فتحي باشاغا وزير داخلية برتبة حاكم طرابلس

فتحي باشاغا وزير داخلية برتبة حاكم طرابلس

تونس – رفع الاستعراض الميداني لقوى الميليشيات الداعمة لحكومة الوفاق في طرابلس درجة الخلاف مع فتحي باشاغا رجل تركيا القوي في طرابلس ومصراتة، المحسوب على تنظيم الإخوان المسلمين، والذي يتولى وزارة الداخلية في حكومة فايز السراج.

ورجحت مصادر سياسية ليبية أن ينفجر الغليان الذي بدأ بقرارات حل الميليشيات المناوئة لباشاغا، ثم منع وزراء حكومة السراج من مغادرة ليبيا إلا بإذنه، في وجه المنظومة السياسية والعسكرية الموالية لتركيا التي تُسيطر على الغرب الليبي، والتي دخلت في مأزق جدي، عمقته قرارات الجيش الليبي المُتعلقة بغلق الموانئ والحقول النفطية.

وكشفت مصادر ليبية، لـ”العرب”، أنه في ظل هذا الوضع واصل فتحي باشاغا تغوله غير المسبوق؛ حيث عمد إلى إصدار أوامر لزميله وزير المواصلات في حكومة الوفاق، ميلاد معتوق، بعدم منح تراخيص هبوط وإقلاع وعبور للطيران الخاص، وكذلك الرحلات المُنظمة المؤقتة، إلا بعد أخذ الإذن منه.

وشدد باشاغا في أوامره، التي جاءت في مذكرة حملت توقيعه وجهها في الثامن من يوليو إلى وزير المواصلات، على “ضرورة تقديم قائمة بأسماء الركاب، ومطار الإقلاع والهبوط لكي يتم منح الإذن لها”، وذلك في سابقة تهيئ مناخا داخليا في ليبيا قد يفرض على حكومة الوفاق وميليشياتها واقعا جديدا وفق حسابات مُرتبطة بالأجندة الإخوانية التي تفرضها المعادلات التركية.

وبرر تلك الأوامر التي أثارت هلعا مكتوما داخل حكومة الوفاق، وقادة ميليشيات طرابلس التي لا تخفي غضبها من تغول ميليشيات مصراتة، بما اعتبره “معلومات واردة إليه من قبل الأجهزة الأمنية مفادها أن هناك عناصر إرهابية تنوي الخروج من ليبيا عن طريق طائرات ورحلات خاصة”.

واستثنى من هذه الأوامر التي تجعل منه المسؤول الأول الذي يتحكم في حركة الملاحة الجوية في غرب ليبيا، الرحلات الخاصة برئيس حكومة الوفاق فايز السراج، ونوابه أحمد معيتيق وعبدالسلام كاجمان ومحمد عماري زايد وأحمد حمزة المهدي.

ونبه مراقبون إلى أن الخطر الكامن في تلك الأوامر هو أن باشاغا أصبح يُحكم قبضته على كافة الوزراء والمسؤولين في المؤسسات والهيئات التابعة لحكومة الوفاق، والقيادات العسكرية التابعة لها، بمن في ذلك قادة الميليشيات.

في غضون ذلك قامت “كتيبة ثوار طرابلس” باستعراض قوة لأفرادها وآلياتها وسط العاصمة طرابلس، وصفه مراقبون بأنه رسائل واضحة موجهة إلى باشاغا، باعتباره يتزامن مع الجدل الواسع حول مشروع إعادة دمج الميليشيات في جهاز “الحرس الوطني” الذي تعتزم حكومة الوفاق تشكيله في عملية اِلْتفاف على المطالب الإقليمية والدولية المنادية بحل الميليشيات وتفكيكها.

سعى باشاغا إلى إرضاء بعض قادة الميليشيات بمنحهم بعض الامتيازات، منهم عبدالغني الككلي المعروف باسم “غنيوة”، الذي ترددت أنباء عن تكليفه بمهام قنصل ليبيا في إحدى الدول المغاربية، وذلك كمكافأة له على موافقته على حل الميليشيات التي كان يقودها والتي تُعرف باسم “كتيبة الأمن المركزي” الموالية لحكومة السراج.

وأثار هذا القرار استياء أوساط ليبية استنكرت تحول “مليشياوي إلى قنصل عام ليبيا”، فيما هاجم محمد سعيد الدرسي القيادي في ميليشيا “مجلس شورى ثوار بنغازي”، فتحي باشاغا، والميليشيات الموالية له، واتهمه بالسعي إلى “تفكيك هيكل الثوار”.

وحذر الدرسي من موجة جديدة من الاعتقالات ضد من وصفهم بـ”الثوار”، في وقت أعربت فيه قوى ليبية عن مخاوفها من أن تكون هذه التطورات مقدمة لموجه ثانية من الصدامات المُسلحة بين الميليشيات في طرابلس، التي شهدت الخميس الماضي اشتباكات في منطقة “جنزور”، إحدى ضواحي العاصمة، وفي مدينة مصراتة التي اندلعت فيها مواجهات مُسلحة يوم السبت في منطقة “مصيف النورس” أسفرت عن سقوط ثلاثة قتلى.

وفي خطوة من شأنها تعميق مأزق حكومة الوفاق وميليشياتها، أعلن الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر غلق الموانئ والحقول النفطية من جديد، حيث اشترط لإعادة فتحها تحقيق ثلاثة مطالب أساسية، أولها “فتح حساب خاص بإحدى الدول تودع به عوائد النفط مع آلية واضحة للتوزيع العادل لها على كافة الشعب الليبي بكل مدن وأقاليم ليبيا وبضمانات دولية”.

ويتعلق المطلب الثاني بـ”وضع آلية شفافة وبضمانات دولية للإنفاق تضمن ألا تذهب هذه العوائد لتمويل الإرهاب والمرتزقة وأن يستفيد منها الشعب الليبي دون سواه وهو صاحب الحق في ثروات بلاده”، بينما يشترط المطلب الثالث “ضرورة مراجعة حسابات مصرف ليبيا المركزي بطرابلس لمعرفة كيف وأين أنفقت عوائد النفط طيلة السنوات الماضية”.

العرب