الباحثة شذى خليل*
يعاني العراق نقصاً في إمدادات الطاقة الكهربائية منذ العام 1990 عقب فرض الأمم المتحدة حصاراً على العراق، وتفاقمت المشكلة بعد العام 2003، وازدادت ساعات انقطاع الكهرباء الى نحو عشرين ساعة في اليوم الواحد. ورغم كونه من أهم الدول المنتجة للنفط، إلا أن الاستثمار في قطاع الكهرباء لم يحظى بالاهتمام الواجب من الحكومات العراقية المتعاقبة منذ 2003.
تعد منظومة الطاقة الكهربائية في العراق، معدومة ومتهالكة وغير قادرة على تلبية احتياجات المواطنين حيث وصل قطع الكهرباء لأكثر من 16 ساعة في اليوم، تسجّل درجات الحرارة، في مختلف المدن العراقية، معدّلات قياسية، قاربت الخمسين درجة مئوية، مع استمرار فرض السلطات العراقية حظر التجوّل والإغلاق شبه التام، لمواجهة تفشي فيروس كورونا، ويعتمد السكّان لتأمين التيار الكهربائي، على المولّدات الأهلية، التي تبيع وحدات الطاقة وفقاً لنظام “أمبير”، بواقع 15 ألف دينار للأمبير الواحد (نحو 12 دولاراً)، وهو ما يشكّل عبئاً مادياً إضافياً على السكان. فمنهم من لم يتمكّنوا من دفع تكاليف الكهرباء لأصحاب المولّدات، ما أدى إلى قطع التيار الكهربائي عنهم.
ازمة الكهرباء متجددة على حياة وصحة اغلب العراقيين ولا يوجد حل قريب او بعيد منذ سنوات طويلة.
أكد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي أن عدم معالجة أزمة الكهرباء في البلاد يعود إلى الفساد والهدر المالي، وسوء الإدارة، خاصة الظرف الاقتصادي والمالي الذي يمر على البلد من انهيار أسعار النفط عالميا نتيجة تداعيات جائحة كورونا.
وقال الكاظمي إن ملف الكهرباء يعد أحد أهم التحديات التي تواجه عمل الحكومة الحالية، مبينا أن الفترات الماضية شهدت إنفاق مليارات الدولارات على هذا القطاع، كانت تكفي لبناء شبكات كهربائية حديثة، إلا أن الفساد والهدر المالي وسوء الإدارة حال دون معالجة الأزمة، حيث أمر بـ:
• التحقيق بالعقود التي أبرمتها وزارة الكهرباء طيلة الـ 14 عاما، إثر تراجع إمدادات الطاقة في البلاد. هذه اللجنة التي يترأسها حسن الكعبي نائب رئيس البرلمان ومهمتها التدقيق والتحقيق بتعاقدات وزارة الكهرباء من عام 2006 وحتى 2020، بحسب وثيقة رسمية صادرة من رئيس البرلمان محمد الحلبوسي ونشرتها وكالة الأنباء العراقية. وأضافت الوثيقة أن “تشكيل اللجنة يأتي من أجل الوقوف على أسباب عدم تحقيق تقدم واضح في القطاع ومحاسبة المقصرين، إثر التدهور المستمر في المنظومة الكهربائية، والإخفاقات المتراكمة طوال السنوات السابقة، ووجود شبهات فساد إدارية ومالية”.
• أمر بتفعيل كافة مشاريع الكهرباء في بلاده، وعلى رأسها الاتفاقية المبرمة مع شركة سيمينز الألمانية.
• إن الحكومة عازمة على معالجة هذا الملف من خلال تنفيذ الخطط الكفيلة بتطوير قطاعات الإنتاج، وأيضا الوقوف عند المفاصل التي تقف عقبة أمام النهوض بواقع الكهرباء، وسد جميع منافذ الفساد في هذا القطاع الحيوي المهم.
• وجّه وزارة النفط بتزويد الوقود مجاناً الى أصحاب المولدات الأهلية، مقابل تخفيض أسعار الاشتراك وزيادة ساعات التجهيز.
ويبلغ إنتاج الطاقة الكهربائية في العراق قرابة 18 ألف ميجاواط/ ساعة، بينما يبلغ حجم الاستهلاك 23 ألف ميجاواط؛ وعجز يبلغ 4000 ميجاواط، فيما يتم استيراد ألف ميجاواط من إيران.
قررت أيضا حكومة الكاظمي، اتباع سياسة تنويع التحالفات خاصة في مجال الطاقة، بعد أن اقتصر سابقوه على إيران.
حيث أعلنت بغداد الشهر الماضي عن اتفاق لتفعيل الربط الكهربائي مع السعودية، وتطوير سوق الطاقة بالإضافة إلى الاستثمار والمشاركة في تمويل مشروعات توليد ونقل وتوزيع الطاقة الكهربائية (المتجددة والتقليدية) في العراق.
الربط مع دول الخليج العربي:
ومن المقرر الربط مع هيئة الربط الكهربائي لدول مجلس التعاون الخليجي في مرحلته الأولى 500 ميجا واط لتزويد المناطق الجنوبية، لسد جزء من العجز في إنتاج التيار الكهربائي.
وأوضح مسؤول بوزارة الكهرباء العراقية، ان العراق أكمل جميع الخطوط الناقلة، وكذلك تم إكمال شبكات النقل الخاصة بالربط الخليجي، وأن “توقيع العراق مع هيئة الربط الخليجي ينص على ربط شبكات نقل الطاقة من خلال الأراضي الكويتية والسعودية عبر المحافظات الجنوبية، وخصوصا محافظة البصرة، لكن تداعيات الوضع الصحي والاقتصادي أخرت العمل”، والاتفاقية تنص على أن يكون الربط الكهربائي مع جميع دول الخليج العربي.
وكانت وزارة الكهرباء العراقية أشارت إلى أن “هيأة الربط الخليجي ستتحمل كلفة إنشاء الخطين، اللذين سيكونان بطول، (300 كم)، مقسمة بين مسافتين، داخل العراق (80 كم)، وداخل دولة الكويت (220 كم)، يتم ربطها بالمنظومة الوطنية العراقية، (محطة الفاو التحويلية) (400 ك.ف)، من جهة، وتكون امتداداً للخط الأساسي للربط الخليجي من الجهة الأخرى، وبنفس المواصفات الفنية، المحددة (1800 MVA)، ومن المؤمل استيراد (500) ميغا واط، كمرحلة أولى، يتم تجهيزها بعد إنجاز الخطين قبل صيف 2020، وبأسعار السوق الخليجية التنافسية التي ستتم المفاضلة فيها بعد الإنجاز”.
وختاما تبقى الأزمة التي يواجهها العراقيون صيف كل عام، رغم إنفاق المليارات على قطاع الكهرباء دون جدوى، وبسبب احتكار إيران تصدير الكهرباء إلى العراق وعرقلة الشركات الأمريكية العاملة في العراق مشاريع شركات دولية أخرى.
السياسة المعتمدة خاطئة، المتعلقة بالفساد والهدر المالي و بالعقود وباستيراد الطاقة الكهربائية من الغاز المخصص للمحطات الكهربائية، من اهم معوقات انهاء الازمة، لأن العراق يتمتع بكل الخيرات التي من المفترض أن يخطط لها بشكل صحيح ليعيش بلا أزمات .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية