدولة متأصلًا في إيران، ولم يفعل قادة أمريكا أي شيء لمواجهته. وسمحت الولايات المتحدة لإيران بالاستمرار في رعاية الإرهاب حتى اليوم!

أمريكا مسؤولة أكثر من أي دولة أخرى (بصرف النظر عن إيران نفسها)، عن الإطاحة بالشاه والتبشير بقدوم آية الله الخميني؛ لذا يمكننا القول بأنّ الضعف الأمريكي كان أكبر كارثة في السياسة الخارجية في القرن العشرين!

مع أخذ هذا التاريخ بعين الاعتبار، دعونا نطرح هذا السؤال: هل هذا السيناريو الكابوسي يحدث مرة أخرى؟

من حيث عدد السكّان، باكستان هي الدولة الإسلامية الأكبر في العالم، بعد إندونيسيا؛ حيث يبلغ عدد سكانها أكبر من إيران والعراق وأفغانستان وكوريا الشمالية.

تمتلك باكستان أيضًا قنبلة نووية ويمكن الاستيلاء عليها من قِبل المتطرفين بمساعدة إيران. وهذا يعني أنه من الممكن أن تصبح وكيلًا للملالي الإيرانية، وهذا سيكون أسوأ كارثة محتملة!

لقد ساعد تجاهل وضعف الولايات المتحدة على دفع إيران إلى أحضان المتطرفين. يمكن أن يحدث الأمر نفسه مع باكستان ما لم تتعلم أمريكا من تاريخها مع إيران. لا يمكننا أن نرتكب الخطأ نفسه مرتين. وإذا فعلنا ذلك، سيصبح كابوسًا للعالم كله!

قاد الرئيس الباكستاني برويز مشرف باكستان لتكون حليفًا رئيسًا لأمريكا في حربها على الإرهاب. كما قاد الشاه رضا بهلوي إيران لتكون حليفًا قويًا لأمريكا أيضًا في سبعينيات القرن الماضي.

صرّح السفير السابق في الأمم المتحدة، جون بولتون، أنّ أمريكا يجب أن تدعم “مشرف” لضمان أن تلك الأسلحة النووية لا تقع في أيدي الجهاديين. وقال بولتون في 11 نوفمبر عام 2007 لقناة CNN: “هذا وضع خطير للغاية“. ويبدو أنه كان مُحقًا.

كما ورد في عدد سابق من صحيفة فورين بوليسي: عاصفة إرهابية مثالية يمكن أن تختمر في باكستان. وعندما طُلب من العديد من الخبراء الباكستانيين اختيار الدولة التي من المرجح أن تصبح المعقل القادم لتنظيم القاعدة، اختار الكثير منهم باكستان أكثر من أي بلد آخر، بما في ذلك العراق. كان أسامة بن لادن لا يزال طليقًا على طول الحدود الجبلية بين باكستان وأفغانستان، حيث يعيد تنظيم القاعدة تجميع قواته. كما قيل إنّ جهاز المخابرات في البلاد لا يزال يتعاون مع عناصر إسلامية متطرفة، وأنّ المستقبل السياسي للرئيس برويز مشرف يبدو معرضًا للخطر. كل هذه التطورات كانت لتصبح غير مثيرة للقلق لو قال الخبراء إنّ باكستان هي الدولة الأكثر احتمالًا لنقل التكنولوجيا النووية إلى الإرهابيين في 3-5 سنوات القادمة. إنّه مزيج مرعب.

كما هدد الرئيس الأمريكي آنذاك والكونجرس الذي كان يسيطر عليه الديمقراطيون بقطع المساعدات المالية والعسكرية إذا لم يعقد “مشرف” الانتخابات في مطلع العام المقبل. وفي المقابل تعهدوا للرئيس مشرف بعدم قطع المساعدات الأمريكية.

أمر القادة الأمريكان “مشرف” بخلع زيه العسكري وإعطاء الحرية الحقيقية لهذا البلد. ومع ذلك، كان الجيش هو المؤسسة الوحيدة التي تمنح الاستقرار للبلاد المنقسمة بالفعل. وهذا مثال آخر على محدودية ما يعرفه القادة الأمريكان عن باكستان.

هل الانتخابات المبكرة هي الحل حقًا؟ لقد أجبر الغرب غزة لإجراء انتخابات مماثلة. هل نسينا أن حركة حماس فازت بتلك الانتخابات؟ والآن، باتت إسرائيل محاصرة من قِبل الإرهاب الذي ترعاه إيران.

ما هي النتيجة النهائية لذلك الفشل الذريع؟

هذه هي الحقيقة المؤلمة: كان من الممكن ألّا يوجد أي إرهاب ترعاه الدولة في الشرق الأوسط إذا كان لدى أمريكا الرغبة في استخدام قوتها. ولكن مشكلة أمريكا أسوأ من مجرد امتلاكها لإرادة ضعيفة. لقد ساعدت أمريكا في وقوع حلفائها في أيدي المتطرفين. وهذا نوع خطير من التجاهل.

لقد ساعدت أمريكا على التخلص من شاه إيران “الفاسد” في عام 1979، وحل محله آية الله الخميني، الذي بدأ الإرهاب الذي ترعاه الدولة في الشرق الأوسط. هل نحن على وشك أن نرى صعود آية الله آخر إلى السلطة؟ وهذه المرة في باكستان النووية؟ وهل تتحمل أمريكا اللوم إذا حدث ذلك؟

التقرير